لقد بدا واضحاً منذ تسلّم جوزيبي كونتي رئاسة الحكومة الائتلافية اليمينية في إيطاليا أن قيادتها الفعلية بيدي لويجي دي مايّو وماتيو سالفيني، وأن هذا الأخير قد خطف الأضواء في الداخل والخارج بسياسته الهجومية والمتطرفة حول موضوع الهجرة. هذا الواقع أجبر كونتي على تخصيص معظم جهوده لاحتواء الأزمات التي تسببت فيها مواقف وزير داخليته وإجراءاته مع الحلفاء الأوروبيين.
وتفيد معلومات بأنه عندما كانت كونتي يهمّ بالصعود إلى الطائرة متوجهاً إلى برلين لمقابلة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بلغته تصريحات سالفيني عن الغجر، الذين يعيش ثلاثون ألفاً منهم في إيطاليا من غير أوراق ثبوتية أو إقامة محددة، داعياً إلى «إحصائهم وتوزيعهم على معسكرات تشرف عليها الأجهزة الأمنية»، فعلّق بقوله: «هذا لم يعد يُحتمل... لقد تجاوز كل الحدود»، وسارع بتوجيه رسالة نصيّة له من هاتفه يطلب إليه أن «يستدرك ويعود عن تصريحاته.
يقول مقرّبون من كونتي، إن سياسة سالفيني وتصريحاته التي توحي بأنه في حملة انتخابية دائمة، من شأنها أن تكون الصاعق الذي لن يلبث أن ينسف الائتلاف الحكومي بين حركة «النجوم الخمس» و«الرابطة» («رابطة الشمال»، سابقاً). ويرجّح البعض أن تكون الاستراتيجية التي يتبعها سالفيني بدفعه سياسة الحكومة نحو المزيد من التطرّف والتضارب مع المواثيق والاتفاقات الأوروبية والدولية، تهدف عمداً إلى فرط عقد التحالف مع الحركة، فتسقط الحكومة ولا يبقى من مخرج سوى العودة إلى الانتخابات التي يعرف أنه سيخرج ظافراً منها بفضل شعاراته الشعبوية المتطرفة التي تشارف العنصرية.
ومن المؤشرات الدّالة على ارتفاع منسوب التعقيدات في «المساكنة» الصعبة داخل الحكومة التي مضت ثلاثة أسابيع فقط على تشكيلها، أن كونتي دعا معاونيه في الحكومة من حركة «النجوم الخمس» إلى اجتماع طارئ مطلع هذا الأسبوع، ليناقش معهم معالجة «ظاهرة سالفيني، الذي تعتّم مواقفه وتصريحاته على بقيّة نشاط الحكومة، وتوحي بأن الهجرة هي المشكلة الوحيدة في إيطاليا». ونقل مشاركون في ذلك الاجتماع أن كونتي شدّد على ضرورة الاهتمام بالملفات الأساسية التي يقوم عليها برنامج الحركة، كالإصلاحات السياسية والإدارية ومكافحة الفساد وركود النمو الاقتصادي... والملايين الثلاثة من الإيطاليين الذين لا يستطيعون تأمين غذائهم من غير مساعدة».
ومنذ الآن يخشى مراقبون أن تكون معركة كونتي مع سالفيني محسومة النتيجة سلفاً... لمصلحة زعيم الرابطة. ولا سيما أن كونتي يدرك جيّداً أنه عاجز - إذا اضطر إلى إقالة سالفيني أو قرر ذلك – عن إقالة وزير داخليته المزعج؛ لأن خطوة كهذه من شأنها أن تؤدي فوراً إلى انهيار التحالف وسقوط الحكومة التي تترنّح منذ تشكيلها بين قوّتين سياسيتين متضاربتي المشارب والأهداف. يضاف إلى ذلك أن رئيساً يكاد دوره يقتصر على القيام بمهام «الكاتب العدل» في حكومة لم يلعب أي دور في تشكيلها أو وضع برنامجها، لن يكون صوته مسموعاً... ولا موقفه وازناً في المنتديات الأوروبية المقبلة على سلسلة من الاستحقاقات المصيرية.
15:2 دقيقه
سالفيني ودي مايّو الأصل... وكونتي الصورة
https://aawsat.com/home/article/1316031/%D8%B3%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D9%88%D8%AF%D9%8A-%D9%85%D8%A7%D9%8A%D9%91%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%84-%D9%88%D9%83%D9%88%D9%86%D8%AA%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9
سالفيني ودي مايّو الأصل... وكونتي الصورة
سالفيني ودي مايّو الأصل... وكونتي الصورة
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة