مبادرة جديدة لإخراج تونس من أزمتها السياسية

TT

مبادرة جديدة لإخراج تونس من أزمتها السياسية

أعلن المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، التابع لرئاسة الجمهورية، الذي يرأسه ناجي جلول وزير التربية السابق، والقيادي في حزب النداء، عن إعداد المعهد مبادرة سياسية جديدة، تتضمن بنودا تتعلق بإجراء تعديل وزاري، وتهدف إلى تجميع كل القوى السياسية، من أحزاب ومنظمات لتشكيل جبهة وطنية تحت اسم «مشروع السيادة الوطنية» والبناء لسنة 2019.
وتنص هذه المبادرة على تشكيل حكومة جديدة تتكون من 15 وزيرا، يتفق على تشكيلها أعضاء الجبهة الوطنية الجديدة، التي ستتشكل على ضوء المبادرة الرامية إلى القطع مع «الضبابية والانتهازية والمحاصصة والمعاملات الضيقة، وتعمل على صياغة مشروع الوطني لاستعادة السيادة السياسية»، حسب ما جاء في بيان المعهد.
وستطرح المبادرة ذاتها اقتراح تجميع عدة وزارات تشتغل على المحور نفسه في وزارة واحدة، مثل وزارة التربية والتكوين والتعليم العالي، ووزارة الصحة والرياضة، ووزارة التنمية والتشغيل ووزارات أخرى، بدل كثرة الحقائب الوزارية التي ميزت الحكومات المتواترة على السلطة منذ 2011.
من جهة ثانية، أكد خميس الجهيناوي، وزير الشؤون الخارجية، أمس، أن إقامة منصات أو مخيمات لتجميع المهاجرين غير النظاميين من قبل بعض الدول الأوروبية في عدد من دول جنوب المتوسط، مثل تونس والجزائر وليبيا ومصر والمغرب «لم تطرح على تونس حتى الآن».
وقال الجهيناوي إن تونس أكدت في عدة مناسبات معارضتها لإقامة مثل هذه المنصات. مشددا في تصريح إعلامي، عقب لقاء عقده أمس في مقر وزارة الشؤون الخارجية مع غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، على أنه «لا يمكن معالجة موضوع الهجرة برفض الآخر، أو إقامة منصات لتجميع المهاجرين غير النظاميين، فهذا الموضوع يستوجب من كل الأطراف التباحث حوله في إطار الشراكة المربحة بين الضفتين الجنوبية والشمالية للمتوسط».
وتحدث الجهيناوي عن طرق أخرى لحل أزمة الهجرة: «أبرزها مكافحة أساليب الهجرة غير النظامية، حماية لمواطني بلد المنشأ، وحماية لأمن الدول الأخرى» على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، أوضح الجهيناوي أن «هناك سبلا أخرى لتشجيع الهجرة النظامية، في وقت تحتاج فيه أوروبا إلى دعم بشري ديموغرافي من خارج حدودها»، مشيرا إلى أن بعض شبان دول جنوب البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك دول المغرب العربي، يبدون رغبة في العمل في الدول الأوروبية، مما يعود بالنفع على الطرفين، حسب تعبيره.
على صعيد متصل، وفي مبادرة تعد الأولى من نوعها في العالم العربي، شرعت السلطات التونسية في صياغة مشروع قانون لحماية اللاجئين، ومن المنتظر أن يرى النور عما قريب، في انتظار أن يصادق عليه مجلس وزاري تونسي ليحيله بعد ذلك على أنظار مجلس نواب الشعب (البرلمان).
وتضمن مشروع القانون تعريفا للاجئ والعناصر، التي يقع على أساسها منح اللجوء في تونس، واستند في ذلك إلى الاتفاقية الدولية لحماية اللاجئين لسنة 1951.
وأعد هذا المشروع مركز الدراسات القانونية والقضائية التابع لوزارة العدل التونسية، وهو مختبر قانوني تابع لوزارة العدل يشتغل على كل ما يتعلّق بالقوانين ومشروعات القوانين، التي تطرحها الحكومة والاتفاقيات الدولية على المستوى الإقليمي والدولي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».