الجيش ينتشر بكثافة في بعلبك - الهرمل... وخطته أمنية لا تشمل عملاً عسكرياً

توقيف 2324 مطلوباً بالمنطقة منذ مطلع العام

انتشار كثيف للجيش اللبناني تفعيلاً للخطة الأمنية في بعلبك والبقاع الشمالي (الوكالة الوطنية للإعلام)
انتشار كثيف للجيش اللبناني تفعيلاً للخطة الأمنية في بعلبك والبقاع الشمالي (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

الجيش ينتشر بكثافة في بعلبك - الهرمل... وخطته أمنية لا تشمل عملاً عسكرياً

انتشار كثيف للجيش اللبناني تفعيلاً للخطة الأمنية في بعلبك والبقاع الشمالي (الوكالة الوطنية للإعلام)
انتشار كثيف للجيش اللبناني تفعيلاً للخطة الأمنية في بعلبك والبقاع الشمالي (الوكالة الوطنية للإعلام)

فعّل الجيش اللبناني حركته في منطقة بعلبك – الهرمل، الواقعة شرق البلاد والمتاخمة للحدود السورية، للتصدي لتدهور الوضع الأمني الذي بلغ مستويات غير مسبوقة بعيد الانتخابات النيابية. ونفذ أمس انتشارا كثيفا في الساحات والأحياء بعدما كان قد بدأ مطلع الأسبوع حملة توقيفات ومداهمات لأماكن وجود المطلوبين الذين تواروا عن الأنظار قبل أيام من انطلاق ما عُرفت بـ«الخطة الأمنية».
وتفقد قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن حاتم ملاك، الوحدات العسكرية المنتشرة في المنطقة، فجال في مراكزها واطلع على إجراءاتها الميدانية المتخذة لترسيخ الأمن والاستقرار، ثم اجتمع بقادة الوحدات والعسكريين، مزوداً إياهم بالتوجيهات اللازمة. وأكد ملاك أن منطقة بعلبك - الهرمل «كأي منطقة لبنانية تحت سيادة الدولة وسلطة القانون، ولا خطط أمنية استثنائية فيها، بل تفعيل للإجراءات والتدابير المتخذة، انطلاقاً من أن العمل الأمني هو عمل تراكمي يحتاج إلى متابعة واستمرارية لتحقيق النتائج المرجوة منه»، موضحا أن «خصوصية منطقة البقاع، وتحديداً بعلبك - الهرمل، لجهة الروابط العشائرية والعائلية، تستدعي في أحيان كثيرة اللجوء إلى التواصل مع المعنيين لإيجاد حلول لبعض الخلافات أو الإشكالات، من دون أن يعني ذلك على الإطلاق أن هناك تغطية لأي مخالف أو مطلوب»، مشدداً على «عدم التهاون مع أي شخص تسول له نفسه العبث بالأمن والاستقرار».
وبحث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس مع وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق، ملف الوضع الأمني في بعلبك - الهرمل. وأكد المشنوق أن الجيش اللبناني الذي يستعين عند الضرورة بالقوى الأمنية الأخرى، «يقوم بعملية جدية للحفاظ على أمن أهالي بعلبك – الهرمل، وعدم تعميم الظلم»، واصفا الخطة المتبعة بـ«الناجحة» مؤكدا أنها «مستمرة حتى تحقيق الأمن لكل أهالي المنطقة».
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» باستمرار تفعيل الخطة الأمنية في بعلبك والبقاع الشمالي، وسط انتشار كثيف للجيش اللبناني امتد إلى الساحات والأحياء، لافتة إلى تسيير دوريات مؤللة في الطرقات الرئيسية وعلى امتداد الطريق الدولية، وفي كثير من البلدات، وتشديد التدابير على الحواجز الثابتة والمتنقلة.
وشددت مصادر عسكرية على أن ما يقوم به الجيش في المنطقة «عملية أمنية» تهدف لوضع حد للفلتان الأمني وتلحظ إتمام توقيفات ومداهمات بشكل يومي، مستغربة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «تصوير البعض الموضوع كأنه استعداد لعملية أو معركة عسكرية تستهدف منطقة خارجة عن القانون أو بؤرة إرهاب». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن هناك كثيرا من التوقيفات التي لا نعلن عنها فورا، لأننا بذلك لا نخدم التحقيقات مع الموقوفين».
وأوقف 2324 مطلوبا في منطقة بعلبك - الهرمل منذ مطلع العام الحالي، فيما كان قد وصل عدد الموقوفين في المنطقة عام 2017 إلى 2349. ومن بين الموقوفين هذا العام: 182 بتهم إرهاب، و66 بتهم مخدرات، و1404 دخول خلسة، و91 بتهم تهريب. وأفادت معلومات صحافية أمس بأن «حصيلة العملية الأمنية في بعلبك حتى الساعة هي توقيف 11 مطلوباً من مختلف مناطق البقاع، و20 سورياً من مخيمات عرسال بإقامة غير شرعية»، مشيرة إلى أنه «تم استقدام عناصر من خارج بعلبك تتلقى أوامرها من غرفة عمليات واحدة وجاهزة للتحرك عند أول إشارة بعملية خاطفة».
وأشار مصدر سياسي في بعلبك - الهرمل إلى أن «الانتشار الكثيف للجيش انعكس طمأنينة في نفوس السكان، لكنه فاقم الأزمة الاقتصادية في المنطقة، باعتبار أن الزوار الذين كانت تعتمد عليهم السوق التجارية غابوا كليا نتيجة الوجود العسكري والشعور بأن جواً من الحذر الأمني هو الطاغي». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «كل المطلوبين الكبار والخطيرين الذين اعتادوا الخروج بمواكب غابوا كليا عن الأنظار، وهذا عامل إيجابي يتوجب أن يترافق مع مداهمات لأماكن وجودهم لضمان عدم عودة الفلتان الأمني إلى ما كان عليه مع انسحاب الجيش إلى ثكناته».
ووصف مفتي بعلبك السابق الشيخ بكر الرفاعي الإجراءات والتدابير التي يتخذها الجيش في المنطقة بـ«الممتازة»، لكنه شدد على وجوب معالجة أزمة المخدرات ومشكلة البناء والعمار كي يستتب الوضع تماما. وقال الرفاعي لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن تتحول القوى الأمنية إلى مجموعات مولجة إتمام مصالحات، بل المطلوب أن تقوم بواجباتها الأمنية على أكمل وجه، كما هو حاصل في المرحلة الراهنة».
من جهته، أوضح محافظ بعلبك - الهرمل بشير خضر، أن «الخطة الأمنية في منطقة بعلبك - الهرمل لا تملك ساعة صفر، لأنها ليست خطة كلاسيكية تعتمد على الحواجز والدوريات، مع العلم بأن هذه الإجراءات تطمئن المواطنين، ولكنها لا تؤدي إلى القبض على المطلوبين»، كاشفاً أن الخطة «تعتمد على المداهمات التي بدأت، وهي ستتصاعد للقبض على المطلوبين الكبار قبل الصغار». وأكد خضر في حديث إذاعي أن «الخارجين عن القانون لا غطاء عليهم من العائلات ولا من العشائر؛ بل هم مجرمون، والدولة مرحب بها من قبل الأهالي لتخليصهم من العصابات»، وشدد على أن «مجلس الأمن الفرعي في بعلبك - الهرمل يتابع الأوضاع ويواكب غرفة العمليات المركزية المولجة تنفيذ الخطة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.