البرلمان العراقي يسعى للتمديد قبل يومين من انتهاء ولايته

نواب يقرّون بعدم شرعيته وآخرون يرجحون اكتمال نصاب جلسته

TT

البرلمان العراقي يسعى للتمديد قبل يومين من انتهاء ولايته

يسعى مجلس النواب العراقي إلى تمديد عمره قبل يومين فقط من نهاية ولايته الانتخابية التي توافق السبت المقبل، وذلك من خلال محاولة التصويت وتمرير التعديل الرابع على قانون الانتخابات، حيث من المقرر أن يواصل البرلمان جلسته الاستثنائية غدا، للتصويت على مقترح التعديل الذي ينص أحد بنوده على أن «يستمر مجلس النواب في عمله لحين مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات» التي جرت في 12 مايو (أيار) الماضي.
وتأتي جلسة البرلمان المقررة غدا وسط اعتراضات من شخصيات سياسية وقانونية على شرعية التمديد لمجلس النواب، في مقابل آراء تشدد على ضرورة التمديد للإبقاء على رقابة البرلمان على السلطة التنفيذية.
ورفض رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ونائب رئيس البرلمان همام حمودي، أمس، تمديد عمل مجلس النواب، عادّاً أن ذلك «سابقة خطيرة وخرقا واضحا للدستور ستكون له آثاره السلبية على مجمل الوضع السياسي». وشدد حمودي خلال كلمته في الملتقى الدوري لمنتسبي المجلس الأعلى، على «ضرورة إعادة عملية العد والفرز اليدوي لنتائج الانتخابات للحفاظ على التجربة الديمقراطية وحماية أصوات الناخبين في البلاد».
وفي حين يرجح رئيس كتلة «الفضيلة» النيابية، عمار طعمة، عدم اكتمال النصاب في جلسة الخميس، وبالتالي عدم نجاح البرلمان في التصويت على التعديل الرابع، يرى النائب عن «الجماعة الإسلامية» الكردستانية زانا سعيد أن البرلمان سيتمكن من إنجاز التعديل في جلسته المقبلة. ويقول عمار طمعة لـ«الشرق الأوسط»: «أستبعد اكتمال النصاب اللازم لتمرير التعديل الرابع، هناك اعتراضات شديدة من نواب صوتوا لصالح التعديل الثالث، لكنهم لا يجدون مبررا لتمديد عمر البرلمان». ويرى أن «نصوص الدستور الصريحة وقرارات المحكمة الاتحادية القطعية تمنع استمرار ولاية البرلمان لأكثر من 4 سنوات تقويمية». ويضيف: «نصت المادة (56) من الدستور على أن تكون الدورة الانتخابية لمجلس النواب 4 سنوات تقويمية تبدأ بأول جلسة وتنتهي بنهاية السنة الرابعة، وحيث إن انعقاد أول جلسة للبرلمان الحالي كان بتاريخ 1 يوليو (تموز) 2014، فان نهاية السنة التقويمية الرابعة المصادفة 30 يونيو (حزيران) 2018 تمثل نهاية مدة ولاية البرلمان للدورة الانتخابية الحالية».
واستبعد طعمة إمكانية أن يصوت المجلس على التعديل الجديد، ذلك أنه «يؤسس لظاهرة خطيرة تؤدي إلى ما يشبه الديكتاتورية والاستبداد، كما أن الخلاف على التعديل الرابع مبدئي ويتعلق بأصل فكرة التمديد، فيما كان الخلاف في التصويت على التعديل الثالث يتعلق بالتفاصيل والجزئيات التي تدور حول عمليات العد والفرز».
من جانبه، يرى النائب عن «الجماعة الإسلامية» الكردستانية زانا سعيد أن «مشروع التعديل الرابع سيمرر يوم الخميس، لأن الجو العام في البرلمان مع ذلك، والنصاب اللازم للتصويت سيكتمل». وعن سبب إصرار المجلس على موضوع التمديد، يقول سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «هناك اعتقاد في البرلمان بأن عمليات العد والفرز اليدوي ستأخذ وقتا طويلا، ومن غير المناسب غياب السلطة التشريعية خلال هذه الفترة وتبقى السلطة التنفيذية بعيدا عن الرقابة». ويضيف: «في الانتخابات السابقة لم يحدث أن انتهت الدورة البرلمانية قبل إعلان النتائج، لذلك لم تكن هناك حاجة للتمديد، والأمر معكوس في هذه الدورة، لذلك هناك من يرى ضرورة المحافظة على بقاء التوازن بين التنفيذ والتشريع عبر التمديد لعمر الأخير».
وكشف سعيد عن أن «التعديل الرابع لا يتعلق بتمديد عمر البرلمان فقط، إنما سنصوت على إلزام المفوضية بعمليات العد والفرز اليدوي الشامل، وليس كما ذهب إليه قرار المحكمة، كما سيعطي التعديل دورا جديدا للأمم المتحدة في عمليات العد والفرز، كما أنه سيطلب من القضاة الحاليين في المفوضية إبعاد مسؤولين كبار في المفوضية عن عمليات العد اليدوي».
من جهتها، تستبعد النائبة والمرشحة الفائزة عن تحالف «القرار» ناهدة الدايني إمكانية تمرير التعديل الرابع لقانون الانتخابات الخميس، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لا أتوقع اكتمال نصاب جلسة الخميس. هناك خشية من الفراغ الدستوري، والأمور شبه محسومة بعد قرار المحكمة الاتحادية الأخير حول إعادة العد والفرز»، مضيفة: «شخصيا مع أي قرار ينصف من يعتقد أن أصواته الانتخابية قد تم التلاعب بها، لكن التمديد للمجلس مسألة صعبة، والأمر عائد للمحكمة الاتحادية في قبول ذلك أو رفضه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.