مهجرو «القصير» في لبنان يرفضون العودة من دون ضمانات دولية

TT

مهجرو «القصير» في لبنان يرفضون العودة من دون ضمانات دولية

طالب لاجئون سوريون في لبنان من أبناء منطقة القصير بضمان عودة آمنة لهم إلى سوريا، ودعوا الأطراف الدولية والإقليمية في حال انسداد الأفق أمام الحل السياسي الشامل، إلى «تبني مشروع إقامة مناطق آمنة مؤقتة لإقامة اللاجئين السوريين على الأراضي السورية وعلى الحدود اللبنانية»، وجاء ذلك في بيان صدر الأربعاء عن «تآلف أحرار من بلدي الأمانة العامة والهيئة الإدارية للقصير والمكتب السياسي».
وكان النظام السوري وحزب الله اللبناني، قد أعادا السيطرة على منطقة القصير في ريف حمص الغربي عند الحدود مع لبنان في صيف 2013، بعد معارك أدت إلى تدمير 70 في المائة من مدينة القصير وقراها، لا سيما القريبة من الحدود مع لبنان والتي فرض حزب الله سيطرته عليها، بعد تهجير سكانها الذين نزح قسم منهم إلى المناطق المجاورة في الداخل. ولجأت الغالبية إلى لبنان لتقيم في مخيمات على الأراضي اللبنانية قريبا من الحدود، وتشير التقديرات إلى أن عدد المهجرين من منطقة القصير تجاوز الخمسين ألف مهجر. رغم عودة عدد من النازحين في الداخل إلى مدينة القصير، فإن الغالبية ما زالوا ممنوعين من العودة.
مهجرو القصير الذين يتركزون في منطقتي عرسال والبقاع أيدوا في بيانهم «عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم تحت رعاية وضمانات دولية وأممية»، وكل ما دون ذلك «مرفوض»، إذ عبر البيان عن انعدام الثقة بالنظام وحلفائه إيران وحزب الله وروسيا، ورأى أن «قضية اللاجئين السوريين في لبنان بشكل خاص وبالعالم بشكل عام ﻻ يمكن أن تحل من دون إيجاد حل سياسي شامل للقضية السورية». وأضاف أنه «أما في حال انسداد الأفق أمام الحل السياسي الشامل، ندعو الأطراف الدولية والإقليمية إلى تبني مشروع إقامة مناطق آمنة مؤقتة لإقامة اللاجئين السوريين على الأراضي السورية وعلى الحدود اللبنانية».
وكانت وزارة الخارجية السورية التابعة للنظام السوري قد دعت أول من أمس، الثلاثاء، السوريين، إلى «العودة إلى وطنهم الأم بعد تحرير العدد الأكبر من المناطق التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين»، وذلك بالتزامن مع إطلاق حزب الله مبادرة لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان وتشكيل «لجنة العودة»، مهمتها المساعدة في إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.