نتنياهو سيبحث مع بوتين منع قوات الأسد من دخول القنيطرة

يتوقع «صفقة قرن» أخرى... صفح أميركي لقاء طرد الإيرانيين من سوريا

جنود إسرائيليون في هضبة الجولان المحتلة المواجهة للقنيطرة أول من أمس (أ ف ب)
جنود إسرائيليون في هضبة الجولان المحتلة المواجهة للقنيطرة أول من أمس (أ ف ب)
TT

نتنياهو سيبحث مع بوتين منع قوات الأسد من دخول القنيطرة

جنود إسرائيليون في هضبة الجولان المحتلة المواجهة للقنيطرة أول من أمس (أ ف ب)
جنود إسرائيليون في هضبة الجولان المحتلة المواجهة للقنيطرة أول من أمس (أ ف ب)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية التي عُقدت صباح، أمس (الأحد)، أنه سيغادر البلاد هذا الأسبوع في زيارة إلى موسكو، ليُجري «لقاء مهماً» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بخصوص مكانة إسرائيل في الجنوب السوري.
وقال نتنياهو: «نحن نلتقي بين الحين والآخر من أجل ضمان مواصلة التنسيق الأمني بين الطرفين وبالطبع أيضاً من أجل بحث التطورات الإقليمية. سأوضح في هذا اللقاء مرة أخرى المبدأين الأساسيين اللذين يميزان السياسة الإسرائيلية: فأولاً، لن نقبل بتموضع القوات الإيرانية والقوات الموالية لها في أي جزء من الأراضي السورية، لا في المناطق القريبة من الحدود ولا في المناطق البعيدة عنها. وثانياً، سنطالب من خلاله سوريا وجيشها بالحفاظ الصارم على اتفاقية فك الاشتباك من عام 1974 بحذافيرها».
وحسب مقربين منه، فإن نتنياهو قصد بذلك بنود الاتفاقية التي تمنع الجيش السوري من الوجود بأسلحته الثقيلة في حزام أمني على طول الحدود، وعملياً تمنعه من دخول مدينة القنيطرة الواقعة على الحدود وبقية المناطق الممتدة على الحدود والتي تسيطر عليها حالياً قوات المعارضة. واعتبر نتنياهو لقاءه مع بوتين، جزءاً من الاتصالات مع الدولتين العظميين، روسيا والولايات المتحدة، لتدفع المصالح الإسرائيلية في سوريا عموماً والمنطقة الجنوبية منها بشكل خاص. وقال: «من البدهيّ أنني أقيم اتصالاً دائماً أيضاً مع الإدارة الأميركية. هذه العلاقات مع هاتين القوتين العظميين تتحلى دائماً بأهمية كبيرة لأمن إسرائيل خصوصاً في الفترة الراهنة».
وكانت تقارير إسرائيلية قد أشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لوصول قوات النظام السوري إلى المناطق المتاخمة لخط وقف إطلاق النار من العام 1974 في الجولان المحتل، من خلال توجيه تحذيرات وتهديدات بتوجيه ضربات لجيش النظام في حال خرق اتفاقية وقف إطلاق النار أو دخول قوات موالية لإيران. وتقول التقديرات في تل أبيب إن عملية سيطرة جيش النظام السوري على المناطق المحاذية لخط وقف إطلاق النار، ستستغرق، وفقاً لتقديرات في قيادة الجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، عدة أسابيع، منذ إصدار الأمر، ولن تكون بنفس سهولة سيطرته على منطقة درعا. إذ إن عليه ألا يصعِّد التوتر قبل نهاية المونديال، حتى لا يُغضب روسيا، وعليه أن يقرر ما إذا كان سيهاجم فرع «داعش» عند مثلث الحدود مع الأردن وإسرائيل. وفقط بعد ذلك يتفرغ للقنيطرة.
ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية نقلاً عن مصادر عليا في الجيش أن «إسرائيل ليست قلقة من نظام الأسد وإنما مما سيكون بعد انتشار جيشه في جنوب سوريا وبالقرب من خط وقف إطلاق النار». وحسب «عدة ضباط إسرائيليين»، فإن «الرئيس السوري هو قاتل حقير، لكن النظام يبحث عن الاستقرار لا عن مواجهة مع إسرائيل، ويعي تماماً توازن القوى مع الجيش الإسرائيلي. فهو ووالده من قبله حرصا على أن تبقى حدودهما ما بين عام 1974 وعام 2013. الجبهة الإسرائيلية الأكثر هدوءاً. وإذا عاد جيش الأسد إلى هضبة الجولان، ليعيد بناء القواعد والمواقع العسكرية، عليه أن يأخذ المصالح والمطالب الإسرائيلية بالاعتبار».
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن إسرائيل مررت «تحذيراً واضحاً» إلى سوريا بشأن «استمرار سيطرة حكومة الأسد على الجولان السوري». وأضافت أن فحوى التحذير هو أنه في حال «خرقت دبابة سورية واحدة، أو جندي سوري واحد، اتفاقيات فصل القوات من عام 1974 ودخل إلى (المنطقة العازلة) منزوعة السلاح، سيتم القضاء عليه».
وأضافت الصحيفة أن «هذا التهديد الإسرائيلي، الذي تم نقله للسوريين أكثر من مرة، سيكون قيد أول اختبار حقيقي في الأيام القريبة. فالجيش السوري، وفقاً لتفاهمات بينه وبين قوات المتمردين (المعارضة المسلحة) بوساطة روسية، سيدخل بعلم سوريا إلى بلدة القنيطرة الجديدة التي تقع في المنطقة العازلة، والتي بموجب اتفاق فصل القوات ممنوع وجود عسكريين وأسلحة فيها. لذلك فإن التعزيز المعلن لقوات الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان، الأسبوع الماضي، غايته تذكير السوريين بالتحذير».
وأكدت الصحيفة أن «التحذير الإسرائيلي مقبول في الولايات المتحدة، وأنه كان أحد الموضوعات التي بحثها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، خلال لقائه نظيره الأميركي، جوزيف دانفورت، الأسبوع الماضي. وسيسعى نتنياهو لأن يكون التحذير مقبولاً أيضاً في موسكو». وأضافت: «السوريون يعلمون أن الروس لن يمنعوا إسرائيل من أن تطبق بالقوة حقها في الحفاظ على اتفاقيات فصل القوات. ورغم أنه خلال محادثاتهم مع رئيس الحكومة نتنياهو، ومع وزير الأمن ليبرمان ورئيس أركان الجيش آيزنكوت، لم يمنح الروس ضوءاً أخضر واضحاً لإسرائيل، لكنهم يتصرفون ميدانياً على هذا النحو. ولذلك، فإن الولايات المتحدة وروسيا لن تمنعا إسرائيل من استخدام القوة في عمق سوريا بمدى يصل إلى 25 كيلومتراً من حدودها الحالية في الجولان (المحتل)».
وكتب محرر الشؤون السياسية في الصحيفة نفسها ناحوم برنياع، أن نتنياهو «مهتم جداً بقمة ترمب – بوتين»، لأنه «يأمل أن يتوصلا إلى صفقة القرن الحقيقية»، وهذه ليست الصفقة الممجوجة المتعلقة بحل القضية الفلسطينية. إنما هي الصفقة التي يأمل بها نتنياهو، وبموجبها سيتقبل ترمب الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا، ويرفع العقوبات المفروضة على بوتين ويسمح له بالسيطرة على سوريا؛ وفي المقابل يهتم بوتين بطرد الإيرانيين وأتباعهم من سوريا ويمنح نتنياهو انتصاراً تاريخياً». ويضيف: «في إسرائيل يعتمدون على بوتين. وأنا لست واثقاً من أنهم يعتمدون على الرجل الصحيح. من الجائز أن بطاقة إسرائيل الحقيقية في سوريا هو الأسد. الآن هو بحاجة إلى القاذفات الروسية والقوات البرية التي تأتمر من إيران، لكن عندما يسيطر على سوريا كلها، وعندما يعلن أنه المنتصر الأكبر في الحرب الأهلية، سيرغب في أن يكون الحاكم الوحيد. فقد قام الإيراني بدوره، وبإمكانه الانصراف: هكذا كان والده سيتصرف. حافظ الأسد هو العدو الوحيد الذي تشتاق إسرائيل إليه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.