المغرب وإسبانيا يتفقان على تعزيز تعاونهما الأمني

TT

المغرب وإسبانيا يتفقان على تعزيز تعاونهما الأمني

أعلن المغرب وإسبانيا مواصلتهما تعزيز التعاون الأمني في مجال مراقبة تدفقات الهجرة ومكافحة الإرهاب، وذلك عقب زيارتين قام بها إلى الرباط وزيري الخارجية والداخلية الإسبانيين.
وقال وزير الشؤون الخارجية الإسباني جوزيب بوريل إن المغرب وإسبانيا «ليسا صديقين وجارين فحسب، بل هما شريكان استراتيجيان يتقاسمان الطموح المشترك في تعميق هذه العلاقة على أساس الاحترام والحوار والثقة المتبادلة».
وشدد رئيس الدبلوماسية الإسبانية في تصريح للصحافة، عقب إجرائه مباحثات مع نظيره المغربي ناصر بوريطة أول من أمس بالرباط، على «التطابق الواضح» في وجهات النظر بين الجانبين، مجددا «الالتزام الثابت والراسخ» لحكومته بتعميق الشراكة الثنائية وتنويعها.
واعتبر بوريل أن العلاقات بين المغرب وإسبانيا تشكل «نموذجا للتعاون في مجالات حساسة للغاية»، مثل تدفق المهاجرين ومكافحة الإرهاب، مشيرا إلى «الاهتمام البالغ» الذي يوليه الشركاء الأوروبيون للعلاقات بين البلدين، والتي ستتعمق أكثر بفضل الوضع المتقدم الذي تم التوقيع عليه في عام 2008 والذي يتفرد به المغرب.
كما دعا بوريل، الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي، إلى تعزيز العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مبرزا في هذا السياق أن إسبانيا «يجب أن تضطلع وستضطلع بشكل طبيعي» بدورها بحيث تولي أوروبا للمغرب اهتماما معمقا... من أجل حل جميع المشاكل القائمة (اتفاقية الصيد البحري، الفلاحة، النقل الجوي، الربط الكهربائية...)، في أقرب وقت ممكن.
من جانبه، قال بوريطة إن المغرب وإسبانيا يرتبطان بعلاقات قوية، وأن شراكتهما الثنائية ذات طابع استراتيجي كبير للمملكة المغربية،
مبرزا أن إسبانيا هي أول شريك تجاري للمغرب للسنة الخامسة على التوالي، وثاني أكبر مصدر للسياح الوافدين على المغرب، وتخصص للمغرب ما لا يقل عن ثلث استثماراتها في أفريقيا، فضلا عن تعاون قطاعي واعد جدا في جميع المجالات.
وفي هذا السياق، أوضح بوريطة أنه اتفق مع نظيره الإسباني على العمل سويا لإثراء هذه الشراكة من أجل الإعداد لمواعيد مهمة للغاية، بما في ذلك عقد الدورة الثانية للجنة الثنائية المشتركة في المغرب بداية العام المقبل، والتي «ستشكل موعدا ثنائيا بالغ الأهمية».
كما أشار بوريطة إلى أن الجانبين ناقشا أيضا الدور المهم والمحوري الذي تضطلع به إسبانيا في العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وسبل إسهام مدريد بشكل بناء وحاسم في استعادة الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مبرزا أهمية مواصلة العمل لتعزيز هذه العلاقة «الحاسمة» للمغرب، والتي تعود بالنفع أيضا على منطقة البحر الأبيض المتوسط جمعاء، وعلى منطقة شمال أفريقيا على وجه الخصوص.
من جانبه، قال وزير الداخلية الإسباني فيرناندو غراندي مارلاسكا، إن المغرب وإسبانيا سيواصلان تعاونهما «بشكل وثيق» لمواجهة تدفقات الهجرة ومراقبة الحدود.
وقال مارلاسكا في تصريح للصحافة في أعقاب الاجتماع الذي جمعه بنظيره المغربي عبد الوافي لفتيت، إن «المغرب وإسبانيا واعيان بالظروف الجديدة التي تحكم قضية الهجرة، وسيواصلان تعاونهما بشكل وثيق كما فعلا حتى الآن»، مشيرا إلى أن البلدين سيعملان على توفير «الوسائل الضرورية» لضمان مراقبة تدفقات الهجرة.
وأضاف المسؤول الإسباني أن «البلدين يعملان معا على أساس الحوار المستمر من أجل اعتماد الإجراءات المناسبة والمنسقة لمراقبة حدودهما»، مشيرا إلى أن بلاده تحرص على المحافظة على حوار دائم مع المغرب، والاتفاق على جميع الوسائل والحلول البديلة للحفاظ على نفس المستوى من الأمن عند الحدود.
من جانبه، كشف لفتيت أنه ناقش مع نظيره الإسباني جميع القضايا التي تهم البلدين، ولا سيما قضيتي مكافحة الإرهاب والهجرة، موضحا أن هناك تقاربا في وجهات النظر بشأن الخطوات المتخذة لمواجهة تدفقات المهاجرين. وأضاف لفتيت: «نحن ملتزمون بمواصلة التعاون لإيجاد جميع الحلول الممكنة للمشاكل المطروحة».
وبحسب بيان مشترك صدر عقب اجتماع الوزيران، فقد نوه لفتيت ومارلاسكا بالتنسيق الوثيق بين المصالح الأمنية، والقائم على أساس التبادل الثابت والوثيق للمعلومات، وتنظيم عمليات منسقة مشتركة ومتزامنة، مكنت من تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، ولا سيما تلك المرتبطة بتجنيد وإرسال مقاتلين إرهابيين إلى بؤر التوتر.
كما شدد الوزيران على ضرورة مواصلة توطيد هذا التعاون، وتوحيد الجهود على الصعيدين الثنائي والإقليمي من أجل المساهمة الفعالة في مواجهة تصاعد الخطر الإرهابي، سواء في حوض البحر الأبيض المتوسط، أو منطقة الساحل والصحراء.
من جهة ثانية، التقى وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي ناصر بوريطة، القائم بأعمال وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان في الرباط أمس.
وخلال هذا اللقاء أشاد سوليفان بالشراكة التي تجمع البلدين منذ سنوات طويلة، والتعاون الذي يربطهما في عدة مجالات، وخاصة في مجال الهجرة والتعاون الأمني. كما أشاد بالدور الكبير الذي تلعبه المملكة في القضايا العربية الحاسمة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».