نتنياهو بحث مع بوتين «ضمانات أمنية» في الجنوب والجولان

أنباء عن طلب إسرائيل إخراج الإيرانيين من سوريا لبقاء الأسد

TT

نتنياهو بحث مع بوتين «ضمانات أمنية» في الجنوب والجولان

كشف مسؤول إسرائيلي بارز، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائهما مساء أول من أمس (الأربعاء)، أن الرئيس السوري بشار الأسد سيكون في مأمن من إسرائيل في حال تم إخراج قوات إيران من سوريا.
وأفادت مصادر إعلامية متطابقة في روسيا وإسرائيل، بأن مسؤولاً -رفض الكشف عن اسمه- قال إن نتنياهو قدم هذا الطرح خلال محادثاته مع الرئيس الروسي، من دون أن تحدد رد فعل بوتين على الشرط الإسرائيلي.
وقال المسؤول الإسرائيلي: «هم (الروس) لديهم مصلحة في استقرار نظام الأسد، ومصلحتنا في خروج الإيرانيين. هاتان (المصلحتان) يمكن أن تتصادما أو تتلاقيا». ونقل عن نتنياهو قوله لبوتين في موسكو «لن نتخذ إجراءات ضد نظام الأسد».
وزاد المسؤول الإسرائيلي أن روسيا تعمل على إبعاد القوات الإيرانية عن الجولان، وكانت قد اقترحت أن تبقى على بعد 80 كيلومتراً، لكنّ ذلك لم يلبّ طلب إسرائيل الخروج الكامل للفصائل المسلحة التي ترعاها طهران.
لكن ديفيد كييس المتحدث باسم نتنياهو، نفى صحة المعطيات، موضحاً: «نحن لا نتورط في هذه الحرب الأهلية. وسنعمل ضد كل من يعمل ضدنا».
ونقلت وسائل إعلام عن مسؤول آخر تأكيده أن رسالة نتنياهو لم تشكل عرضاً لروسيا يقوم على مبدأ «المقايضة».
وكان نتنياهو قد عقد جولة محادثات مغلقة مع بوتين استمرت نحو خمسين دقيقة، وكشف منها الكرملين جانباً محدوداً ركز فيه بوتين على عمق الصلات التي تربط إسرائيل بروسيا، وأشار إلى «تعاون سياسي وعسكري وأمني واقتصادي»، مؤكداً لتل أبيب التزام بلاده بضمان عدم تعرض أمن إسرائيل لتهديد. بينما شدد نتنياهو في كلمة جوابية على أن تل أبيب لن تسمح باختراق يأتي من جهة الجو أو من جهة البر، ولديها القدرة على مواجهة أي تهديد والرد عليه. في إشارة واضحة إلى تصدي صواريخ باتريوت الإسرائيلية لطائرات مسيَّرة أُطلقت من الأراضي السورية عشية الزيارة.
كانت مصادر روسية قد تحدثت عن مسعى قامت به موسكو لتقليص مساحة التباين في المواقف بين روسيا وإسرائيل حول ملف الوجود الإيراني في سوريا، وأشارت إلى أن موسكو تتفهم الطلب الإسرائيلي ضرورة إخلاء المناطق الحدودية جنوباً وغرباً من القوات الأجنبية بما فيها الإيرانية لكنها لفتت إلى أن العقدة الأساسية تكمن في تحديد مساحة المنطقة «العازلة» التي تسعى إسرائيل لتشكيلها داخل الأراضي السورية.
كما لفتت إلى أن الهم الأساسي الذي شغل موسكو خلال الفترة الأخيرة هو ضرورة التوصل إلى تفاهمات مع إسرائيل حول استكمال العملية العسكرية الجارية لبسط سيطرة النظام تماماً في المناطق الجنوبية والغربية، وأنه من دون تفاهم من هذا النوع ستكون التحركات العسكرية للجيش السوري أكثر تعقيداً. لكن الجانب الإسرائيلي أبلغ الكرملين وفقاً لتسريبات خشيته من قيام إيران باستغلال الوضع لتثبيت وجود قوات تابعة لها قرب خطوط التماسّ مع إسرائيل.
في هذه الأثناء، كررت أوساط روسية الحديث عن استعداد موسكو للمساهمة في تطبيع الوضع في منطقة فك الاشتباك في الجولان، عبر زج وحدات من الشرطة العسكرية الروسية في المنطقة. ونقلت وسائل إعلام عن مصادر وصفتها بأنها مطلعة، أن بوتين أكد لرئيس الوزراء الإسرائيلي ضرورة إيلاء أهمية خاصة لمنع وقوع احتكاك يمكن أن يسفر عن مواجهة، وأشار إلى أن لدى روسيا خبرة مهمة في تنفيذ عمليات الفصل بين القوات.
وكان لافتاً على خلفية زيارة نتنياهو وتكتم الكرملين رسمياً على نتائجها، أن مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي تعمد في مستهل زيارته لموسكو أمس، التركيز على «البعد الاستراتيجي» للعلاقة بين إيران وروسيا «في سوريا والمنطقة وعلى الصعد المختلفة».
وكان ولايتي قد اجتمع، أمس، مع بوتين، قبل أن يجري سلسلة لقاءات مع مسؤولين روس ركزت على الملف النووي الإيراني وعلى الوضع في سوريا.
وشدد قبل لقائه بوتين على أن «التعاون بين جبهة المقاومة بقيادة إيران وروسيا في مواجهة الإرهاب ورعاته في سوريا والمنطقة مثالي»، مؤكداً أن مثل هذا المستوى العالي من التعاون «ممكن فقط في ظل العلاقات الاستراتيجية» بين البلدين.
وعلّق على تزامن زيارته مع وجود نتنياهو بالإشارة إلى أن «نتنياهو شخص متجوّل ويطلق في كل مكان يحل فيه تصريحات غير منطقية لا أساس لها... ولا يهتم أحد بها، لذا فإن وجوده من عدمه في روسيا ليس له أي تأثير على مهمتنا الاستراتيجية في هذا البلد».
ولفتت تعليقات الصحف الروسية على تزامن الزيارتين إلى الأهمية التي توليها الأطراف الإقليمية لتنسيق المواقف مع موسكو في هذه المرحلة، ورأت أن «الوضع في سوريا وصل إلى نقطة حرجة باتت فيها موسكو أمام استحقاق وضع ملامح للمرحلة المقبلة خصوصاً على أبواب القمة الروسية الأميركية التي يريد أن يذهب إليها بوتين وهو مسلح بملفات وأفكار جاهزة وتفاهمات مع الأطراف الإقليمية الرئيسية».
ورأت شبكة «غازيتا رو» الواسعة الانتشار، أن ثمة قناعة تبلورت لدى كل الأطراف باستحالة تجاهل الدور المفصلي الذي تلعبه موسكو في مصير سوريا، وهذا سوف ينعكس خلال القمة المقبلة.
وأشارت إلى أن اهتمام موسكو بالتفاهم مع إسرائيل سببه أن هذا التفاهم سيعزز أوراق بوتين مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، و«التفاعل بين روسيا وإسرائيل في الاتجاه السوري، مستمر منذ فترة طويلة، وحتى وقت قريب كان يرضي الطرفين».
ونقلت عن الخبير الاستراتيجي تيودور كاراسيك، قوله إن ملف إخراج إيران من سوريا «كان حاضراً دائماً خلال كل لقاءات نتنياهو مع بوتين»، مشيراً إلى تفاهمات سابقة في هذا الشأن تسعى موسكو إلى تثبيتها. لكنه رأى أن الكرملين «يود أن يستمع إلى رأي الطرف الآخر» في إشارة إلى مسعى موسكو للتوصل إلى حل وسط يرضي الإسرائيليين ولا يُغضب إيران بصفتها «شريكاً ميدانياً وحليفاً سياسياً خصوصاً في مسار آستانة».
بينما رأى الخبير العسكري الروسي فيكتور ليتوفكين في حديث مع صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» أن «مطالب تل أبيب من موسكو بإخراج إيران من سوريا تماماً مستحيلة»، موضحاً أن «طهران يمكن أن تقلص وجودها العسكري في سوريا، لكنها لا تريد مغادرة البلاد بالكامل، وليس لدى موسكو أي قوة لإجبارها على اتخاذ مثل هذه الخطوة».
وأفاد بأن الكرملين ينطلق في حواراته مع الطرفين من مبدأ: «ألا تندلع حرب بين سوريا وإسرائيل، وألا تدعم تل أبيب، طواعية أو لا إرادياً، الإرهابيين الذين يحاربون الأسد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.