عباس يقرر تكريم أسرى قضوا في السجون قبل 38 عاماً

أبو مازن يتحدى الضغوط الإسرائيلية للتخلي عنهم ووقف رواتبهم

TT

عباس يقرر تكريم أسرى قضوا في السجون قبل 38 عاماً

في تحد واضح لقرار إسرائيل اقتطاع ما يعادل ما يدفع لعائلات الأسرى من رواتب، من الأموال التي تدفعها للسلطة، قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، منح «نوط القدس للشجاعة»، للشهداء الثلاثة الذين سقطوا في إضراب سجن نفحة الشهير، الذي خاضه الأسرى قبل 38 عاما.
وقال أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، اللواء جبريل الرجوب، أمس الأربعاء، إن «قرار الرئيس جاء في الذكرى الثامنة والثلاثين لإضراب سجن نفحة التاريخي عام 1980، الذي استمر 33 يوما، وشارك فيه 68 أسيرا، حيث سقط فيه الشهداء: علي الجعفري، وراسم حلاوة، وإسحق مراغة، وأصيب عدد كبير من الأسرى بجروح مختلفة».
وأضاف: «إن هذا التقدير جاء لشجاعة الشهداء وبطولاتهم في الدفاع عن حقوقهم، ونضالهم من أجل حريتهم وحرية شعبهم».
وتابع: «إن منح (نوط القدس) للشجاعة للشهداء الثلاثة، هو ليس تكريما لعائلاتهم فقط؛ بل هو تكريم للحركة الأسيرة بأكملها أيضا، بمن فيها من أسرى ما زالوا يقبعون في سجون الاحتلال ومن تحرروا».
و«نوط القدس للشجاعة»، يعد من أعلى الأوسمة التي تمنح للعسكريين والمدنيين الذين يظهرون شجاعة فائقة.
وجاء قرار عباس الذي يتوقع أن يستفز الإسرائيليين، بعد أسبوع من سَن إسرائيل قانونا لمعاقبة السلطة الفلسطينية ماليا، بسبب دفعها رواتب للفلسطينيين الأسرى في السجون الإسرائيلية وأسرهم وأسر من قتلتهم القوات الإسرائيلية.
وجاء التصويت في الكنيست الذي يضم 120 مقعدا لصالح التشريع، بواقع 87 صوتا مقابل 15. ويأمر التشريع بحجز جزء من نحو 130 مليون دولار، هو حجم عائدات الضرائب التي تحصلها إسرائيل نيابة عن الفلسطينيين شهريا، بموجب اتفاقات السلام الانتقالية.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، لاحقا، عن تشكيل هيئة عمل لفرض اقتطاع تمويل مخصصات الأسرى الفلسطينيين، وتتبع مدفوعات السلطة الفلسطينية للأسرى المُدانين وعائلاتهم.
وسيجري تكليف الهيئة، المعروفة باسم «المكتب الوطني لمكافحة تمويل الإرهاب»، بتنفيذ قانون جديد يخفض المبلغ المعادل للمدفوعات من العائدات الضريبية التي تجمعها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية.
ورد المسؤولون الفلسطينيون بالتعهد بعدم التخلي عن عائلات الأسرى ومنفذي العمليات.
وقال عباس نفسه، معقبا على القرار الإسرائيلي: «نحن ننتظر ونترقب، وسنتخذ الإجراءات التي تتناسب مع مصلحتنا فيما يتعلق بهذا الأمر. بمعنى أن المال الذي تعترض إسرائيل على دفعه لعائلات الشهداء والأسرى، هذا لن نسمح لأحد بأن يتدخل به، هؤلاء شهداؤنا وجرحانا وأسرانا، وسنستمر بالدفع لهم، ونحن بدأنا بهذا عام 1965».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».