عكست التعقيدات التي أحاطت بعودة النازحين السوريين من عرسال اللبنانية إلى سوريا، موانع سياسية ولوجيستية وضعها النظام السوري في وجه العودة، ويكتنف أسبابها الغموض، وهو واقع أثار استياء في صفوف سوريين راغبين بالعودة، ودفعهم للدعوة إلى تنفيذ اعتصام اليوم الجمعة في عرسال، لمطالبة دمشق بتخفيف القيود على العودة، ولمطالبة السلطات اللبنانية بفتح باب تسجيل الراغبين بالعودة مرة أخرى.
ورغم تسجيل 3 آلاف نازح أسماءهم للعودة، وتقلص العدد إلى نحو 400 على ضوء ممانعة النظام لمنح موافقات على عودتهم، تراجع العدد وقت التنفيذ أمس إلى 295 نازحاً فقط، إثر اتخاذ بعض السوريين قراراً بالإحجام عن العودة، منعاً لتشتت العائلات، إذ وصلت موافقات لأفراد من العائلات ورفض لآخرين، وهو ما دفع البعض للتراجع عن العودة في القافلة التي انطلقت أمس الخميس من عرسال باتجاه بلدات القلمون السوري، من غير أن تشمل عائدين باتجاه بلدات القصير وريفها.
وانطلقت أمس القافلة ضمن اتفاق أشرف عليه ونفذه الأمن العام اللبناني، بمواكبة أمنية من الجيش، على أن تبدأ عودة الدفعات المتبقية الأسبوع المقبل على أبعد تقدير. وحمل النازحون أمتعتهم وتوجهوا بسياراتهم وبالحافلات إلى معبر الزمراني السوري الذي سيتوزعون منه على قراهم في بلدات القلمون. ونفذت العملية بإشراف أمني من الجيش، ومواكبة من الصليب الأحمر، وتولى الفريق اللوجيستي التابع للأمن العام الذي استحدث نقطة في وادي حميد، عملية التدقيق في الأوراق الثبوتية وتسجيل أسماء المغادرين. هذا وأكد رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري أن «عودة السوريين اليوم إلى بلادهم طوعيّة وليست قسريّة».
واقتصر دور مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على الوجود لتقديم رعاية صحية أو غذائية في حال احتاج إليها اللاجئون المغادرون، أو في حال طلب المغادرون أي خدمة أو استفسار عن أسئلة، وسط تأكيد من المفوضية أنها ليست الجهة التي نظمت حركة العودة، بحسب ما قالت مصادر المفوضية لـ«الشرق الأوسط».
وتحركت 93 آلية تتألف من سيارات وجرارات زراعية وشاحنات صغيرة، باتجاه المنطقة الحدودية، تحمل النازحين وأولادهم وأغراضهم وخيامهم، كما واكبتهم 10 آليات لبنانية من أهالي عرسال أقلت بعض العائدين الذين لا يمتلكون آليات، ونقلتهم إلى المنطقة الحدودية، بحسب ما قالت نائب رئيس بلدية عرسال ريما كرونبي، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن 20 آلية أخرى محملة بالأمتعة تحركت صباحاً لكن لم يسمح لها بالتحرك نحو الأراضي السورية، بالنظر إلى أن هؤلاء لم يسجلوا أسماءهم في الأساس، «لكنهم كانوا يأملون باستثناءات».
وينقسم السوريون الراغبون بالعودة إلى سوريا في عرسال إلى من سجلوا أسماءهم ولم يحظوا بالموافقة السورية على عودتهم، وآخرين لم يُتح لهم تسجيل أسمائهم بالنظر إلى أن مدة التسجيل في وقت سابق اقتصرت على 3 أيام سجل فيها ما يزيد على 3 آلاف أسماءهم.
غير أن النظام السوري يعقّد عودة هؤلاء، خلافاً لرغبة السلطات اللبنانية التي تشجع العودة الطوعية باتجاه سوريا، وهو ما أنتج توتراً بين وزارة الخارجية اللبنانية والمفوضية الأممية لشؤون اللاجئين في الشهر الماضي.
ومع التحفظ السوري عن إعلان الأسباب التي دفعته لرفض عودة هؤلاء، ورغم أن جميع المطلوبين للنظام غادروا عرسال في وقت سابق، قالت مصادر لبنانية مواكبة لعملية العودة إن النازحين الذين لم يحظوا بموافقة النظام للعودة، أبلغوا أن «ترتيبات لوجيستية أدت إلى ذلك، بالنظر إلى أن هناك مصالحات كثيرة يتم ترتيبها»، وأن «العائدين اليوم (أمس) يمثلون الدفعة الأولى»، وهي ذرائع لم تقنعهم.
في المقابل، أفادت وكالة الأنباء المركزية، بأنه «لا فيتو من قِبل الجانب السوري على اسم أي نازح ممن وافق على عودتهم وهم 3000 من أصل الــ3200. على أن تكون عودتهم على دفعات».
وكان لافتا أن عددا من النازحين اعترضوا على «عدم تمكنهم من تسجيل أسمائهم»، وطالبوا الدولة اللبنانية بـ«السماح بعودتهم من دون تسجيل». وينفذ السوريون الراغبون بالعودة، اليوم الجمعة، اعتصاماً في عرسال، يطالبون دمشق بتنفيذ تسهيلات لعودتهم، كما يطالبون الدولة اللبنانية باستئناف تسجيل أسماء الراغبين بالعودة. وعن الضمانات التي تلقوها، قالت مصادر لبنانية مواكبة، إن «هناك قسماً كبيراً من المطلوبين للخدمة الإجبارية سيعودون، وقالوا إن هناك ضمانات بعدم اقتياد أي أحد للخدمة الإجبارية، على الأقل في الأشهر الستة الأولى من عودتهم».
واكب الصليب الأحمر عملية المغادرة بناء على طلب المفوضية، ووضع في نقطة التجمع في وادي حميد في عرسال سيارتي إسعاف وسيارة دفع رباعي مع 14 مسعفاً وإدارياً وعيادة نقالة مع طاقم من 6 أشخاص. ومنذ بدء العملية حتى انتهائها نقلت فرق الإسعاف إلى العيادة النقالة ما يقارب 40 حالة صحية تنوعت بين أطفال ومسنين ونساء حوامل، حيث قدمت لهم العناية الصحية اللازمة وأعادتهم إلى نقطة التجمع، كما كانت مراكز الصليب الأحمر اللبناني في المناطق المجاورة على جاهزية تامة من أجل تلبية أي طارئ.
غموض يلفّ موانع النظام السوري لعودة مئات النازحين من عرسال
295 نازحاً غادروا... واعتصام اليوم للمطالبة بتسهيل عودة البقية
غموض يلفّ موانع النظام السوري لعودة مئات النازحين من عرسال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة