إدارة عقارات وسط القاهرة بـ«صندوق سيادي» تضاعف العوائد الاقتصادية

التطوير يرفع إيجار المتر 6 أضعاف... والأرباح لتمويل العاصمة الإدارية

العقارات التراثية تعد ثروة اقتصادية كبيرة والاهتمام بها يزيد من قيمتها الاقتصادية
العقارات التراثية تعد ثروة اقتصادية كبيرة والاهتمام بها يزيد من قيمتها الاقتصادية
TT

إدارة عقارات وسط القاهرة بـ«صندوق سيادي» تضاعف العوائد الاقتصادية

العقارات التراثية تعد ثروة اقتصادية كبيرة والاهتمام بها يزيد من قيمتها الاقتصادية
العقارات التراثية تعد ثروة اقتصادية كبيرة والاهتمام بها يزيد من قيمتها الاقتصادية

بدأت الحكومة المصرية اتخاذ خطوات نحو تشكيل صندوق سيادي لإدارة العقارات والمباني في القاهرة التراثية، وذلك في إطار خطة لتطوير المنطقة ورفع قيمتها الاقتصادية، في تغير ملحوظ باستراتيجية الدولة في التعامل مع المباني والعقارات التراثية أو ذات الطابع المعماري المميز، من مبان تحتاج إلى تطوير حفاظاً على الشكل الجمالي، واستعادة لصورة الماضي، إلى عقارات تحتاج إلى مزيد من الاهتمام والتطوير حتى ترتفع قيمتها الاقتصادية، لزيادة موارد الدولة المالية.
وعقدت اللجنة القومية لحماية وتطوير القاهرة التراثية، برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، اجتماعاً أخيراً لبحث خطة تطوير القاهرة التراثية للعام الحالي 2018، بحضور الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، من أجل التنسيق مع مبادرة الدولة في تأسيس الصندوق السيادي الذي سوف يدير الأصول غير المستغلة التي تتضمن المباني الحكومية التاريخية، بعد انتقال المكاتب إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
وخلص الاجتماع، وفقاً لبيان رسمي صادر عن اللجنة، إلى «ضرورة وضع قانون خاص للقاهرة كعاصمة تاريخية متميزة، على أن ينظم القانون كيفية التعامل مع المناطق التراثية والتاريخية، ويمنع إهدار مبانيها ورأسمالها التاريخي في صور غير لائقة، كما يحدد أنماط التطوير والأنشطة المقبولة، وينظم تنفيذها على أرض الواقع».
واتفقت اللجنة على تأسيس كيان معني بتملك أصول القاهرة التراثية، خصوصاً في منطقتي القاهرة التاريخية القديمة والقاهرة الخديوية، والتنسيق مع كل الجهات المعنية لتملك المباني التاريخية، تحديداً المشغولة حالياً بوزارات ومصالح حكومية، التي سيتم نقلها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، فضلاً عن التنسيق مع الشركات المالكة لعدد كبير من العقارات التراثية بالقاهرة، وهي شركات الإسماعيلية للاستثمار العقاري، وشركة مصر لإدارة الأصول العقارية، والشركات التابعة للشركة القابضة للسياحة.
وتشكلت اللجنة القومية لتطوير وحماية القاهرة التراثية في أواخر 2016، بقرار من رئيس الجمهورية رقم 604، وتضم في عضويتها كلاً من محافظ القاهرة، ومستشار الرئيس للتخطيط العمراني، ورئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، ورئيس مجلس إدارة العاصمة الإدارية الجديدة، ورئيس الهيئة العامة للتخطيط العمراني، وخبير في إعادة هيكلة وإدارة الأصول، ورئيس اتحاد البنوك.
وقال طارق عطية، المتحدث باسم اللجنة، لـ«الشرق الأوسط» إن «فكرة تأسيس اللجنة جاءت في أعقاب البدء في إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، الذي أثار الكثير من التساؤلات حول رؤية الدولة في التعامل مع هذا الكيان القديم الذي يحتوي على كنز استثماري وسياحي واقتصادي هائل، وهو ما يتطلب وجود كيان مؤسسي يقوم بوضع رؤية لإدارة هذه الثروة الاستراتيجية، ومواجهة الأخطار والتحديات التي تتعرض لها القاهرة (العاصمة)، وخصوصاً تراثها المعماري الذي يميزها عن أغلب عواصم العالم، وذلك نتيجة توسع المدينة وإنشاء ضواح جديدة حولها، وتوجيه الاهتمام إلى الضواحي الجديدة، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على وسط المدينة، لتشكل بيئة طاردة للنشاط الاقتصادي والسياحي، رغم المقومات الهائلة التي تمتلكها القاهرة التراثية».
وقال المهندس إبراهيم محلب، رئيس اللجنة، إن «اللجنة لديها رؤية واضحة عن الفوائد الاقتصادية من مشروع التطوير الشامل للقاهرة التراثية، عبر الاستثمار في المباني التاريخية، خصوصاً تلك التي تمتلكها الدولة، أي ما يزيد على 100 مبنى، ما سيحقق أرباحاً اقتصادية بشكل مباشر»، مؤكداً: «لن نترك أي عقبات تمنعنا عن إنجاز مهمتنا».
وأضاف محلب أن «المردود الاقتصادي الذي تهدف اللجنة إلى تحقيقه لا يأتي إلا بالاستثمار في تطوير المباني التراثية»، ضارباً المثل بتجربة تطوير عمارة «لافينواز»، التي نفذتها شركة الإسماعيلية للاستثمار العقاري، مطالباً جميع ملاك العقارات بتكرار التجربة في أماكن أخرى بالقاهرة التراثية.
وتمتلك شركة الإسماعيلية 23 عقاراً بمنطقة وسط البلد، طورت 6 منهم، ويجري حاليا تطوير 3 آخرين، وتم تأسيسها عام 2008 كأول شركة عقارية معنية بتطوير المباني التاريخية الخاصة الموجودة بمنطقة وسط البلد، ومن أهم المشروعات التي نفذتها الشركة مشروع مبنى «لافينواز»، الذي أصبح بعد التطوير المقر الرئيسي لشركة «ثروة كابيتال»، الشركة المالكة لشركة «كونتكت»، وهو أول مبنى تاريخي صديق للبيئة بمنطقة وسط البلد، كما نفذت مشروعات لتطوير سينما راديو، ومبنى الشوربجي، وغيرها من المباني.
وقال مصدر من داخل الشركة لـ«الشرق الأوسط» إن الشركة تسعى إلى إعادة إحياء وسط البلد، من خلال تطوير وترميم المباني التراثية، مما يزيد من قيمتها الاقتصادية، مشيراً إلى أن تكلفة ترميم كل مبنى تختلف بحسب حالة المبنى ومساحته، كما أن القيمة الإيجارية بعد التطوير تختلف أيضاً حسب حالة المبنى، مؤكدا أن «أحد المباني التي تم تطويرها بشارع عبد الخالق ثروت ارتفعت قيمته الإيجارية بعد التطوير بنسبة 40 في المائة، بينما تضاعفت القيمة الإيجارية لمبنى لافينواز بعد التطوير». ووفقاً لتصريحات كريم الشافعي، رئيس مجلس إدارة شركة الإسماعيلية للاستثمار العقاري، فإن «القيمة الإيجارية للمتر بوسط البلد تتضاعف 6 مرات بعد التطوير».
وأكد عطية أن هناك اهتماماً من جانب الدولة الآن بتطوير القاهرة التاريخية، مشيراً إلى أن «العقارات التراثية تعد ثروة اقتصادية كبيرة، والاهتمام بها يزيد من قيمتها الاقتصادية»، موضحاً أن «فكرة الصندوق السيادي نابعة من اتجاه الدولة لإدارة الأصول غير المستغلة، التي تعد ثروة قومية، حيث سيتولى الصندوق إدارة المباني الحكومية في أعقاب نقل العاملين فيها إلى العاصمة الإدارية»، مشيراً إلى أن «بعض هذه العقارات يصلح لأن يتحول إلى فنادق، والبعض الآخر مطاعم، وغيرها من الأنشطة، وفقاً لطبيعة المبنى وقيمته».
ووفقاً لخطة الحكومة لنقل مقرات الوزارات وبعض الجهات الحكومية على عدة مراحل، حتى اكتمال خطة إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، فإن المرحلة الأولى تشمل نقل ما يقرب من 18 وزارة وهيئة خلال عامي 2018 و2019، وهو ما يتطلب تمويلاً ضخماً، يصعب توفيره في ظل الضغوط المتزايدة على الموازنة العامة للدولة.
وقال عطية: «في ظل هذه الضغوط على الموازنة، والاحتياج لموارد مالية ضخمة، ظهرت أهمية تأسيس الشركة المصرية لإدارة الأصول العقارية المملوكة للدولة، التي تهدف إلى نقل كل الأصول العقارية التي تشغلها الوزارات والهيئات الحكومية في القاهرة، والمقرر نقلها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، إلى الشركة، مما يساهم في تسهيل ورفع كفاءة إدارتها وتنميتها وخلق قيم مضافة لها، و ضمان عدم الاستخدام المزدوج لها من الوزارات والهيئات بعد نقلها إلى العاصمة الإدارية، وتحقيق العائد الاقتصادي والإداري من خطط النقل».
وأضاف أن «من بين مهام هذه الشركة زيادة موارد الدولة من خلال الاستغلال الأمثل لتلك الأصول، التي تقع بقلب القاهرة وتمتلك أفضل المواقع المناسبة للاستثمار العقاري والسياحي والفندقي، مما يؤهلها لتكون مزاراً سياحياً ومتحفاً مفتوحاً».
وأشار عطية إلى أن «اللجنة نجحت على مدار العام الماضي في تطوير 84 عقاراً مسجلاً، و23 عقاراً غير مسجل، ويجري حالياً استكمال اللمسات الأخيرة لتطوير شارع الشريفين، واستكمال تأسيس اتحاد شاغلين لمنطقة البورصة على وجه السرعة».
ومن المتوقع أن تتولى البورصة المصرية رئاسة اتحاد الشاغلين، مع إمكانية تمويلها لأعمال الصيانة والنظافة في المنطقة، كما تعمل اللجنة على وضع تصور شامل للاستغلال الأمثل للمحلات الموجودة في منطقة البورصة على وجه السرعة، ودراسة مقترحات إعادة استخدام مبنى الإذاعة القديم في منطقة البورصة.
وأكد عطية أن «التجربة التي تمت في تطوير بعض شوارع وسط البلد أدت إلى تطوير الفكرة بعمل اتحاد شاغلين للشوارع التي يتم تطويرها حتى يشاركوا في قرار التطوير، خصوصاً أنهم سيستفيدون من ارتفاع قيمة المنطقة اقتصادياً».
وأشار إلى أن تكلفة عمليات الترميم والتطوير حتى الآن تتم عبر الشراكة مع البنوك، في إطار مسؤوليتها الاجتماعية، وقال: «بالطبع، لن يستمر الوضع هكذا، وعلى سكان هذه العقارات أن يساعدوا في عملية التطوير، خصوصاً أنهم أول المستفيدين منها».


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».