فصائل فلسطينية تستعد للتوجه إلى القاهرة لمناقشة المصالحة وإنهاء التوتر مع إسرائيل

قتلى ومصابون في غزة مع تصاعد الاحتجاجات

TT

فصائل فلسطينية تستعد للتوجه إلى القاهرة لمناقشة المصالحة وإنهاء التوتر مع إسرائيل

قتل فلسطيني وأصيب 21 على الأقل بانفجار في أوساط المتظاهرين على الحدود الشرقية لمدينة غزة.
وأعلنت مصادر طبية أن الشاب القتيل يدعى محمد أبو حليمة (22 عاما) من سكان حي الشجاعية، مشيرة إلى أنه وصل مستشفى الشفاء جثة هامدة. وأفادت وزارة الصحة في غزة بأنه أصيب في الصدر شرق القطاع من دون تحديد سبب الإصابة.
وبحسب مصادر محلية فلسطينية، فإن الانفجار وقع بفعل قنبلة يدوية كان يحاول إلقاءها شبان تجاه قوات الجيش الإسرائيلي خلال المظاهرات الأسبوعية على الحدود، مشيرة إلى أن هناك إصابات خطيرة.
وأصيب العشرات من الفلسطينيين أمس، خلال مسيرات شهدتها حدود شمال وشرق قطاع غزة، وبعض نقاط التماس في الضفة الغربية تلبية لدعوات من الفصائل الفلسطينية رفضا للقرارات الأميركية بشأن القدس، واستمرارا لمسيرات غزة الأسبوعية رفضا للحصار الإسرائيلي المشدد منذ 12 عاما.
تستعد وفود من الفصائل الفلسطينية للتوجه إلى العاصمة المصرية القاهرة، عبر معبر رفح البري خلال الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، بهدف إجراء مشاورات ثنائية وجماعية وكذلك مع المسؤولين عن الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية بشأن العديد من الملفات والقضايا التي تتعلق بتعثر ملف المصالحة وكذلك وضع التوتر الأمني مع إسرائيل.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن القاهرة بدأت بتوجيه دعوات إلى حركتي «فتح» و«حماس» للتوجه إلى القاهرة، فيما ستوجه إلى الفصائل دعوات مماثلة خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة للبحث في قضايا الوضع الفلسطيني برمّته.
ووفقاً للمصادر، فإن عزام الأحمد القيادي في حركة «فتح» ومسؤول ملف المصالحة الموجود حالياً في القاهرة التقى مع مسؤولي الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية. مشيرة إلى أنه بحث ملف المصالحة مع المسؤولين المصريين وأبدى استعداد «فتح» لاستئنافها عند النقطة التي توقفت وتعثرت حينها مع رفض «حماس» التسليم الكامل للوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة لحكومة الوفاق.
وحسب المصادر، فإن الأحمد أبلغ المسؤولين المصريين أنه لا حاجة إلى حوارات جديدة مع «حماس»، وأنه يجب تطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة بتاريخ 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2017. مؤكدة أن حركة «فتح» مُصرة على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وأنها لن تقبل بأي خطوة قبل أن يتم تسليم الحكومة كل مهامّها في القطاع دون نقصان.
ويُتوقع أن يغادر قطاع غزة منتصف الأسبوع الجديد وفد قيادي من حركة «حماس» قد يرأسه إسماعيل هنية الذي تلقى منذ أيام اتصالاً هاتفياً من المسؤول الجديد عن الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية اللواء أحمد عبد الخالق، دعاه خلاله لزيارة القاهرة لبحث عدة ملفات منها المصالحة والوضع الأمني في غزة.
وبدأت «حماس» استعدادها لتشكيل وفد قيادي من الحركة سيتوجه إلى القاهرة، حيث يُتوقع أن يرافق هنية قيادات منهم خليل الحية وروحي مشتهى، على أن يلتحق بهم وفد من الخارج يضم موسى أبو مرزوق وحسام بدران. كما قالت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط».
وأفادت المصادر بأن هنية قد يعتذر عن التوجه، وأن يتشكل الوفد من غزة بقيادة يحيى السنوار قائد الحركة في القطاع، ويكون من الخارج إلى جانب بدران، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري.
وكشفت مصادر أن «حماس» ستؤكد للجانب المصري أن ما قامت به من «مبادرة إيجابية» مع بداية اتفاق أكتوبر من العام الماضي، بتسهيل الكثير من الإجراءات أمام تسلم الحكومة لمهامها بغزة سيتواصل، وأنها معنية بإنجاز ملف المصالحة والتفرغ للقضايا الوطنية الأخرى.
وأضافت المصادر أن الحركة ستؤكد للمسؤولين المصريين أنها غير مسؤولة عما جرى من محاولة لتفجير موكب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله لدى زيارته غزة في 13 مارس (آذار) من العام الجاري، مبينةً أن الحركة ستبلغ مصر باستيائها من موقف حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية بالاستعجال بتوجيه الاتهامات إلى «حماس» بالمسؤولية عن الحادثة التي تبين أن متشددين يحملون فكر الجماعات المتطرفة مثل «داعش» يقفون خلف الهجوم بعد أن جنّدهم عناصر من المخابرات الفلسطينية والإسرائيلية، وفق ما أثبتته التحقيقات.
وأشارت المصادر إلى أن «حماس» معنية بتجاوز المرحلة الماضية والخلافات وستدعو بشكل صريح عبر المسؤولين المصريين إلى أن تتولى السلطة مسؤولياتها كافة بغزة وحل جميع القضايا بما فيها دمج الموظفين واستكمال ملفات المصالحة.
وتقول مصادر أخرى من «حماس»، إن الوفد سيبحث مع المسؤولين المصريين ضرورة حل أزمات غزة والتخفيف من الوضع الإنساني الخانق في القطاع. وتشير إلى أن وفد الحركة سيؤكد رفضه ربط أي حلول إنسانية لغزة بقضية الإسرائيليين الموجودين لديها، وأن ذلك سيكون ملفاً منفصلاً عبر مفاوضات أخرى تحت بند صفقة تبادل ذات شروط، ووسط مطالبة واضحة بإلزام الاحتلال بتطبيق الشروط.
وبيّنت المصادر أن الحركة ستؤكد لمصر أن المسيرات على حدود غزة ستستمر، وأنها لن تتوقف إلا برفع الحصار الكلّي عن القطاع وإيجاد حلول لكل الأزمات الإنسانية والحياتية للسكان.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.