أطلق رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورشة تفعيل للعمل البرلماني في ظل الجمود في عملية تأليف الحكومة، حيث دعا إلى اجتماع لهيئة مكتب مجلس النواب يوم الاثنين المقبل، تسبق جلسة انتخاب اللجان النيابية، في حين حذر البطريرك الماروني بشارة الراعي من أن التأخير في تأليف الحكومة «له تداعيات خطيرة على الوطن».
ويعد هذا الاجتماع الأول بعد انتخاب هيئة مكتب مجلس النواب الذي تلا الانتخابات النيابية، وعادة ما يسبق تأليف اللجان النيابية المزمع انتخابها يوم الثلاثاء المقبل. ويتم انتخاب اللجان النيابية، بعد تشكيل هيئة مكتب المجلس التي تجتمع وتقرر الدعوة لانتخاب اللجان النيابية ورؤسائها ومقرريها. وعادة ما يجري الاتفاق على توزيع رؤساء اللجان بالتوافق بحسب الأعراف.
واستقبل بري قبل ظهر أمس رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي وعرض معه موضوع تشكيل الحكومة. وقال ميقاتي بعد اللقاء: كانت الآراء متفقة على أن الوقت الراهن ليس للترف السياسي وعلينا جميعاً أن نضحي من أجل تشكيل الحكومة. وأعتقد أن الحكومة ستتألف، وأتمنى أن تكون على المستوى المطلوب من الوزراء الذين يملكون رؤية واحدة نحو الخروج من الأزمات الكثيرة القائمة. كذلك تحدثت مع الرئيس بري عن الجهد المشكور الذي يقوم به الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، وإن شاء الله ينجح في أسرع وقت ليؤلف هذه الحكومة التي نتمنى أن تكون على مستوى طموحاته لكي تواجه المرحلة القادمة.
وقال النائب محمد خواجة، عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، بأن انتخاب اللجان النيابية يأتي ضمن إطار قرار الرئيس بري بتفعيل العمل البرلماني «حتى لا يُصاب العمل التشريعي بالشلل في بداياته بعد الانتخابات الجديدة»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» بأن «اللبنانيين يراهنون على المجلس الجديد لتسيير شؤونهم، وهناك طروحات للبرامج قبل الانتخابات يجب أن تنفذ عبر اللجان النيابية».
وقال خواجة بأنه «بعد انتخاب هيئة مكتب المجلس كان يفترض أن يدعو بري لجلسة انتخاب اللجان، لكنه تريث لبعد تشكيل الحكومة بالنظر إلى الأجواء التي كانت سائدة بأن الحكومة سيتم تشكيلها قبل عيد الفطر (الماضي)»، مضيفاً: «لكن عندما ظهر تباطؤ في التشكيل، اتخذ الرئيس بري القرار بانتخاب اللجان كي لا ينسحب التباطؤ على العمل التشريعي».
وينطلق التريث السابق لدى بري من كون القانون اللبناني يحظر أن يكون أعضاء اللجان وزراء، وإذا حصل تعارض في هذا الصدد، فإنه يجب انتخاب بديل عن الوزراء المعينين في اللجان النيابية.
وأكد خواجة أن قرار تفعيل العمل البرلماني يأتي على ضوء رهان اللبنانيين على تفعيل العمل التشريعي وطرح مشاريع قوانين تيسر أمور الناس وتفعل عمل الدولة، بالنظر إلى أن مطبخ بحث مشاريع القوانين هو في اللجان النيابية.
ومن وظيفة اللجنة أن تناقش مشاريع القوانين والاقتراحات التي يحيلها رئيس المجلس إليها، تمهيداً لعرضها أمام الهيئة العامة لمجلس النواب. ويتألف المجلس من 16 لجنة نيابية، يكون النواب أعضاء فيها، ولا يكون عدد الأعضاء ثابتاً بحيث يتسع أو يضيق بناء على حجم اللجنة وطبيعتها.
وتتصدر اللجان في البرلمان اللبناني، لجنة الإدارة والعدل ولجنة المال والموازنة، فضلا عن لجان أخرى مثل الاتصالات والطاقة والأشغال والدفاع ولجنة حقوق الإنسان، وغيرها. ويعاد الانتخاب سنوياً. ويقدم أي رئيس أو مقرر أو أي عضو بلجنة نيابية استقالته في حال تعيينه وزيرا.
ويأتي قرار بري في ظل مراوحة في عملية تأليف الحكومة منذ نحو 50 يوماً، رغم أن بري أبلغ رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير «أن الحكومة ستولد قريباً» وأن «هناك حلحلة في عملية تشكيلها».
وفي السياق نفسه، أعلن وزير الإعلام ملحم الرياشي بعد لقائه الرئيس بري أنه «لا مشكلة بين القوات ورئيس الحكومة وهمنا ليس مقعدا بالزائد أو بالناقص والمشكلة لها علاقة بجوهر التشكيل».
ويعتبر بري أنه قدم التسهيلات الكفيلة بتأليف الحكومة، من خلال المطالبة بتوزير الشيعة من حصة «حركة أمل» و«حزب الله» مناصفة، رغم أن كتلة بري تتألف من 17 نائباً، وذلك كون الإسراع في التأليف «هو مصلحة عامة» وضرورة لتسيير أمور الناس.
وتعد العقدة المسيحية واحدة من أبرز العقد التي تواجه مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري. وغداة لقاء مع وزير الإعلام ملحم الرياشي والنائب إبراهيم كنعان، أمل البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس «خلاص الوطن وتأليف حكومة بأسرع وقت للمباشرة بالإصلاحات المطلوبة للحصول على المساعدات المادية من قروض وهبات لأن التأخير له تداعيات خطيرة على الوطن». وقال الراعي: «لا يحق لأحد التلاعب بحقوق شعبنا مهما كانت التحديات»، مشيرا إلى أن «السياسة باتت بحاجة إلى استشفاء لأنها تعاني من الفساد والسعي إلى المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة والسياسيون على عداوة فيما بينهم». ودعا إلى «بناء الوحدة الداخلية وتجنب الثنائيات والإقصاء لأن لبنان متعدد الطوائف، وغير ذلك مخالف للدستور والميثاق».
وفي السياق، اعتبر نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي في حديث إذاعي «أن سبب العقد في تأليف الحكومة ليس مكاسب تكتيكية»، لافتا «إلى أن النتيجة ذات طابع استراتيجي لا يخدم لبنان ومصالحه»، مؤكدا «أن المصالح الخارجية تلعب دورا أساسيا في التلطي وراء العناوين الداخلية لهذه المكاسب».
بدوره، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري «يسعى لتهدئة الوضع الداخلي على قدر الإمكان، وأنه لن يستسلم وسيتابع مشاوراته واتصالاته». ولفت الحجار في حديث إذاعي إلى «أن إشكالية الحكومة تتضمن جانبين: جانب التصعيد الإعلامي وجانب الحصص». وأضاف: «الحريري ينجح في تهدئة الأمور بين الأطراف بشكل أو بآخر إلا أن السقوف السياسية المطروحة لم تتبدل وهذا الأمر استنزاف للبلد».
بري يطلق ورشة لتفعيل العمل البرلماني في ظل الجمود
الراعي يحذر من تداعيات التأخير في تشكيل الحكومة
بري يطلق ورشة لتفعيل العمل البرلماني في ظل الجمود
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة