غضب يميني من استضافة الكنيست أطفالاً مقدسيين لرواية معاناتهم تحت الاحتلال

TT

غضب يميني من استضافة الكنيست أطفالاً مقدسيين لرواية معاناتهم تحت الاحتلال

بمبادرة من «القائمة المشتركة»، ونائبين من حزب ميرتس اليساري، والمعسكر الصهيوني المعارض، ووسط هجمة سياسية شديدة من اليمين الإسرائيلي، يستضيف الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، اليوم (الاثنين)، مجموعة من الأطفال الفلسطينيين، أبناء القدس الشرقية المحتلة، ليتحدثوا في مؤتمر استثنائي عن تجربتهم المعيشية تحت الاحتلال.
وقال رئيس «القائمة المشتركة» النائب أيمن عودة إن «هذه الدعوة جاءت على أثر اشتداد معاناة أهلنا في القدس جراء الاحتلال البشع، وهدفها أولاً فضح فرية الحكومات الإسرائيلية الزاعمة أن (القدس الموحدة عاصمة إسرائيل الأبدية)، حيث إن حالة أهلنا في القدس الشرقية تشكل برهاناً صارخاً على أن هناك قدسين: واحدة لليهود تعيش في وضع عادي، وهناك القدس العربية التي احتلت عام 1967، وما زالت إسرائيل تتعامل معها كمنطقة محتلة، وتمارس فيها أبشع أنواع القمع الذي لا يرحم أحداً، وخصوصاً الأطفال».
وكان النائب عودة قد بادر إلى هذا المؤتمر مع زميله في القائمة المشتركة دوف حنين، ومع عضو الكنيست ميخال روزين من «ميرتس»، وعضو الكنيست كسانيا سباتيلوفا من المعسكر الصهيوني. واعتبر عودة هذه الشراكة مع قوى يهودية يسارية خطوة بالغة الأهمية في العمل البرلماني، وقال: «نحن نسعى لأوسع تعاون يهودي عربي ضد سياسة الاحتلال والتمييز العنصري، فلن نستطيع تغيير السياسة الحكومية من دون تجنيد القوى اليهودية، ويسعدنا أننا نجد هذه القوى المستعدة لذلك».
وسيناقش المؤتمر جوانب مختلفة من حياة الأطفال في ظل الاحتلال الإسرائيلي، مثل: الفقر، وتقييد الحركة، والنقص في الكهرباء والمياه ووسائل التعليم، وكذلك اعتقال الأطفال، والقوانين التمييزية التي تجعل من الصعب جمع شمل العائلات، وآثار الحصار المفروض على قطاع غزة. وقد تمت دعوة قادة المنظمات اليسارية الإسرائيلية التي تعمل في قضايا حقوق الإنسان، وفي قضية النضال من أجل السلام، مثل: «بتسيلم» و«يكسرون الصمت» و«المحاربون من أجل السلام» و«أطباء لحقوق الإنسان» و«هموكيد» (مركز الدفاع عن الفرد) و«جمعية حقوق المواطن في إسرائيل»، وغيرها. كما دعي إلى حضور المؤتمر عدد من الدبلوماسيين الأجانب العاملين في إسرائيل، بمن فيهم سفير الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل، وسفير هولندا، ونائب السفير البريطاني.
وسيكون أبرز ضيوف المؤتمر أطفال من القدس الشرقية، سيتحدثون عن حياتهم «تحت الاحتلال»، كما سيجري عرض شريط فيديو أعده المنظمون، يبين الفرق بين حياة أطفال غزة والضفة الغربية وحياة الأطفال في تل أبيب. كما سيجري أيضاً تقديم بيانات حول احتجاز الأطفال في القدس الشرقية مقارنة ببقية البلاد، بالإضافة إلى تأثير حصار غزة على حياة الأطفال.
وجاء في بيان مشترك أصدره المنظمون: «لقد تركت 51 عاماً من الاحتلال جيلاً كاملاً من الأطفال بلا مستقبل. فالحكومات تخلق ستاراً من الدخان حول التأثير المباشر للاحتلال على السكان المدنيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة. الأطفال على جانبي الصراع لم يختاروا الولادة في واقع دموي، ولا يمكننا أن نخلق مستقبلاً مختلفاً لهم من دون حوار. والسبيل الوحيد للخروج من دائرة العنف هو إنهاء الاحتلال».
وقد أثار هذا المؤتمر، قبيل انعقاده، موجة هجوم ساخط من اليمين الإسرائيلي الحاكم، واعتبره النائب بتسلئيل سموتريتش، وهو من حزب المستوطنين، «طابوراً خامساً». وقالت عضو الكنيست عنات باركو، من «الليكود»، إن هذا النشاط معاد للصهيونية، ولو كان النواب اليهود الذين بادروا إليه يريدون مصلحة الأولاد، لعقدوا مؤتمراً ضد التربية على كراهية اليهود في المدارس الفلسطينية.
ودعا رئيس الكنيست، يولي أدلشتاين، من حزب الليكود، إلى جلسة طارئة للبحث في قانونية المؤتمر، وادعى أن المبادرين إليه أعطوه اسم «لقاء»، وهذه خدعة. فهذا مؤتمر سياسي بكل معنى الكلمة، ولكي نجيزه ينبغي أن يتقدموا بطلب تصريح خاص لرئاسة الكنيست بشكل منظم، ثم قرر أدلشتاين منع بث شريط الفيديو المذكور أعلاه، بادعاء أن بثه في الكنيست غير قانوني.
وقد ردت النائبة تمار زنبريغ، رئيسة حزب ميرتس، على ذلك قائلة إن المؤتمر جاء لكي يفتح عيون المجتمع الإسرائيلي على الواقع، وأضافت: «اليمين يحاول أن يحجب الواقع، ويعمي عيون المواطنين عن رؤية الحقيقة، المتمثلة في الاحتلال والكوارث التي يجلبها، ليس فقط على الفلسطينيين، بل أيضاً على اليهود. وكان حرياً برئيس الكنيست ألا يشارك في هذه اللعبة، ويتحول إلى رقيب عسكري ضد هذا النشاط الإنساني والسياسي الشرعي بامتياز».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».