حسمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلافاً مع أحد شركائها السياسيين بشأن الهجرة في وقت متأخر من مساء أول من أمس (الاثنين)، ينص على إقامة مراكز مؤقتة للمهاجرين على الحدود الألمانية النمساوية، ويحتاج لموافقة باقي شركاء ميركل في الائتلاف، بالإضافة إلى موافقة دول أخرى في الاتحاد الأوروبي على استعادة طالبي اللجوء الذين سجلوا بياناتهم على أراضيها. الخلاف بين حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي ترأسه المستشارة ميركل، وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري، الذي يرأسه وزير الداخلية الألمانية هورست زيهوفر، بشأن الهجرة كان ينذر بانهيار الحكومة الألمانية. واتفقت ميركل مع زيهوفر على تأسيس ما يسمى بمراكز عبور على الحدود مع النمسا، من المقرر أن يتم منها إعادة أي طالبي لجوء تم تسجيلهم في دولة أوروبية أخرى، ومن ثم تتحمل هذه الدولة مسؤولية إجراءات اللجوء الخاصة بهم.
وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي لـ«رويترز» إن قوانين التكتل بشأن الهجرة تضع تصوراً للمناطق المؤقتة على أراضي الدول الأعضاء، حيث يمكن التعامل مع اللاجئين والمهاجرين. وذكر دبلوماسيون في بروكسل أن التكتل ليس بوسعه رفض اتفاق يعزز أقوى حكوماته. وقال دبلوماسي كبير في الاتحاد: «حتى لو كان (الاتفاق) يتعارض مع قوانين الاتحاد الأوروبي، فهناك الكثير من الأمور التي لا تتماشى مع القانون العام، خصوصاً في ما يتعلق بالهجرة. هذه مهمة سياسية لمنع حدوث اضطرابات في ألمانيا، وسيتم الترويج لها على هذا الأساس».
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أمس (الثلاثاء) إن الاتفاق الذي توصل إليه حزبان في الائتلاف الحاكم بألمانيا يبدو متسقاً مع القانون، وأضاف خلال مؤتمر صحافي على هامش جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ: «لست على علم باتفاق على مستوى الحكومة الاتحادية، أنا على علم باتفاق بين حزبين»، وتابع: «لم أدرسه بالتفصيل لكن من النظرة الأولى، وبعد أن طلبت من الجهات القانونية دراسته، يبدو لي أنه متسق مع القانون».
وذكرت النمسا أنها ستشدد الضوابط على حدودها الجنوبية، إذا مضت برلين قدماً في الخطة. وقد يؤدي هذا لزيادة عمليات التفتيش الحدودية عبر منطقة شينغن للحدود المفتوحة في الاتحاد، وقالت أمس (الثلاثاء) إنها مستعدة لاتخاذ إجراءات لحماية حدودها الجنوبية في حال تطبيق الحكومة الائتلافية الألمانية اتفاقاً بشأن الهجرة. وقال المستشار النمساوي سيباستيان كورتز، وأعضاء آخرون في الحكومة، في بيان، إن حكومته مستعدة «لاتخاذ إجراءات لحماية حدودنا الجنوبية».
وقال كورتز في ستراسبورغ إنه لا يوجد حتى الآن سوى حل وسط بين طرفي التحالف المسيحي، وأوضح أنه ينتظر الآن سياسة حكومية مشتركة واضحة في برلين حتى يمكن تقييمها والتحدث بشأنها مع ألمانيا. وكان كورتز قد قال من قبل في خطابه أمام البرلمان الأوروبي: «إذا تم تطبيق الأمر على النهج المعلن نفسه، فستكون ألمانيا هي الدولة التي اتخذت إجراءات على المستوى القومي، وسترد دول أخرى مثل النمسا بالطبع وفقاً لذلك».
وقال دبلوماسي آخر، لـ«رويترز»، إن عملية إقامة مراكز مؤقتة في ألمانيا، بصرف النظر عن التفاوض على صفقات ثنائية مع النمسا وإيطاليا ودول أخرى بشأن إعادة المهاجرين، ستستغرق وقتاً.
وأعرب وزير الخارجية الألماني السابق زيغمار غابرييل عن اعتقاده أن الخلاف بين طرفي الاتحاد المسيحي تأجل حتى ما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية المحلية في ولاية بافاريا، وقال أمس قبل اجتماع للكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه إنه من المحتمل جداً أن يكون هذا النزاع قد تأجل فقط داخل الاتحاد المسيحي. ووصف غابرييل تصرف زيهوفر الذي كان قد هدد بالاستقالة من منصبيه كوزير داخلية ورئيس للحزب البافاري بأنه «واقعة لا تُصدق».
تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد المسيحي، بزعامة ميركل، يشكل مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي الائتلاف الحاكم في ألمانيا. ولم يتخذ غابرييل موقفاً واضحاً في تصريحاته اليوم تجاه محتوى الاتفاق. ويذكر أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد رفض تأسيس مثل هذه المراكز للاجئين في عام 2015. وعلق غابرييل على ذلك حالياً بقوله: «في مناطق العبور في عام 2015، كان يتعلق الأمر حينها بنحو 3 أو 4 أو 5 آلاف يومياً. وقلنا آنذاك إننا لا نريد ملء ملاعب هنا واحتجاز الناس. إننا نتحدث اليوم بشأن أحجام مختلفة تماماً»، لافتاً إلى أنه سيتم حالياً رؤية الشكل الذي تبدو عليه المقترحات الملموسة للاتحاد المسيحي.
وأعلنت أندريا ناليس، رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك الثالث في الائتلاف الحاكم بألمانيا، أن حزبها لم يقرر بعد ما إذا كان سيقبل الاتفاق. ورحبت ناليس بالتسوية بين الحزبين لكنها قالت إن هناك كثيراً من المسائل يحتاج الحزب إلى النظر فيها، وأضافت: «نرى أن (التسوية) جيدة لأننا عدنا الآن إلى مستوى عملي، وهذا شيء افتقدناه كثيراً في الأسابيع الأخيرة».
وأكد حزب البديل لأجل ألمانيا (إيه إف دي) اليميني المعارض أن الاتفاق لا يمثل تغييراً في سياسة اللجوء. وقال رئيس الحزب اليميني يورج مويتن لوكالة الأنباء الألمانية إن زيهوفر «حصل فقط على شيكات من دون رصيد» من الحزب المسيحي الديمقراطي الذي ترأسه ميركل.
وأضاف مويتن أن ألمانيا سوف تواجه صعوبة في المستقبل في إخراج طالبي اللجوء الذين عبروا بالفعل الحدود من البلاد مجدداً، وأشار رئيس الحزب اليميني إلى أنه لن يتم حل هذه المشكلة الأساسية من خلال ما تم الاتفاق عليه بين طرفي الاتحاد المسيحي بتوفير إقامة في مراكز عبور بالقرب من الحدود لأشخاص يتعين عليهم متابعة إجراءات لجوئهم في دولة أوروبية أخرى.
اتفاق الهجرة الألماني يثير تساؤلات أكثر مما يقدم إجابات
يحتاج لموافقة باقي شركاء ميركل في الائتلاف
اتفاق الهجرة الألماني يثير تساؤلات أكثر مما يقدم إجابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة