تسوّل الأطفال ظاهرة مستجدة في الموصل

عصابات تستغلهم... ومطالبات بتحرك حكومي لإنقاذهم

صبي يبيع الماء لسائقي السيارات في أحد شوارع الموصل (أ.ف.ب)
صبي يبيع الماء لسائقي السيارات في أحد شوارع الموصل (أ.ف.ب)
TT

تسوّل الأطفال ظاهرة مستجدة في الموصل

صبي يبيع الماء لسائقي السيارات في أحد شوارع الموصل (أ.ف.ب)
صبي يبيع الماء لسائقي السيارات في أحد شوارع الموصل (أ.ف.ب)

يحمل الطفل محمد سالم يومياً كيساً من المناديل الورقية، ويدور في شوارع مدينة الموصل متسولاً تحت ستار بيع المناديل، لتأمين نقود كافية لإعالة أمه، بعدما قتل والده على يد تنظيم داعش خلال حرب ضروس انتهت قبل عام.
في العاشر من يوليو (تموز) 2017 أعلنت القوات العراقية «تحرير» كبرى مدن محافظة نينوى التي احتلها تنظيم داعش على مدى ثلاث سنوات، بعد 9 أشهر من معارك دامية خلفت دماراً وضحايا كثيرين. إضافة إلى ذلك، ترك حكم «داعش» آثاراً اجتماعية سلبية جديدة على الموصل، بدأت اليوم تطفو على السطح، أبرزها ظاهرة تسول أطفال أيتام فقدوا أهاليهم خلال سنوات ما قبل «التحرير»، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
عند تقاطع النبي يونس في شرق مدينة الموصل، يمسح سالم (12 عاماً) المتعب العرق عن وجهه الذي يزداد سمرة تحت أشعة الشمس الحارقة، ويقول: «أنا أبيع المناديل الورقية. أخرج كل يوم من السابعة صباحاً، حتى العاشرة ليلاً».
يسعى محمد لإعالة والدته، وهو وحيدها، بعدما أقدم متطرفون على قتل والده قبل انطلاق عمليات استعادة الموصل. وتضم الموصل دارين لإيواء الأيتام، واحدة للبنين وأخرى للبنات. ووصلت إلى الدارين أعداد كبيرة من فاقدي الآباء أو الأمهات نتيجة الأعمال المسلحة، من عمر 6 إلى 18 عاماً، وفق بيانات صادرة من الدارين.
وفي بلد كالعراق، حيث تنتفي تقريباً عمليات الإحصاء الرسمية، تسعى منظمات عدة إلى تسجيل أرقام تقريبية لآثار الحروب على المجتمعات والسكان.
يقول مسؤول منظمة «فرحة يتيم» في محافظة نينوى قيدار محمد إنه «لا توجد بيانات رسمية دقيقة بأعداد الأيتام في الموصل خصوصاً، وفي عموم المحافظة». ويوضح قيدار أن الأعداد الموثقة لدى المنظمة تشير إلى وجود 6200 يتيم في نينوى، بينهم نحو 3283 قتل أهليهم في الأحداث الأخيرة في الموصل.
من يجول في شوارع الموصل اليوم لن يتمكن من غض النظر عن عشرات الأطفال من كلا الجنسين ينتشرون قرب الإشارات الضوئية وعلى التقاطعات بشكل خاص، بأجسام هزيلة وملابس رثة وأحذية مهترئة، يركضون خلف المارة يستجدون المال بطرق مختلفة، مثل مد اليد أو مسح زجاج السيارات أو بغطاء بيع المياه والمناديل الورقية.
من بين هؤلاء، الطفل علي بنيان (10 أعوام) الذي كان يرتدي ملابس رياضية قديمة ضعف قياسه. لم يستطع بنيان، الذي تخوف بداية من الحديث إلى مراسل «الصحافة الفرنسية»، حبس دموعه.
يقول الطفل، الذي يجعله التعب البادي على وجهه أكبر من عمره بسنوات، «قتلتْ كل عائلتي وهدم بيتنا خلال القصف على المدينة القديمة» في غرب الموصل، التي دمرت بنسبة 90 في المائة، وما زالت حتى الآن دون أي مشروع لإعادة الإعمار.
يرفض بنيان كغيره من الأطفال المتسولين الحديث عن مكان سكنه الحالي. يقول: «لا أقارب لي الآن. اضطررت للتسول لإعالة نفسي وعدم تمكني من الحصول على عمل بسبب صغر سني». لكن رغم ذلك، يعرب بينان، على غرار أترابه، عن أمله في إيجاد «عائلة تأويني، كي أكمل دراستي».
وتواجه محافظة نينوى، التي أعلنت السلطات العراقية فرض سيطرتها الكاملة عليها في نهاية أغسطس (آب) 2017، تحديات كبيرة اليوم، خدمية وإدارية ومجتمعية. وحتى الساعة، لا يوجد أي برنامج واضح لإيجاد حلول، خصوصاً لما يقارب ثلاثة آلاف تلميذ بشكل عام حرموا من التعليم في المدينة، ما يزيد من ظاهرة هؤلاء الأطفال.
ويقول عضو مجلس محافظة نينوى خلف الحديدي: «حتى الآن لا يوجد مشروع أو دراسات حقيقية، سواء من الحكومة الاتحادية أو المحلية لمعالجة هذه الظاهرة، خصوصاً أن أطفال الشوارع يتعرضون لمختلف أنواع الاستغلال».
وتتجه ظاهرة تسول الأطفال في الموصل للتحول إلى منظومة ربحية تديرها عصابات، من خلال أشخاص يسعون إلى إبرام اتفاقيات تقاسم الأرباح مع المتسولين، مقابل السماح لهم بالدخول إلى أماكن عامة لاستجداء الناس، وإلا فيمنعون.
ويقول أبو حميد (35 عاماً)، أحد سكان الموصل العامل في معمل حلويات، «في أحد الأيام كنت جالساً أنتظر موعدي في عيادة طبية، وأقدم موظف الاستقبال على طرد متسولة صغيرة أمام عيني». ويضيف: «عند خروجها، أخبرتني أنه طردها لرفضها زيادة المبلغ المتفق عليه أسبوعياً».
وفي هذا الإطار، توضح الباحثة الاجتماعية فاطمة خلف أن «الظروف التي مرت على الموصل (....) تركت الأطفال عرضة لمختلف الانتهاكات في الشارع». وتضيف: «إذا تُركوا بهذا الشكل في الشوارع (....) سيصبحون أعضاء غير نافعين في المجتمع، وربما يتحول بعضهم إلى مجرمين. لذا على السلطات المعنية تطويق هذه الظاهرة بدءاً بفرض التعليم الإلزامي».
لكن الموظف ابن مدينة الموصل غالب أحمد (30 عاماً)، يعتبر أن الأجدى البدء بمحاربة رأس الهرم من «منظومات وعصابات تدير التسول وتستغل الأطفال». ويضيف: «هذه الظاهرة تعد مشروعاً للجريمة والإرهاب، وتخلق جيلاً فاسداً مشوهاً نفسياً».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».