تصاعدت موجة من الغضب أمس في مدينة القرة بوللي، القريبة من العاصمة الليبية طرابلس، بسبب تغول ميليشيا مسلحة تابعة للمجلس الرئاسي داخل شوارعها، وسيطرتها على جسر وبوابة أمنية بالمدينة. وتزامنت هذه التطورات مع مطالبة شخصيات وجمعيات حقوقية بالتحقيق مع كتيبة «قوة الردع الخاصة» لاتهامها بمقتل زوجين، وذلك قبيل ساعات من اغتيال الضابط خيري الرتيمي، مسؤول الملاحة بقاعدة معيتيقة الجوية بالعاصمة، والتي تسيطر عليها «قوة الردع».
وقال العميد أحمد باني، المتحدث السابق باسم الجيش الليبي، على صفحته عبر «فيسبوك» أمس إن «زميلي العميد خيري الرتيمي وجد مغدوراً فجر اليوم (أمس) في مدينة طرابلس»، فيما نقل شهود عيان أن الرتيمي اُغتيل «أثناء خروجه من صلاة الفجر في شارع الصريم، ووجد مدرجاً في دمائه، وبدا على جسده آثار رصاص كثيف».
يأتي ذلك في وقت عبّر فيه كثير من مواطني القرة بوللي عن غضبهم من تدخل ميليشيا «الكانيات»، المعروفة باللواء السابع «مشاة ترهونة»، في مدينتهم، وهددوا بالعصيان المدني لحين خروج تلك الميليشيا من ديارهم. وسارعت وزارة الداخلية التابعة لحكومة «الوفاق الوطني» بنفي علاقاتها بتمركز المجموعات المسلحة في القرة بوللي، وقالت في بيان رسمي وجهته إلى عميد القرة بوللي «ليس لدينا فرع لقوة العمليات الخاصة، ولم نمنحهم الإذن بالدخول إلى مدينتكم».
واعتبر القانوني الليبي علي إمليمدي في حديث إلى «الشرق الأوسط» «تدخل (الكانيات) في القرة بوللي غير مبرر... وغير قانوني».
وكان علي صول، عضو مجلس النواب عن القرة بوللي، قد دان ما وصفه بـ«الانتهاكات السافرة على المدينة من قبل تشكيلات مسلحة»، محملاً حكومة (الوفاق) وأعيان مدينة ترهونة مسؤولية هذا التدخل «غير المبرر أمنياً وسياسيا واجتماعياً». ودعا في بيانه سكان المدينة إلى «الاعتصام وإعلان حالة العصيان المدني للضغط على المسؤولين عن هذه المجموعات المسلحة للخروج» من مدينته.
وسبق أن قال المجلس البلدي للقرة بوللي، التابع لوزارة الحكم المحلي بحكومة (الوفاق)، إنه «في الوقت الذي نسعى فيه للمصالحة الاجتماعية الشاملة بين أبناء الوطن واستقرار الأمن بالبلاد، فوجئنا بدخول تشكيلات مسلحة قادمة من ترهونة إلى مدينتنا، وتمركزت ببوابتي الكسارة وجسر القرة بوللي». مبرزا أن تلك التشكيلات «بدأت بتوقيف المارة في الطريق العام وتفتيشهم، كما تجولت داخل المدينة، وشكلت بوابات أخرى دون علمنا، مما أدخل الفزع والرعب في قلوب الأهالي، الأمر الذي أدى إلى خروج عدد من الأفراد والأسر من بيوتهم».
ودان المجلس البلدي دخول «الكانيات» إلى مدينتهم، مما «أخل بالاتفاقات السابقة المبرمة بين القرة بوللي وترهونة»، والتي أكدت على «احترام الجيرة وعدم دخول أي قوة إلى حدود المنطقة الأخرى»، مطالبا بـ«الانسحاب الفوري من المنطقة، وإعادة الأمور إلى نصابها التزاماً بتلك الاتفاقات»، كما حمّل البيان جهات الدولة المسؤولة على ما قد يحدث من عواقب وخيمة، وأضرار نتيجة هذا الانتهاك لحرمة المنطقة.
إلى ذلك، دانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا ما سمته بـ«الاستخدام المفرط للقوة المسلحة من قبل عناصر كتيبة (قوة الردع الخاصة) أثناء عمليات القبض على المواطنين»، لكن المتحدث باسم «قوة الردع» أحمد بن سالم قال لوسائل إعلام محلية إن «قتل الورفلي جاء بعد محاولة القبض عليه في قضايا جنائية بطلب من النائب العام». وطالب اللجنة الوطنية، في بيان أمس، اطلعت عليه «الشرق الأوسط» النائب العام بـ«سرعة التحقيق، وتوضيح ملابسات مقتل المواطن محمود العويلي الورفلي، وزوجته نجاح النعيمي، الحامل بطفليها التوأم، خلال مداهمة منزلهما منتصف الأسبوع الماضي من قبل عناصر قوة الردع».
مدينة ليبية تدرس «العصيان المدني» للتخلص من ميليشيا مسلحة
مدينة ليبية تدرس «العصيان المدني» للتخلص من ميليشيا مسلحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة