الميليشيات تختطف صحافياً في صنعاء... والحكومة تندّد

منظمة حقوقية تدعو المجتمع الدولي لإنقاذ الحديدة من بطش الحوثيين

TT

الميليشيات تختطف صحافياً في صنعاء... والحكومة تندّد

في سياق تصعيد الميليشيات الحوثية لأعمالها القمعية ضد الناشطين والصحافيين في مناطق سيطرتها، أقدمت في صنعاء على اختطاف صحافي من موظفي وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، واقتادته إلى مكان مجهول. وجاء ذلك، في وقت دعت منظمة «رايتس رادار» الدولية المعنية بشؤون حقوق الإنسان، المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف الانتهاكات الحوثية بحق سكان الحديدة، وحماية المدنيين والنازحين من بطش الجماعة والتحقيق في أعمال التنكيل التي طالت السجناء في المدينة.
وأفادت مصادر يمنية رسمية بأن الميليشيات الحوثية، اختطفت الصحافي بوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عبد السلام الدعيس من منزل أحد أقاربه بحي شملان شمال غربي صنعاء، واقتادته إلى مكان مجهول بعد أيام من المطاردة غير معروفة الأسباب. وذكرت وكالة (سبأ) أمس أن مجموعة مسلحة مكونة من خمسة عناصر على متن سيارة «سوزكي» وصلوا إلى المنزل الذي كان الدعيس موجودا به ليقوموا باختطافه قبل أن يصادروا هاتفه المحمول وجهاز كومبيوتره الشخصي ويقتادوه إلى مكان مجهول دون إبداء أي أسباب.
وبينما لم يعرف أحد مصيره حتى أمس، حمّلت الحكومة اليمنية، ممثلة بوكالتها الرسمية للأنباء، الميليشيات المسؤولية الكاملة عن سلامته، داعية نقابة الصحافيين والاتحاد الدولي للصحافيين للضغط على الميليشيات الحوثية لإطلاق سراحه وإعطائه الرعاية الصحية اللازمة. وعمل الدعيس، لسنوات محرراً أول للشؤون الاقتصادية بوكالة «سبأ» قبل أن ينتقل للعمل مديرا عاما للإعلام في رئاسة الوزراء منذ 2010 حتى انقلاب الميليشيات الحوثية على السلطة الشرعية أواخر 2014. وكانت صفقة تبادل للأسرى بين الميليشيات والحكومة الشرعية، أسفرت الاثنين الماضي، عن إطلاق الصحافي إبراهيم الجحدبي المعتقل لدى الحوثيين منذ أكثر من عام ونصف العام، وشملت الصفقة إطلاق 14 شخصا من الطرفين.
في غضون ذلك، دعت منظمة «رايتس رادار» لحقوق الإنسان في العالم العربي ومقرها هولندا، المجتمع الدولي للتدخل العاجل لإنقاذ حياة أكثر من ثلاثة ملايين و600 ألف نسمة تقريباً يسكنون 26 مديرية بمحافظة الحديدة. وطالبت الأمم المتحدة بسرعة التدخل الإنساني العاجل لإنقاذ حياة المدنيين في المناطق التي شهدت مواجهات مسلّحة في محافظة الحديدة، خلال الفترة الماضية، وبالذات في مناطق جنوب مدينة الحديدة، التي شهدت نزيفاً بشرياً كبيراً، فضلاً عن تفاقم الوضع الإنساني لسكان المناطق والأحياء الواقعة في منطقة التماس العسكري، كما هو الحال في حي مَنْظَر والرَبَصَة، وفي حيس، والتحيتا، والدريهمي وغيرها من المناطق.
وأشار راصدو المنظمة إلى نزوح آلاف الأسر من الحديدة خلال الفترة 15 إلى 30 يونيو (حزيران) المنصرم، بعضهم توجهوا إلى صنعاء والمحافظات المحيطة بالحديدة، والبعض الآخر توجهوا إلى محافظات عدن وأبين ولحج وحضرموت والمهرة. وأوضحت المنظمة أن مئات الأسر لم تجد المأوى المناسب في مناطق النزوح، كما لم تجد أي مساعدة من أي جهة، إذ لا تزال العشرات من الأسر تفترش الأرض تحت أشجار المزارع أو على أرضيات المدارس التي اكتظت بهم هناك. ورصدت المنظمة حالة اعتداء مسلح من قبل ميليشيات الحوثي الانقلابية على نزلاء السجن المركزي في مدينة الحديدة، الأربعاء الماضي، حيث اقتحمت عربة مسلحة مصحوبة بناقلتي شحن متوسطة الحجم ساحة السجن المركزي، وحاولت نقل السجناء بالقوة إلى مواقع مجهولة.
وحين رفض السجناء الأوامر خشية نقلهم إلى جبهات القتال الحوثية، تعرضوا للاعتداء الجسدي وتطور الأمر إلى الاعتداء عليهم بالرصاص الحي، ما أسفر عن مقتل سجينين أحدهما في السبعينيات من العمر، فيما أصيب أكثر من 20 آخرين متأثرين بالضرب وبالغازات المسيّلة للدموع، على حد قول المنظمة الحقوقية. وقالت مصادر من داخل السجن المركزي لـ«رايتس رادار» إن مسلحين حوثيين عزلوا بعض السجناء بعد هذه الحادثة ومارسوا ضدهم التعذيب الشديد بتهمة التمرّد، فيما ما زال مصير بعض السجناء مجهولاً، بينما تم نقل العشرات من السجناء قسراً إلى مواقع مجهولة يُخشى أن يستخدموا فيها دروعاً بشرية أو ينقلوا إلى جبهات القتال الحوثية.
وتلقت المنظمة بلاغا من أهالي نزلاء السجن المركزي في الحديدة يناشدون فيه الجهات المعنية بحقوق الإنسان والمجتمع الدولي إنقاذ حياة ذويهم السجناء، مما وصفوه بالاضطهاد داخل السجون الحوثية. وكشفوا أنهم منعوا في اليوم التالي لحادثة السجن من إدخال الدواء والغذاء لبعض النزلاء، وأن ذلك يهدد حياتهم.
ودعت المنظمة في بيانها المجتمع الدولي والأمم المتحدة على وجه الخصوص إلى الاضطلاع بدورهم المسؤول تجاه المدنيين في الحديدة، باعتبار ذلك التزاماً أخلاقياً تقتضيه مبادئ الأمم المتحدة، تجاه سكان مناطق النزاع المسلح، وذلك بوضع حدٍ لمعاناة النازحين، كما طالبت بالتحقيق في أحداث السجن المركزي في الحديدة وحمايتهم من أي انتهاكات وأخطار تمسّ حياتهم.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».