مصر: البرلمان يقر قانوناً لـ«تحصين» كبار قادة الجيش

جدل في مجلس النواب بعد إقرار منح الجنسية والإقامة للأجانب مقابل وديعة مالية

مصر: البرلمان يقر قانوناً لـ«تحصين» كبار قادة الجيش
TT

مصر: البرلمان يقر قانوناً لـ«تحصين» كبار قادة الجيش

مصر: البرلمان يقر قانوناً لـ«تحصين» كبار قادة الجيش

وافق مجلس النواب المصري بشكل نهائي، أمس، على مشروع قانون تقدمت به الحكومة يمنح كبار قادة الجيش المصري «المزايا والحقوق المقررة للوزراء» لكل من لم يشغل من بينهم المنصب، وكذلك «الحصانة المقررة للدبلوماسيين»، فضلاً عن عدم جواز التحقيق معهم عن أي فعل ارتكبوه خلال فترة حددها القانون إلا بإذن من «المجلس الأعلى للقوات المسلحة».
وتأتي موافقة «النواب» النهائية على قانون «معاملة كبار ضباط القوات المسلحة»، بعد أقل من أسبوعين على طرحه للمناقشة أمام الجلسة العامة لمجلس النواب في الثالث من يوليو (تموز) الجاري، وشهدت الجلسة تصويت الأعضاء بالموافقة وقوفاً، فيما رفض 8 نواب القانون.
وحسب نص القانون، الذي ينتظر موافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والنشر في الجريدة الرسمية لدخوله حيز التنفيذ، فإنه «يُستدعى الضباط من كبار قادة القوات المسلحة الذين يصدر بأسمائهم قرار من رئيس الجمهورية، لخدمة القوات المسلحة مدى حياتهم، ويكون الاستدعاء لمن يشغل منهم منصباً أو وظيفة خارج القوات المسلحة فور انتهاء شغله لهذا المنصب أو تلك الوظيفة».
وكانت مسألة الاستدعاء للخدمة العسكرية بعد مغادرة المنصب عقبة قانونية حالت مع غيرها دون ترشح رئيس الأركان الأسبق للجيش، الفريق سامي عنان، لرئاسة الجمهورية، في الانتخابات التي أُجريت في مارس (آذار) الماضي.
ووفق المادة الثانية من مشروع القانون فإنه «يعامل بالمعاملة المقررة للوزير كل من لم يشغل من كبار قادة القوات المسلحة (يحددهم الرئيس) منصب الوزير أو منصباً أعلى، ويتمتع بجميع المزايا والحقوق المقررة للوزراء في الحكومة».
وفي أثناء مناقشة مواد القانون للمرة الأولى، مطلع الشهر الجاري، قال رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، عنه إنه «إذا كان به تمييز فإن هذا التمييز إيجابي».
وجاء بالقانون كذلك أنه «لا يجوز مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق أو اتخاذ أي إجراء قضائي في مواجهة أي من المخاطبين بأحكام القانون عن أي فعل ارتُكب خلال فترة تعطيل العمل بالدستور (3 يوليو «تموز» 2013)، وحتى تاريخ بداية ممارسة مجلس النواب مهامه (يناير «كانون الثاني» 2016) في أثناء تأديتهم مهام مناصبهم أو بسببها، إلاّ بإذن من المجلس الأعلى للقوات المسلحة».
وبموجب القانون، فإن «كبار قادة القوات المسلحة الذين سيحددهم الرئيس، سيتمتعون في أثناء سفرهم خارج البلاد بالحصانات الخاصة المقررة لرؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية طوال مدة خدمتهم وكذلك مدة استدعائهم».
إلى ذلك أقر مجلس النواب، تعديلات على قانون إقامة الأجانب والدخول والخروج من مصر، بما يسمح للأجنبي بالإقامة في مصر لمدة 5 سنوات بعد وضع وديعة مالية في أحد البنوك، تبلغ 7 ملايين جنيه مصري (أقل من 400 ألف دولار)، وبعدها يستطيع التقدم للحصول على الجنسية المصرية، على أن تؤول قيمة الوديعة للدولة، حال تقرر منحه الجنسية».
وأثار إقرار التعديلات أمس جدلاً كبيراً، بعد اتهامات وجهها معارضو القانون إلى الحكومة بـ«بيع الجنسية المصرية مقابل الأموال»، وهو ما أثار حفيظة الحكومة ورئيس البرلمان. فيما أوضح رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي كمال عامر، فلسفة القانون، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنه «يهدف إلى تشجيع الاستثمار غير المباشر»، مؤكداً أنه «هو ليس بدعة، ويوجد مثيله في نحو 20 دولة على مستوى العالم».
وأثار النائب هيثم الحريري، عضو تكتل (25 - 30) المعارض، حالة من الصخب داخل المجلس، في أثناء مناقشته وقبيل إقراره، أول من أمس، قائلاً: «إن الحكومة لا ترى عيباً في هذا»، متهماً إياها بأنها «تنتهج سياسة اتخاذ أي قرار لجلب الأموال حتى لو كان ببيع الجنسية، ولكل من معه وديعة»، وقال إن «التحجج بزيادة الاستثمار هو ابتزاز، فهناك فارق بين الإقامة والجنسية، وكل المستثمرين يطلبون تسهيل إجراءات الإقامة والفيزا، وليس الجنسية».
فيما اعتبر النائب مصطفى بكري أن هذا القانون «خطر»، وقال إنه رغم ثقته بالأجهزة الأمنية أنها ستدقق في من سيحصل على الجنسية، فإن الجنسية المصرية لا تُباع ولا تُشترى، وتابع: «كيف أفهم أن مواطناً يضع وديعة لمدة 5 سنوات ثم يحصل على الجنسية؟».
حديث المعارض هيثم الحريري تسبب في غضب رئيس البرلمان والحكومة، حيث طالب الأول بحذفه من المضبطة، بينما قال ممثل الحكومة عمر مروان، وزير الدولة للشؤون النيابية: «نرفض تماماً ما قاله النائب، فمصر جاذبة للمستثمرين، وهذا القانون لا يأتي بجديد»، مؤكداً أن «مُكتسب الجنسية لا يمكنه ممارسة الحقوق السياسية قبل انقضاء 5 سنوات، كما أنه لا يعيّن بمؤسسة مصرية قبل مرور 10 سنوات».
وفي كلمته، أمس، عقب إقرار القانون بشكل نهائي، قال رئيس مجلس النواب علي عبد العال، إن القانون «لا يمثل بدعة من البرلمان وإنما يتفق مع قوانين مماثلة في دول العالم»، موضحاً: «هناك أولاً منظومة قانونية منظمة لإجراءات منح الجنسية، كما أن قانون الجنسية الحالي المعمول به في مصر منقول من القانون الفرنسي وبعض القوانين الوضعية التي تجيز منح الجنسية بعد قضاء إقامة طويلة في البلاد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.