في زيارة تاريخية تفتح الباب أمام نقلة نوعية في العلاقات بين إريتريا وإثيوبيا في منطقة القرن الأفريقي، حل أمس وفد إريتري رفيع المستوى للمرة الأولى منذ 18 عاما، ضيفا على العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وفي لفتة تعكس رغبته في تسريع تطبيع العلاقات الثنائية، كان رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد بنفسه على رأس مستقبلي وفد إريتريا في مطار بولي الدولي، فيما ارتفعت أعلام إريتريا للمرة الأولى أيضا في شوارع المدينة، التي تزينت منذ صباح أمس بأعلام البلدين ترحيبا بقدوم الوفد الزائر.
وطبقا لما بثته وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، فقد حظي الوفد الإريتري، الذي ضم وزير الخارجية عثمان صالح، والمستشار السياسي للرئيس يمان جبراب، والسفير الإريتري لدى الاتحاد الأفريقي أريا دستا، لدى وصوله إلى المطار باستقبال حار من قبل أحمد وعدد من المسؤولين، وممثلين حكوميين وشعبيين.
ولم يصدر أي بيان رسمي عن فحوى المحادثات؛ لكن مصادر إثيوبية وإريترية متطابقة توقعت أن يتم الإعلان لاحقا عن ترتيب زيارة سيقوم بها رئيس الوزراء الإثيوبي إلى إريتريا في غضون بضعة أسابيع، بالإضافة إلى الإعلان عن إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، وتسيير خط طيران مباشر بينهما.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية ميليس آلم في المطار، إن «العلاقة بين إثيوبيا وإريتريا أكبر من مجرد قضية حدود. عندما نصنع السلام فإن ذلك سيكون مفيدا لشرق أفريقيا».
وتعد زيارة الوفد الإريتري هي الأولى من نوعها منذ نحو عقدين من القطيعة الدبلوماسية والحرب. وخاضت إثيوبيا وإريتريا من 1998 إلى 2000 حربا أسفرت عن نحو 70 ألف قتيل، وتسببت في تدمير ممتلكات بمئات الملايين من الدولارات، بسبب خلاف يتعلق خصوصا بالحدود المشتركة بينهما.
وقال متحدث باسم الحكومة الإثيوبية، إن زيارة وفد إريتريا تأتى في إطار سعي رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد لإنهاء إحدى أكثر المواجهات العسكرية تعقيدا في أفريقيا.
وتولى أبيي (42 عاما) رئاسة الحكومة في أبريل (نيسان)، وقام منذ ذلك الحين بتغييرات غير مسبوقة منذ 25 عاما في ثاني بلد في أفريقيا من حيث عدد السكان. وبين هذه التغييرات، إعلانه في بداية يونيو (حزيران) عزمه تطبيق اتفاق السلام الموقع في عام 2000 مع إريتريا، ونتائج عمل اللجنة الدولية المستقلة حول ترسيم الحدود.
وكان الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، قد أعلن اعتزامه إرسال وفد رسمي لإجراء محادثات سلام مع إثيوبيا حول تنفيذ «اتفاقية الجزائر»، وترسيم الحدود بين البلدين، حيث قال في كلمة له بمناسبة «يوم الشهيد»، إن الوفد الذي سيزور إثيوبيا سيعمل على تقييم التطورات الحالية بشكل مباشر وعميق، إضافة إلى رسم خطة للعمل المستقبلي المستمر.
وتسود حالة من العداء بين البلدين، منذ إعلان إريتريا عام 1993 استقلالها رسميا عن إثيوبيا، بعد حرب استمرت 30 عاما، وتتهم كل دولة الأخرى بدعم متمردين مناهضين لها. وحينذاك تحالف متمردون إريتريون وإثنية التيغري لإطاحة نظام هايلي منغستو، الذي سقط في مايو (أيار) 1991.
وقبل عامين تقريبا، في يونيو 2016، أدى نزاع مسلح بين جيشي البلدين على الحدود إلى مقتل أكثر من مائتي جندي إثيوبي. وحذرت أديس أبابا عدوتها حينذاك من أنها تملك «القدرة على خوض حرب شاملة».
ولقي قرار أبيي طي صفحة النزاع الأخير باحترام اتفاق الجزائر، ترحيب الأسرة الدولية؛ لكن سكان مدينة بادمي التي منحت لإريتريا في 2002 عبروا عن رفضهم لذلك. وأساسا، لم تحدد إثيوبيا موعدا لمغادرة قواتها هذه البلدة التي يخشى 18 ألف إثيوبي من سكانها أن يصبحوا تحت سلطة عدوهم القديم.
من جهة أخرى، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي تحرير الاقتصاد جزئيا، وأجرى تعديلات في الجهاز الأمني. ويتوجب عليه إثبات قدراته على الانفتاح حيال إريتريا، وفي الوقت نفسه مراعاة الحساسيات في بلده.
وقد سقط قتيلان على الأقل وأصيب نحو 150 شخصا بجروح في أديس أبابا، السبت، إثر انفجار قنبلة يدوية وسط حشد ضخم، بعد إلقاء أبيي خطاباً. وقال أحد منظمي التجمع إنه كان مستهدفا في هذا الهجوم؛ لكن السلطات لم تكشف أي تفاصيل في هذا الشأن.
وقال كريستوفر كلابام من جامعة «كامبريدج» البريطانية، لوكالة الصحافة الفرنسية: «النقطة الأساسية التي تجب متابعتها هي قدرة أبيي على تجاوز خيبة الأمل الحتمية، واعتبار القرار حول إريتريا خيانة».
وفد من إريتريا يصل إلى أديس أبابا في زيارة تاريخية
منهياً قطيعة 18 عاماً وإحدى أكثر المواجهات العسكرية تعقيداً في أفريقيا
وفد من إريتريا يصل إلى أديس أبابا في زيارة تاريخية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة