يشتكي مواطنون من مدينة سرت، الواقعة شمال ليبيا، من صعوبة العيش وتجاهل حكومة الوفاق الوطني، وتراجع الأوضاع الأمنية، في وقت يؤكد فيه المجلس الرئاسي في طرابلس أنه «يبذل جهوداً واسعة لإعادة المدينة إلى سابق عهدها، وإزالة آثار عدوان (داعش) عنها». وعلى الرغم من مرور نحو عامين على «تحريرها» من التنظيم المتشدد. إلا أن المنازل المحترقة والمهدمة هي المشهد الأبرز في شوارع سرت وساحاتها. وبهذا الخصوص يقول الناشط المدني أحمد إمقاوي لـ«الشرق الأوسط»، «المدينة تفتقد الخدمات الحكومية، والعدد الأكبر من المنازل مهدمة منذ طرد (الدواعش) منها»، لافتاً إلى أن «الإحصاءات تشير إلى أن 53 في المائة من مواطنيها فقط هم الذين عادوا إليها بعد تحريرها».
وفي العشرين من يونيو (حزيران) الماضي قالت بلدية سرت إنه سيتم صرف بدل إيجار لكل صاحب منزل متضرر من الحرب على «داعش»، دون تحديد منطقة بعينها، وأضافت موضحة، في بيانها، أن «البلدية تطمئن المواطنين الكرام بأنه سيتم صرف بدل الإيجار، وحرصاً على الشفافية وتوصيل الحقوق لأصحابها فإنه سيتم نشر القوائم عبر صفحة البلدية على (فيسبوك) قريباً». لكن ذلك لم يحدث إلى الآن، وفقاً لعدد من سكان المدينة.
في مطلع الشهر الحالي بحث عميد سرت مختار المعداني ومحمود عجاج رئيس مجلس إدارة جهاز الإسكان والمرافق، ملفات عدة، من بينها تفعيل قرار المجلس الرئاسي بالحصر الفعلي للمنازل، التي تضررت من الحرب على «داعش». لكن في مقابل ذلك يرسم إمقاوي صورة مأساوية لطبيعة الأوضاع في سرت، ويتساءل: «كيف لنا أن نعيش في المدينة وجثث عناصر تنظيم داعش لا تزال تحت ركام البنايات المهدمة»، مبرزاً أن «منازل 1700 عائلة ما زالت مهدمة».
وفي معرض حديثه عن الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها السكان، قال إمقاوي بنبرة حزينة، «لا توجد سيولة نقدية في المصارف كي نتمكن من شراء احتياجاتنا، فضلاً عن أن المرضى لا يجدون في المستشفيات أبسط ما يحتاجونه من أدوية ورعاية».
وسبق أن أعلن فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، عن تحرير سرت من تنظيم داعش في 18 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2016. ووصف الأمر في حينه بأنه «انتصار لإرادة الليبيين على الإرهاب». لكن هذا الانتصار لم يكن نهاية لأحزان سكان المدينة. وأمام تصاعد الأزمات المعيشية في المدينة عقد المجلس الاجتماعي لقبائل سرت منتصف الأسبوع الماضي، اجتماعاً مع لجنة التواصل بالبلدية لبحث شؤون الأسرى والمفقودين من أبناء المدينة، كما تضمن أيضاً مناقشة مشكلة نقص السيولة، وارتفاع الأسعار، واتخاذ التدابير اللازمة لمراقبة الأسعار. وقال مسؤول محلي في المدينة، رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول له الحديث مع الإعلام، إن اجتماعات مماثلة تناولت «أوضاع المفقودين، الذين غُيبوا من الشباب في سجون مصراتة» (200 كيلومتر شرق طرابلس العاصمة)، وهو الأمر الذي لفت إليه الناشط المدني أحمد إمقاوي في حديثه بقوله: «شبابنا لا يزالون في السجون، غير أن العدد تقلص نسبياً بعد المصالحات، التي يجريها أعيان وشيوخ سرت».
لكن المسؤول المحلي نقل لـ«الشرق الأوسط»، في المقابل، أن «المواطنين يعيشون حالة من الغضب والضيق بسبب تجاهل حكومة الوفاق لمطالبهم، وعدم تعويضهم عن منازلهم المتضررة، رغم مرور نحو عامين على طرد الإرهابيين»، مشيراً إلى أن «مكتب المشروعات ببلدية سرت يواصل أعمال تنفيذ مشروع تركيب الإشارات الضوئية في التقاطعات الرئيسية داخل المدينة، على أمل أن تعود البنية التحتية كما كانت».
وعلى المستوى الأمني ذكرت تقارير أمنية أن مسلحين مجهولين خطفوا قبل بضعة أيام طالبين جامعيين من قبيلة القذاذفة عند المدخل الشرقي لمدينة سرت، بعد انتهائهما من امتحانات الفصل الدراسي الحالي، إلاّ أن مصادر تتحدث عن «استقرار الأوضاع الأمنية» في أنحاء سرت.
سرت «المحررة» تشكو انعدام الأمن وتجاهل الحكومة
سكانها يفتقدون الخدمات الضرورية ويرفضون العودة إلى منازلهم التي هدمتها الحرب
سرت «المحررة» تشكو انعدام الأمن وتجاهل الحكومة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة