ماتيس «يستطلع» المواقف الصينية في بكين

الكوريتان تبحثان ربط شبكتيهما للسكك الحديد

ماتيس لدى وصوله إلى بكين أمس (رويترز)
ماتيس لدى وصوله إلى بكين أمس (رويترز)
TT

ماتيس «يستطلع» المواقف الصينية في بكين

ماتيس لدى وصوله إلى بكين أمس (رويترز)
ماتيس لدى وصوله إلى بكين أمس (رويترز)

وصل وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إلى بكين في أول زيارة له للصين، أمس، على أمل التوصل إلى تعاون عسكري بينما يزداد التوتر الأمني بين الدولتين.
وعلى وقع تصعيد بين البلدين ينذر بحرب تجارية وقلق واشنطن إزاء نشر بكين أسلحة على جزر متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، أعلن ماتيس أنه سيحاول إيجاد موضوعات ذات اهتمام مشترك للطرفين، بما في ذلك إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن ترسانتها النووية.
ومن المقرر أن يلتقي ماتيس نظيره الصيني وي فينغي للمرة الأولى، إلى جانب مسؤولين كبار آخرين «للاطلاع على مواقفهم»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وتعود آخر زيارة لوزير دفاع أميركي إلى الصين إلى 4 سنوات، وقال ماتيس إن الاتصالات بين المسؤولين العسكريين من البلدين بحاجة إلى تعزيز. وصرح ماتيس: «أعتقد أن السبيل لتناول القضايا بين أمتينا هو أولاً عبر إقامة حوار استراتيجي شفاف: كيف يرى الصينيون تطور العلاقة معنا، وكيف نرى نحن تطورها».
وفي بيان قبل زيارته، صرّح المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية رين غوكيانغ أن عليهم «العمل معاً لتكون العلاقة العسكرية الثنائية عامل استقرار مهم في العلاقات بين البلدين». إلا أن صحيفة «غلوبال تايمز» الرسمية الصينية حذّرت في مقال الثلاثاء من أن ماتيس «عليه الإصغاء بدلا من الانتقاد». وتابع المقال: «إذا لم تتفهم الولايات المتحدة إحساس الصين بانعدام الأمن أو أساءت تقدير ضرورة الأفعال التي اتّخذتها الصين للحد من هذا الشعور بانعدام الأمن، فلن يكون من الممكن تفادي التوتر في العلاقات بين البلدين».
وتأتي زيارة ماتيس، الذي سيزور أيضاً كوريا الجنوبية واليابان خلال جولته التي تستمر 4 أيام في المنطقة، بينما تصاعدت التهديدات التجارية بين واشنطن وبكين. إلا أن ماتيس أوضح أن محادثاته ستقتصر على العلاقات بين العسكريين، والمفاوضات حول أسلحة كوريا الشمالية النووية.
ويسود شعور بالقلق في أوساط المخططين الاستراتيجيين العسكريين في الولايات المتحدة إزاء التقدم السريع الذي تحققه الصين في مجال التكنولوجيا العسكرية، وقدرتها المتزايدة على بسط نفوذها إلى أماكن بعيدة في المحيطين الهادئ والهندي، حيث تهيمن الولايات المتحدة بلا منازع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال ماتيس في كلمة أمام خريجي الكلية الحربية في سلاح البحرية الأسبوع الماضي، إن الصين «لديها مشاريع قديمة بإعادة صياغة النظام العالمي الحالي». كما قال أخيراً إن الرئيس الصيني شي جينبينغ تراجع عن تعهده قبل 3 سنوات للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بالامتناع عن عسكرة بحر الصين الجنوبي.
وفي منتدى استراتيجي في سنغافورة قبل 3 أسابيع، صرح ماتيس بأن نشر بكين أنظمة عسكرية متطورة في بحر الصين الجنوبي كان بهدف «الترهيب والإكراه». وردّت الصين بأن تعليقات ماتيس «غير مسؤولة».
كما يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق إزاء الحملة المتزايدة للصين من أجل فرض ضغوط على تايوان، الحليفة القديمة للولايات المتحدة، رغم أنهما لا تقيمان علاقات دبلوماسية رسمية.
وعشية زيارة ماتيس، قالت رئيسة تايوان تساي إينغ وين، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، إن على الأسرة الدولية العمل معاً «لاحتواء الصين، والحد من نفوذها الطاغي». إلا أن ماتيس واثق بقدرته على التباحث في موضوعات يمكن التعاون بشأنها، بما فيها كوريا الشمالية.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية إنهم ينتظرون أن تواصل الصين تنفيذ العقوبات على كوريا الشمالية، ما دام استمر التفاوض بشأن خطة نزع الأسلحة النووية.
على صعيد آخر، بحثت الكوريتان، أمس، ربط شبكتي السكك الحديد للبلدين على الحدود بينهما، ما سيُحدث تحولاً في العلاقات في شبه الجزيرة المقسومة. وجرت هذه المحادثات الأولى حول هذا الموضوع منذ 10 سنوات في بلدة بانمونغوم الحدودية، الواقعة في المنطقة المنزوعة السلاح والتي تم فيها توقيع الهدنة في الحرب الكورية (1950 – 1953).
واتفق الجانبان على إجراء دراسة مشتركة «في موعد مبكر» من أجل تحديث شبكة السكك الحديد التي ستمر عبر الحدود بينهما، حسبما أوردت وكالة «يونهاب» نقلاً عن وزارة التوحيد في الجنوب. وثمة خط للسكك الحديد حالياً بين سيول وبيونغ يانغ، وصولاً إلى سينويجو على الحدود مع الصين، وهو خط أقامته اليابان في مطلع القرن العشرين قبل الحرب الكورية وانقسام شبه الجزيرة.
وربْط شبكتي السكك الحديد وتحديث الشبكة الكورية الشمالية المتقادمة سيمنحان الجنوب الذي يقوم اقتصاده على الصادرات، طريقاً برياً إلى الأسواق الصينية والروسية وأبعد منها إلى الأسواق الأوروبية، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. كما سيشكّل هذا المشروع تغييراً مهماً لشبه الجزيرة التي لم تشهد أي اتصال مباشر، ولو عبر البريد بين مدنيِّي شطريها منذ التقسيم الذي أرسته الهدنة عام 1953.
ورغم الانفراج المسجل مؤخراً مع انعقاد القمتين بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، ثم بين كيم والرئيس الأميركي، لا تزال بيونغ يانغ خاضعة لعقوبات مشددة فرضتها الأمم المتحدة بسبب برامجها الباليستية والنووية.
وأقر رئيس الوفد الكوري الجنوبي، كيم جيونغ ريول، قبل بدء اللقاء بأنه لن يكون من الممكن تحقيق أي تقدم ملموس ما لم يتم تخفيف العقوبات. وأضاف: «لكن بإمكاننا درس مشاريع مختلفة يمكننا تطبيقها عند رفع العقوبات».
وكان الجنوب قد بنى خلال فترة تقارب سابقة محطة قطارات جديدة في دوراسان، غرب شبه الجزيرة إلى جنوب المنطقة المنزوعة السلاح، تحسباً لتسيير قطارات إلى بيونغ يانغ. وفي الشطر الشرقي من المنطقة يمكن أن تربط السكك الحديد مدينة بوسان الساحلية في كوريا الجنوبية بأوروبا عبر الشمال وروسيا.
واتفق كيم ومون خلال قمتهما في أبريل (نيسان) على «اعتماد تدابير عملية» لربط شبكتي السكك الحديد، وتحدث مون عن إمكانية تحقيق «فوائد اقتصادية هائلة» للشمال. لكن الشمال يمارس رقابة مشددة على تحركات السكان التي يمكن أن تهدد هيمنة الحزب الواحد المطلقة على السلطة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».