السيسي يحذر من استخدام الدين في تدمير الدول

دعا المصريين إلى «تحمل الدواء المر» المتمثل في خفض دعم الوقود

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي داخل فرع للبنك الأهلي في القاهرة وهو يقدم تبرعا ماليا لصالح صندوق «تحيا مصر» أمس (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي داخل فرع للبنك الأهلي في القاهرة وهو يقدم تبرعا ماليا لصالح صندوق «تحيا مصر» أمس (إ.ب.أ)
TT

السيسي يحذر من استخدام الدين في تدمير الدول

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي داخل فرع للبنك الأهلي في القاهرة وهو يقدم تبرعا ماليا لصالح صندوق «تحيا مصر» أمس (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي داخل فرع للبنك الأهلي في القاهرة وهو يقدم تبرعا ماليا لصالح صندوق «تحيا مصر» أمس (إ.ب.أ)

أدلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بأول تصريحات تنم عن تعاطفه مع ثلاثة من صحافيي قناة «الجزيرة» المسجونين في مصر في القضية المعروفة إعلاميا باسم «خلية الماريوت». وقال السيسي إنه كان يتمنى ترحيل الأجانب منهم لبلادهم وعدم تقديمهم للمحاكمة.

وصدرت أحكام بالسجن، حضوريا، بين سبع وعشر سنوات بحق ثلاثة من العاملين في قناة «الجزيرة الإنجليزية»، وهم الأسترالي بيتر غريست، والكندي - المصري محمد فهمي، والمصري باهر محمد، بعد إدانتهم من محكمة مصرية الشهر الماضي بنشر أخبار كاذبة تضر بمصالح البلاد ودعم جماعة الإخوان المسلمين.

ورحبت أسرة الصحافي الأسترالي «غريست» أمس بتصريحات السيسي، بينما أعرب محامي المحكومين، محمد فاروق، لـ«الشرق الأوسط»، عن أمله في أن يكون كلام الرئيس مؤشرا على احتمال العفو عنهم خلال الفترة المقبلة. وكشفت عن تصريحات الرئيس المصري بشأن قضية صحافيي «الجزيرة» التي تحظى باهتمام دولي، مصادر شاركت في لقاء السيسي برؤساء تحرير صحف وإعلاميين أول من أمس، أي قبل يوم واحد من مقابلة أخرى أجراها أمس مع رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، محمد فائق.

وفي وقت لاحق من أمس ألقى السيسي كلمة للشعب في ذكرى «العاشر من رمضان»، حذر فيها مجددا من خطر استخدم الدين أداة لتدمير الدول، وأضاف، مشيرا إلى جماعة «الإخوان»، أنه «يوجد فصيل لا يعرف ربنا، ومستعد لهدم مصر، ويعتقد أن هذا حرب مقدسة». وشدد على أن الحكومة تعمل من أجل تقليل معاناة المواطنين، وطالب القادرين بالوقوف إلى جانب مصر والتبرع لصندوق «تحيا مصر» لدعم الاقتصاد.

وفي خطوة لتشجيع المواطنين على التبرع، توجه السيسي إلى مقر البنك الأهلي المصري فرع مصر الجديدة، وقدم تبرعا لصندوق «تحيا مصر».

وكان السيسي قال في لقاء مع صحافيين محليين أول من أمس إنه كان يتمنى أن يجري ترحيل صحافيي «الجزيرة» بدلا من محاكمتهم. لكنه أضاف أن «البعض في الخارج ينظر إلينا وكأننا نتدخل في القضاء».

وحوكم في القضية 20 متهما، بينهم تسعة من موظفي «الجزيرة». ومن بين المدانين 11 هاربا حكم عليهم بالسجن لمدة عشر سنوات، بينهم صحافيون أجانب أيضا، وكوادر إخوانية أخرى، بعضهم تمكن من مغادرة البلاد قبل صدور الأحكام، فيما كانت قد صدرت أحكام بالبراءة لصالح عدد من المتهمين في القضية. وفسر محامي المحكومين، فاروق، كلام السيسي على أنه ربما تلميح لاعتزام الرئيس المصري استخدام سلطته للعفو عن السجناء، مشيرا إلى أن القضية من البداية لم يكن ينبغي أن تسير على هذا النحو.

من جانبها، رحبت أسرة الصحافي الأسترالي بتصريحات السيسي. وقال آندرو شقيق غريست لمحطة «إيه بي سي» أمس إن تصريحات الرئيس المصري مشجعة، إلا أنهم ما زالوا يتطلعون إلى رؤية إطلاق سراح الصحافيين. وأضاف آندرو: «إنني واثق من أن صور بيتر في قفص الاتهام والمحكمة ليست هي الصور التي تريد مصر أن يراها العالم» عنها. وقال أيضا: «إنني متأكد من أن الدعاية التي يجنونها من وراء هذا ليست هي الدعاية التي تريدها أي دولة».

وكان غريست يعمل صحافيا في مكتب «الجزيرة» باللغة الإنجليزية في القاهرة، وهو المكتب الذي كان يديره محمد فهمي المصري الذي يحمل أيضا الجنسية الكندية، بينما كان باهر محمد، يعمل منتجا في مكتب القناة. وقالت محكمة جنايات القاهرة، خلال جلسات المحاكمة، التي حضرها أيضا سفراء بريطانيا وكندا وهولندا وأستراليا ومراقبون حقوقيون محليون ودوليون، إن المتهمين أدينوا بنشر أخبار كاذبة ودعم جماعة إرهابية.

على صعيد متصل، اجتمع السيسي أمس مع محمد فائق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهو مجلس شبه رسمي، لكنه ينتقد أحيانا ممارسات الحكومة. وقال السفير إيهاب بدوي، المتحدث باسم الرئاسة إن السيسي أبدى حرصه على النهوض بأوضاع حقوق الإنسان في مصر، وأن تجري بلورة تطلعات وطموحات الشعب المصري التي عبر عنها خلال السنوات الثلاث الماضية في أسرع وقت، في إجراءات ملموسة تصون وتحفظ حقوق وحريات المواطن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.