المالكي يخطف مفهوم «الكتلة الأكبر» من التحالف الشيعي

قيادي صدري: ضغوط إيران دعما له لم تفلح معنا لكنها فعلت فعلها مع آخرين

المالكي يخطف مفهوم «الكتلة الأكبر» من التحالف الشيعي
TT

المالكي يخطف مفهوم «الكتلة الأكبر» من التحالف الشيعي

المالكي يخطف مفهوم «الكتلة الأكبر» من التحالف الشيعي

بإقرار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أول من أمس بأن الكتلة الأكبر ضمن التحالف الوطني هي ائتلاف دولة القانون وهي التي ترشح رئيس الوزراء للحكومة المقبلة، وطبقا للمراقبين السياسيين في العاصمة بغداد، فإن زعيم هذا الائتلاف، نوري المالكي، وجد نفسه أمام فرصة جديدة للمناورة السياسية على صعيد تمسك ائتلافه به بوصفه مرشحه الوحيد لولاية ثالثة على رأس الحكومة عشية الجلسة الثانية للبرلمان العراقي الجديد غدا.
وفي حين قدم كل من التحالف الكردستاني وتحالف القوى العراقية بالإضافة إلى ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه إياد علاوي، بينما غالبية نوابه من العرب السنة، إشارات واضحة بعدم المشاركة في حكومة يترأسها المالكي، فإن التحالف الوطني يجد نفسه الآن في وضع بالغ الحراجة. وقال قيادي من داخل التحالف الوطني ومقرب من التيار الصدري لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، إن «التحالف الوطني هو ليس فقط الكتلة البرلمانية الأكبر التي تستطيع وحدها، حتى ضمن الاستحقاق الانتخابي، تشكيل الحكومة (يملك 180 نائبا ويتكون من دولة القانون وكتلة الأحرار والمواطن والإصلاح والفضيلة وبدر)، بل يمثل المكون الأكبر (الشيعة) وبالتالي لا يريد أن يكون رهينة لإرادة الشركاء الآخرين لجهة التدخل في شأنه الداخلي وذلك بوضع شروط لمن يقبلونه رئيسا للوزراء أم لا». ويضيف القيادي المطلع، أن «التحالف الوطني لديه مشكلة مع المالكي وليس مع ائتلاف دولة القانون الذي هو أحد مكونات التحالف، وبالتالي فإن هناك حرصا على عدم استفزاز ائتلاف دولة القانون بما يمكن أن يؤدي إلى انهيار التحالف الوطني، سواء في حال خرج الائتلاف من التحالف أو خرج الائتلاف الوطني ممثلا بالتيار الصدري والمجلس الأعلى من التحالف، إذ إن ذلك يعني نهاية ليس الكتلة الأكبر، بل نهاية الدور الشيعي كقوة مؤثرة في الخريطة السياسية في البلاد».
ويلفت القيادي المطلع النظر إلى ما حصل أخيرا على صعيد قضية الموصل وصلاح الدين قائلا، إن «هناك شعورا لدى قوى التحالف الوطني بأن الإخوة الكرد والسنة بدأوا يتحدثون عن واقع جديد بعد سيطرة (داعش) على الموصل وتكريت، وهو ما يعني ممارسة نوع من لي الأذرع للتحالف الوطني بحجة عدم قبولهم بالمالكي»، مشيرا إلى أن «إيران ضغطت باتجاه تقوية الصف الشيعي لمواجهة خطر مشترك بصرف النظر عن الموقف الراهن من المالكي». وأوضح القيادي المطلع أن «التيار الصدري هو وحده من رفض مثل هذه الضغوط، بينما بدأت هذه الرؤية تفعل فعلها لدى باقي مكونات التحالف بما في ذلك المجلس الأعلى الإسلامي رغم رفضهم الولاية الثالثة والتجديد للمالكي من حيث المبدأ».
ائتلاف دولة القانون وعلى لسان القيادي فيه وعضو البرلمان العراقي صادق اللبان، أبلغ «الشرق الأوسط» بأن «ائتلاف دولة القانون حصل على أعلى المقاعد، سواء بين مكونات التحالف الوطني أو على صعيد الكتل الأخرى، وإذا أردنا احترام الدستور والاستحقاق الانتخابي فإن المرشح لمنصب رئاسة الوزراء يجب أن يكون من ائتلاف دولة القانون يضاف إلى ذلك أن هناك مؤيدين لائتلاف دولة القانون من كل الكتل التي تعارض الآن ترشيح المالكي لولاية ثالثة»، مشيرا إلى أن «الحديث عن بديل للمالكي من ائتلاف دولة القانون لعبة يراد بها خلق نوع من البلبلة داخل الائتلاف، وبالتالي فإن موقفنا واضح وهو أن لا بديل للمالكي لدينا».
المواقف داخل الكتل الأخرى، لا سيما تحالف القوى العراقية الذي يمثل العرب السنة وكتلة التحالف الكردستاني بدت أكثر وضوحا في رفض المالكي مهما كانت الأسباب. القيادي في تحالف القوى العراقية عصام العبيدي يقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المهم بالنسبة لنا هو التداول السلمي للسلطة وقد عبرنا عن ذلك بشكل واضح عندما أعلن زعيم (متحدون) ورئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي انسحابه من الترشح لرئاسة البرلمان رغم أنه يحظى بمقبولية، سواء داخل الكتل السنية كلها، فضلا عن الكتل الأخرى مثل الأكراد والتحالف الوطني باستثناء ائتلاف دولة القانون، بعكس المالكي المرفوض من قبل الجميع ما عدا إيران ودولة القانون». وأضاف العبيدي، أن «الكرة الآن في ملعب التحالف الوطني إذا أرادوا المضي في تشكيل حكومة وحدة وطنية تحظى بمقبولية وطنية فليس أمامهم سوى إزاحة المالكي وبعكسه فإننا لن نشارك في حكومة يكون فيها المالكي طرفا، علما بأن لدينا مرشحنا لرئاسة البرلمان وهو سليم الجبوري، فضلا عن ظافر العاني وكلاهما يحظى بقبول من الجميع».
أما القيادي في التحالف الكردستاني، مؤيد طيب، فقد أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل ما نستطيع قوله هو أننا في حال بقي المالكي رئيسا للوزراء فإن علينا أن نقرأ الفاتحة على روح العراق الواحد»، مشيرا إلى أن «بقاء العراق موحدا من عدمه بات مرهونا الآن ببقاء المالكي أو خروجه من المنصب وبالتالي فإن شرطنا للمشاركة في الحكومة وتقديم مرشحنا لرئاسة الجمهورية مرتبط بقرار من التحالف الوطني وبشكل صريح وواضح باستبعاد المالكي وطرح مرشح آخر، إذ إننا سنقبل أي مرشح غير المالكي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».