حكم جديد بتأجيل هدم الخان الأحمر لا يوقف الاحتجاجات

«ثوري فتح» يجتمع في القرية ويتهم إسرائيل بالتطهير العرقي

TT

حكم جديد بتأجيل هدم الخان الأحمر لا يوقف الاحتجاجات

تمكن محامو «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان» مساء الخميس، من استصدار قرار من المحكمة العليا الإسرائيلية، يقضي بتأجيل النظر في ملف الخان الأحمر شرقي القدس، وتجميد الهدم حتى الخامس عشر من أغسطس (آب) المقبل.
وصدر قرار المحكمة الإسرائيلية الأخير في أعقاب قرار اتخذته الاثنين الماضي، بتأجيل ترحيل تجمع الخان الأحمر الذي يقطنه نحو 190 فلسطينيا حتى يوم الاثنين المقبل.
وقال رئيس الهيئة وليد عساف: «انتزعنا هذا القرار بقوة حقنا وليس بعدالة الاحتلال»، مؤكدا استمرار فعاليات التضامن مع سكان الخان الأحمر حتى تثبيتهم على أرضهم، ولحماية بوابة القدس الشرقية من تنفيذ مخططات الاحتلال. واعتبر عساف قرار المحكمة «انتصاراً جزئياً»، مشددا على رفض الفلسطينيين كل محاولات التهجير التي يسعى الاحتلال إلى تكريسها وتكرارها.
وقال عايد مرار مدير عام الدائرة القانونية في «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان»، إن قرار المحكمة جاء بعد تقديم محامي الهيئة مخططات تفصيلية لقرى الخان الأحمر تثبت المُلكيات الخاصة للأراضي رغم محاولة النيابة الإسرائيلية رفض المخططات من دون أسباب. وأضاف أن «على محكمة الاحتلال البت بالقضية لصالح أهالي قرى الخان، وذلك لأن جميع المخططات والأوراق تثبت أحقية الأرض للفلسطينيين وفق القانون». ورأى أن «أي قرار بالهدم أو الإخلاء سيكون بمبدأ القوة والعنف لا بالقانون».
وأدى الفلسطينيون بالمئات أمس، صلاة الجمعة في منطقة الخان الأحمر، قبل أن يخرجوا في مسيرة باتجاه الشارع الرئيسي المحاذي للقرية احتجاجا على قرارات ومخططات الاحتلال بحق القرية وسكانها. ورفع المشاركون العلم الفلسطيني ورددوا هتافات منددة بإجراءات الاحتلال، وطالبوا المجتمع الدولي بلجم حكومة الاحتلال.
وعُقد مساء أول من أمس مؤتمر الأديان في القرية ذاتها بحضور شخصيات إسلامية ومسيحية، اعتبرت ما يجري في الخان هدفه تمرير جزء من «صفقة القرن».
ودعا محمود الهباش، قاضي قضاة فلسطين، ومستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، العالم أجمع للتدخل لوقف الظلم التاريخي على الشعب الفلسطيني. وأضاف: «باسم المسيحيين والمسلمين الفلسطينيين جئنا لنقول إن شعبنا موحد في الدفاع عن أرضنا، ونحن هنا على هذه الأرض قبل إسرائيل ولن يتكرر مشروع ترحيلنا عنها». وتابع أن «السلام يبدأ برحيل الاحتلال عن كل أرضنا الفلسطينية بما فيها القدس».
وقال راعي الطائفة الأرثوذكسية في مدينة رام الله عضو المجلس الوطني الأب إلياس عواد: «نحن هنا شعب واحد مسيحيون ومسلمون نقف يدا واحدة ندافع عن أرضنا الفلسطينية التي تتعرض لانتهاك المستوطنين والمستوطنات غير القانونية وغير الشرعية، وتهجير أبناء شعبنا أصحاب الأرض الأصليين». وأضاف: «نقف هنا لنرسل رسالة إلى العالم أجمع مسيحيين ومسلمين، أنه آن الأوان لأن تقفوا مع الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه، وللضغط على الاحتلال للتراجع عن انتهاكاته المستمرة».
وتسعى إسرائيل من خلال تهجير سكان الخان لاستكمال مشروع «إي وان» (E 1) الاستيطاني، وبناء 40 ألف وحدة سكنية استيطانية مكان التجمعات الـ23 المحيطة بالقدس، وعزل القدس عن محيطها.
وعقد المجلس الثوري لحركة فتح مساء الخميس جلسة لكافة أعضائه على أرض الخان الأحمر، ضمن سياسة الاحتجاج الفلسطيني على محاولات إخلائه. وأكد المجلس في بيان ختامي عقب انتهاء اجتماعه رفض كل المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى عزل مدينة القدس عن محيطها، معتبرا استهداف الخان الأحمر بأنه ضمن استمرار وإمعان الاحتلال في سياسات التطهير العرقي والتهجير القسري من جهة، ووأد حل الدولتين من جهة أخرى.
وقال: «هذه الممارسات الاحتلالية تستمد التشجيع من إدارة الرئيس الأميركي (دونالد) ترمب التي تنكرت للشرعية الدولية وتحللت عن التزاماتها إزاء حل عادل وشامل للصراع، محاولة فرض صفقة القرن».
ودعا إلى توسيع رقعة مواجهة الاحتلال ومحاربة استعماره الاستيطاني في كافة المواقع، معتبرا مخطط التهجير في الخان الأحمر والمنطقة المحيطة بمثابة رصاصة الرحمة في أي مسار تفاوضي للحل، ويفتح الباب مشرعا أمام المواجهة المفتوحة التي تتحمل حكومة الاحتلال مسؤوليتها وعواقبها، وفق نص البيان.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.