14 و 15 يناير.. الاستفتاء على دستور مصر

منصور حث «الإخوان» على التخلي عن العناد والمكابرة واللحاق بالركب

الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور في لقطة مع  أعضاء لجنة تعديل الدستور وأهالي شهداء ثورة 25 يناير عقب إعلانه أمس موعد الاستفتاء على الدستور منتصف يناير المقبل (أ.ف.ب)
الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور في لقطة مع أعضاء لجنة تعديل الدستور وأهالي شهداء ثورة 25 يناير عقب إعلانه أمس موعد الاستفتاء على الدستور منتصف يناير المقبل (أ.ف.ب)
TT

14 و 15 يناير.. الاستفتاء على دستور مصر

الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور في لقطة مع  أعضاء لجنة تعديل الدستور وأهالي شهداء ثورة 25 يناير عقب إعلانه أمس موعد الاستفتاء على الدستور منتصف يناير المقبل (أ.ف.ب)
الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور في لقطة مع أعضاء لجنة تعديل الدستور وأهالي شهداء ثورة 25 يناير عقب إعلانه أمس موعد الاستفتاء على الدستور منتصف يناير المقبل (أ.ف.ب)

دعا الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، الناخبين إلى الاستفتاء على دستور البلاد الجديد يومي 14، و15 من الشهر المقبل، في أولى خطوات خارطة المستقبل التي توافق عليها قادة الجيش وقوى سياسية ورموز دينية، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو تموز (الماضي).
وقال منصور في حفل حضره أعضاء لجنة تعديل الدستور وأهالي شهداء ثورة 25 يناير (كانون الثاني) إن «الوثيقة التي بين أيدينا اليوم (في إشارة لمشروع الدستور) هي نص يفخر به كل مصري، ونقطة بدء صحيحة لبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الحديثة التي نتطلع إليها جميعا».
وحرص منصور خلال كلمة له، هي الأطول منذ توليه منصبه، على توجيه عدة رسائل إلى مختلف الأطراف على الساحة المصرية والدولية. وبدت لافتة إشارته إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد. وقال الرئيس المؤقت «إن تلك اللحظة الاستثنائية هي لحظة المكاشفة والمواجهة والتكاتف والمسؤولية، إن اقتصادنا راسخ في أسسه، وواعد بقدراته، ولكن بغير انتظام في مسؤولية العمل الجاد المنتج، نكون قد قصرنا في حقه». وأضاف أنه «بغير قبولنا تحديات الواقع من محدودية الموارد الحالية، وبغير مكاشفة لأنفسنا لمحدودية بعض القدرات والكفاءات، سنضيف إلى تحديات ماض فرضت علينا تحديات من عند أنفسنا، لنصبح غير قادرين على تخطي أزمات الحاضر، بسوء ترتيب أولوياتنا، وعدم الصدق مع أنفسنا».
ودعا منصور من وصفهم بـ«أصحاب الآراء والمواقف المختلفة خلال الفترة الماضية»، في إشارة على الأرجح إلى جماعة الإخوان المسلمين وقوى إسلامية متحالفة معها، إلى «التحلي بالشجاعة، والتخلي عن العناد والمكابرة (...) واللحاق بالركب الوطني، والتوقف عن السعي وراء سراب وأوهام». وتابع «فلنجعل هذا الدستور بمثابة كلمة سواء، تجمع ولا تفرق، تؤلف قلوب الجميع، فالبغضاء لا تبني، والكراهية أداة هدم للأواصر الإنسانية بين أبناء الوطن، وأما الاختلاف فهو مشروع، ما دام تم في إطار سلمي يراعي صالح الوطن».
واستدعت الاحتفالية التي نظمتها مؤسسة الرئاسة في القاعة الرئيسة في قصر الاتحادية (شرق القاهرة) بحضور شيخ الأزهر، وممثل بابا الأقباط، وأعضاء الحكومة، مقارنة بين حفل مماثل نظمه الرئيس السابق مرسي العام الماضي، وخلا من قيادات الأحزاب المدنية وممثلي الكنائس المصرية. وبدا الحرص على مراعاة تقاليد البرتوكول خلال الحفل أمس واضحا. وجلس في الصفوف الأولى ممثلون عن أهالي شهداء ثورة 25 يناير، أبرزهم والدة وشقيقة الشاب السكندري خالد سعيد، الذي قتل على يد شرطيين قبل شهور من اندلاع ثورة 25 يناير، ومنح مقتله زخما للفعاليات الاحتجاجية التي انتهت بالمظاهرات الحاشدة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك قبل ثلاثة أعوام.
وحضر الحفل الذي بثه التلفزيون الرسمي الفريق أول عبد الفتاح السيسي نائب رئيس الوزراء، وزير الدفاع والإنتاج الحربي. ووضع ظهور السيسي حدا لإشاعات روجتها صحف ومواقع محسوبة على جماعة الإخوان بتعرضه لمحاولة اغتيال قبل أسبوعين. ونال الفريق أول السيسي الذي يحظى بشعبية في أوساط المصريين تصفيق الحضور عند دخوله قاعة الاحتفالية. ولا تزال التكهنات قائمة بشأن نيته الترشح إلى منصب رئيس الجمهورية، وهو أمر حرص أكثر من مرة على إرجاء حسمه. وحول القضايا الخلافية التي شهدت جدلا خلال عمل لجنة تعديل الدستور قال منصور «تباينت رؤى قوى المجتمع بشأن بعض القضايا، وهو ما قد يظن البعض أن فيه إضعافا لقضية الوطن، لكني أقول لكم إن ثراء هذا الوطن في تنوع أفكار أبنائه، وقوته تأتي من هذا الثراء إذا أحسن إدارته». وأضاف «اختلفتم أحيانا من أجل الوطن، لكنكم لم تختلفوا عليه، ندرك جميعا أن هذا العمل الجليل الذي أنجزتموه لا يصل إلى درجة الكمال، فالكمال لله وحده، وذلك شأن أعمال العباد، إلا أنه حقق إنجازا وطنيا تاريخيا مهما، بحصوله على توافقكم في الرأي عليه». وفي مسعى على ما يبدو لمعالجة مخاوف من عمليات إرهابية قد تستهدف عملية الاستفتاء، قال منصور إنه «آن لنا أن نواجه دعاة الدمار والتخريب بالبناء والعمل الجاد، وأن نتصدى لمن يؤمنون بالإرهاب وسيلة، بالمزيد من الإصرار على الحياة، تلك الحياة التي وهبنا الله إياها». وتابع «صبرنا وقاسينا وثرنا من أجل مستقبل نحيا فيه كلنا أحرارا في كنف دولة ترعى حقوق ومصالح مواطنيها، ولن نتنازل عن حريتنا، اعتقادا وتعبيرا وإبداعا. لكن ما ثرنا من أجله كان حريتنا المسؤولة، التي تبني ولا تخرب، والتي تجمع ولا تفرق. ولنعلم جميعا أن مصر وطن لا يتحمل فرقة، ومستقبله لا يقبل الانقسام، هذا هو قدره قبل أن يكون اختياره».
ووجه منصور رسالة إلى العالم قائلا «بعد أن أدركتم حقيقة ما جرى في مصر منذ 30 يونيو (حزيران) 2013 وحتى الآن، وبعد أن راجعتم أنفسكم في مواقفكم من مصر الثورة وإرادة الشعـب المصري، من خلال ما نلمسه من تحول في المواقف، وجهود للعودة بالعلاقات إلى طبيعتها.. أقول لكم إن مصر بمشروع هذا الدستور تؤكد أنها تسير على الطريق السليم في تطبيـق خارطة المستقبل، التي توافقت عليها إرادة ملايين المصريين في أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو، وهي خطوة ستتلوها خطوات واستحقاقات أخرى نحو نظام ديمقراطي حقيقي». ولا يزال المصريون في انتظار انتخاب برلمان جديد، ورئيس للبلاد، قبل منتصف العام المقبل، بحسب خارطة المستقبل. ويمنح مشروع الدستور للرئيس منصور حق تقرير إجراء أي من الاستحقاقين أولا. ووجه منصور الشكر إلى لجنة تعديل الدستور ورئيسها عمرو موسى، الذي جلس إلى جوار منصور على المنصة الرئيسة. ووجه موسى كلمة للحضور قال فيها إن «اللجنة عدلت جذريا نص دستور 2012 المعطل وغيرت توجهه، وقدمت نصا فيه الجدة والجدية والفصل بين السلطات والتفاعل بينها لصالح حسن إدارة الدولة والحفاظ على مصالح المواطنين». وأشار إلى أن «الدستور الجديد يرسي لنظام ديمقراطي، ويرسخ للدولة المدنية، ويلقي بثقله كاملا على مبدأ المواطنة، ليزدهر كل رأي وفكر»، مشددا على أن مشروع الدستور يعلي مبادئ ثورتي 25 يناير و30 يونيو.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.