إسرائيل تعرض وثيقة تشرح مسار تركيب رأس نووية على {شهاب 3}

TT

إسرائيل تعرض وثيقة تشرح مسار تركيب رأس نووية على {شهاب 3}

تعمدت قيادة «الموساد»، جهاز المخابرات الخارجية في إسرائيل، تسريب معلومات تكشف تفاصيل جديدة عن العمليّة التي نفذها الموساد في طهران، مطلع العام الجاري، وتمكن خلالها من خطف وثائق عن البرنامج النووي الإيراني، وزنها نصف طن.
وقد اختار المسؤولون الأمنيون الإسرائيليّون كشف المعلومات الجديدة أمام أبرز الصحف الأميركيّة «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«وول ستريت جورنال»، لإطلاعهم على تفاصيل عمليّة الموساد، التي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كشف عنها لأول مرة في الشهر الماضي. ولكن نتنياهو لم يعط تفاصيل كبيرة. ويأتي الآن دور الموساد نفسه ليكشف تفاصيل إضافية.
ومما جاء في أقوال المسؤولين المذكورين، أنه بتاريخ 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، في الساعة العاشرة والنصف ليلا، اخترق 24 عميلا من الموساد وصلوا من إسرائيل ودول أخرى، المخزن السري الذي تضمن الأرشيف النووي. وصل العملاء إلى الموقع واستخدموا أجهزة لحام المعادن التي عملت بدرجة حرارة 2000 درجة مئوية، وهكذا نجحوا في اختراق 32 خزينة من مجموع عشرات الخزانات التي كانت في المخزن. كذلك، خلافا لما هو متبع في حملات الموساد الأخرى، أمر رئيس الموساد العملاء عدم الاكتفاء بتصوير نسخ عن العملية، بل تهريب مستندات أصلية، توفيرا للوقت، وسعيا لعرضها في المستقبَل، في حال ادعت إيران أنها مزيّفة.
قد كان العملاء مدركين أن عليهم الهرب من الموقع حتى الساعة الخامسة فجرا، لأن الحراس الإيرانيين يبدأون عملهم في الساعة السابعة صباحا. وهكذا أمضى العملاء ست ساعات و29 دقيقة في المخازن، ثم فروا وبحوزتهم 50 ألف صفحة من المستندات، و163 قرصا صلبا. خشية من القبض عليهم، تقاسم العملاء المواد بينهم، وأخرجوها من إيران ضمن مسارات مختلفة. وعندما وصل الحراس إلى المخزن في ذلك الصباح واكتشفوا أنه اختُرِق، استدعوا السلطات الإيرانية التي بدأت بحملة قطرية للعثور على الفاعلين. وقد شارك في عمليات البحث عشرات الآلاف من قوى الأمن والشرطة الإيرانيين، ولكن نجح عملاء الموساد في تهريب المستندات السرية إلى إسرائيل، التي عرضها في وقت لاحق رئيس الحكومة نتنياهو أمام العالم.
واعترف أحد المسؤولين الإسرائيليين بأن فكرة هذه العمليّة أخذت عن قصة الفيلم الأميركي الشّهير Ocean’s Eleven، الذي يتحدّث عن سطو مسلّح لخزنات في كازينو أميركي.
وكشف مسؤول آخر، أن بداية التخطيط للعملية كانت في العام 2016. مع وصول معلومات استخباراتيّة للموساد، تفيد بأن إيران بدأت بنقل الأرشيف العسكري لمشروع «أماد» إلى مكان سرّي في العاصمة طهران، لإخفائه عن مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذين سمح لهم الاتفاق النووي المبرم بين إيران والدول الكبرى، بتفتيش المنشآت النووية الإيرانيّة. ثم حصل الموساد لاحقا، على معلومات تفيد بأن المنشأة السريّة هي أحد المخازن وسط عشرات المخازن الصّناعيّة، دون أي حراسة أمنية ذات وزن، في منطقة «شورى آباد» بريف طهران. ولم يحصل الموساد على معلوماتٍ حول مكان وجود المبنى فقط، إنّما حول المبنى الداخلي ووجود 32 خزنة داخله وقدرته الاستيعابيّة عامّة، بل وحتى حصل على معلومات أنّ الملفّات السوداء هي المهمّة. ورغم هذه المعلومات التفصيليّة، إلا أن نقاشاتٍ دارت في قيادة الموساد حول طريقة الحصول على الوثائق، تصويرها أو نقلها بالكامل إلى البلاد، قبل أن يقع الاختيار على الخيار الثاني، لأسباب عدة، أوّلها: الاحتفاظ بالتسجيلات والملفّات في خزنات من الصعب إعادة الملفات إليها من دون أن يبدو عليها أي أثر. ثانيها: تصوير الملفّات سيجبر وكلاء الموساد على البقاء داخل غرفة الخزنات لمدد زمنية متواصلة، ما سيزيد من احتمال كشفهم. ثالثها: «إبراز الإنجاز الأمني والاستخباراتي الإسرائيلي، بصورة غير قابلة للتشكيك إيرانياً». في البداية، كانت الأوامر لوكلاء الموساد بنقل كل ما تحويه الخزنات، قبل أن يكتشفوا أن ذلك شبه مستحيل، لأن كمية الملفات كبيرة جداً، وهو ما حدا بالوكلاء إلى الاستيلاء على الملفات السوداء فقط، التي عرفوا أنّها تحوي معلوماتٍ عن برنامج «أماد» النووي.
وعرض الإسرائيليون عددا من الوثائق التي جلبوها، وفيها وثيقة تتضمن شرحا تفصيليا لمسار تركيب رؤوس نووية على صاروخ شهاب 3. ووثيقة تتحدث عن المصاعب في تخصيب اليورانيوم ووثيقة تضم جدول أسعار اليورانيوم.
وهناك وثيقة أخرى مكتوبة بخط اليد من عالم الفيزياء الإيراني، محسن فخري زادة، الذي يعتبر أب المشروع النووي الإيراني «أماد»، تظهر بعض الملاحظات على صعوبات التقدم في المشروع والإصرار على الاستمرار فيه.
وأطلع مسؤولو الموساد أولئك الصحافيين على بعض الصور التي التقطت للمخزن من الخارج، حيث يبدو مثل بقية المخازن التجارية تماما، ومن الداخل حيث تظهر «الملفات السوداء اللون ذات الأهمية». وقال إن إسرائيل تابعت عملية نقل الوثائق إلى هذا المخزن طيلة سنتين، من دون أن يعلم الإيرانيون شيئا عن ذلك. وقد أشركت إسرائيل الولايات المتحدة ببعض أسرار متابعتها لعمل المخزن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.