شبح الهجرة يخيم على القمة الأوروبية في بروكسل

إيطاليا تهدد بإفشالها وترفض مسودة البيان النهائي

ميركل مع المستشار النمساوي الذي يطالب بإجراءات متشددة تجاه المهاجرين بدعم من عدد من الدول الأوروبية (رويترز)
ميركل مع المستشار النمساوي الذي يطالب بإجراءات متشددة تجاه المهاجرين بدعم من عدد من الدول الأوروبية (رويترز)
TT

شبح الهجرة يخيم على القمة الأوروبية في بروكسل

ميركل مع المستشار النمساوي الذي يطالب بإجراءات متشددة تجاه المهاجرين بدعم من عدد من الدول الأوروبية (رويترز)
ميركل مع المستشار النمساوي الذي يطالب بإجراءات متشددة تجاه المهاجرين بدعم من عدد من الدول الأوروبية (رويترز)

اعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن «أمام أوروبا الكثير من التحديات لكن تلك المرتبطة بمسألة الهجرة قد تقرر مصير الاتحاد الأوروبي»، داعيةً إلى حلول «متعددة الأطراف» بدل اتباع الدول الأعضاء نهجاً «أحادياً». وذهب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الاتجاه نفسه، مستبعداً «الحلول الوطنية» لقضية الهجرة. وقال: «سأدافع عن الحلول الأوروبية للتعاون في الاتحاد الأوروبي». وثمة اقتراحات كثيرة مطروحة على الطاولة مثل إنشاء «منصات إنزال» خارج أوروبا وهو اقتراح لا يزال غير واضح.
وتحضر المستشارة الألمانية القمة الأوروبية، التي افتتحت أعمالها في بروكسل أمس، وهي في موقع ضعف غير مسبوق إذ تواجه سلطتها في مسألة الهجرة تحدياً كبيراً، قد يقود إلى انهيار الائتلاف الحكومي الحاكم. فوزير الداخلية في حكومتها يهدد بطرد المهاجرين المسجلين في بلد آخر عند الحدود بصورة أحادية ما لم تتخذ تدابير أوروبية ضد تنقل المهاجرين داخل الاتحاد الأوروبي.
ووعد زعماء دول أوروبية بمساعدة ميركل في التصدي للأزمة، وقدموا دعماً حيوياً للزعيمة الألمانية. ولدى وصولهم إلى بروكسل، عبَّر زعماء إسبانيا واليونان وفنلندا ولوكسمبورغ جميعهم عن الدعم لمسعى ميركل للحد من «الهجرة الثانوية» للاجئين الذين يصلون إلى حدود الاتحاد الأوروبي الجنوبية قبل التوجه شمالاً إلى ألمانيا.
وتحاول جميع دول الاتحاد حالياً وقف وصول المهاجرين غير الشرعيين، الذين انخفض عددهم بشكل كبير منذ 2015. في المقابل، لا تزال الدول الأوروبية منقسمة حيال تحمّل مسؤولية المهاجرين على الأراضي الأوروبية.
وفي الأمس، هدَّدَت إيطاليا بمنع تبني نص مشترك في قمة إذا لم تحصل على تضامن الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي في مواجهة تحدي الهجرة الذي يحكم «مصير» أوروبا. وعززت تصريحات رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي عند وصوله إلى بروكسل الضغوط، بعد أكثر من أسبوعين على المواجهة الدبلوماسية حول سفينتين تنقلان مهاجرين تم إنقاذهم في المتوسط، ورفضت إيطاليا رسوّهما على شواطئها. وقال كونتي إن «إيطاليا لم تعد بحاجة إلى إشارات كلامية بل ننتظر أفعالاً» تضامنية. وأضاف أنه إذا كان النص الختامي الذي يفترض أن يتفاهم حوله القادة لا يرضي روما «فلن تكون هناك نتائج مشتركة» في نهاية القمة.
بالنسبة إلى النمسا التي تعتمد خطاً «متشدداً» حيال الهجرة، الوسيلة الوحيدة لوقف وصول المهاجرين غير الشرعيين هي فرض تقديم طلبات اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي ورفض الآخرين، بحسب وثيقة نمساوية اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية. إنزال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من البحر في دول ثالثة أثيرت في السنوات الأخيرة كفكرة، وهي مدرجة حالياً رسمياً على جدول أعمال القمة.
إزاء هذا الطريق المسدود، اقترح دونالد توسك الخميس على القادة الأوروبيين تركيز جهودهم على هدف يحظى بالإجماع، وهو مواصلة مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وسيطرح في هذا السياق اقتراحاً جديداً يقضي بإقامة «منصات وصول خارج أوروبا» للمهاجرين الذين تتم إغاثتهم في البحر، ما «سيضع حدّاً لنموذج المهربين الاقتصادي»، بحسب ما جاء في مسودة بيان القمة. وفي مسودة قرارات القمة التي اطلعت عليها الصحافة الفرنسية، دعا القادة الأوروبيون إلى دعم «تطوير مفهوم منصات الإنزال المحلية».
وأبدى توسك، أول من أمس (الأربعاء) مخاوفه من أن يمنح عدم التوصل إلى حل «مزيداً من الحجج» إلى حركات شعبوية تبدي «ميلاً واضحاً إلى التسلط». وحذر توسك في رسالة الدعوة الموجهة إلى قادة الدول الـ28 من أن «الرهانات كبيرة جدا، والوقت قصير»، مشيراً إلى أن حركة وصول المهاجرين إلى السواحل الأوروبية تراجعت بشكل حاد بالمقارنة مع التدفق الذي سجل في خريف 2015.
وكان المطلوب من القمة بالأساس حلحلة هذا الملف المتعثر منذ سنتين، لكنه تم التخلي عن هذا الهدف في ظل الخلافات الشديدة حول إصلاح «تسوية دبلن» التي تعهد بمسؤولية معالجة طلبات اللجوء إلى دول الدخول الأولى إلى الاتحاد الأوروبي. وتقترح المفوضية الخروج عن هذا المبدأ مؤقتاً خلال الأزمات، على أن يتم توزيع طالبي اللجوء على دول الاتحاد الأوروبي. لكن دولاً مثل المجر وبولندا تعارض بشدة هذه الخطة، مدعومة من النمسا.
من جهتها، تطالب إيطاليا بنظام دائم للتوزيع وتأمل في التخلي عن مبدأ مسؤولية بلد الوصول. وإنزال المهاجرين خارج الاتحاد الأوروبي سيجنب الأوروبيين الصراعات الدبلوماسية حول استقبال السفن، لكن ملامح المشروع لا تزال غامضة، كما أنه يطرح الكثير من الأسئلة حول احترامه أحكام القانون الدولي. وقال مسؤول أوروبي إن «الفكرة في الوقت الحاضر هي فقط أن نعطي أنفسنا الضوء الأخضر للتفكير في المسألة».
- بروكسل تحذر من نفاد الوقت بخصوص «بريكست»
> أقرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الخميس بضرورة «تسريع» محادثات «بريكست» وسط تحذيرات الاتحاد الأوروبي بأن وقت التوصل إلى اتفاق آخذ في النفاد. وصرحت ماي لدى وصولها إلى قمة بروكسل بأنه «تم إحراز تقدم جيد جدّاً» حتى الآن. إلا أنها أقرت: «أعتقد أن الجانبين حريصان على مواصلة العمل بوتيرة أسرع من الوتيرة التي عملنا بها حتى الآن». ولا يزال الهدف هو التوصل إلى اتفاق بحلول أكتوبر (تشرين الأول) لإعطاء الوقت الكافي للمصادقة على الاتفاق قبل موعد مارس (آذار) 2019 عندما تخرج بريطانيا رسميّاً من الاتحاد الأوروبي، إلا أن قادة الاتحاد الأوروبي يشعرون بالإحباط كون المحادثات توقفت بسبب مسألة شائكة تتلخص في كيفية تجنب الضرائب بين آيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية آيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي بعد «بريكست». كما تشهد الحكومة البريطانية انقسامات داخلية حول مستقبل العلاقة الاقتصادية مع أوروبا. وصرح رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر: «أرغب من أصدقائنا البريطانيين توضيح مواقفهم»، مجدداً التأكيد على أن الاتحاد الأوروبي يأخذ في الاعتبار احتمال انهيار المحادثات».
وصرح رئيس الوزراء الهولندي مارك روته بأنه «يجب حل المسألة الآيرلندية»، مضيفاً: «لم أفقد الصبر ولكن الوقت يصبح أقصر للتوصل إلى اتفاق».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».