من يمنع تسلط الناشر على النص الأدبي؟

مؤلفون يستهجنون تدخلات بعض دور النشر

من يمنع تسلط الناشر على النص الأدبي؟
TT

من يمنع تسلط الناشر على النص الأدبي؟

من يمنع تسلط الناشر على النص الأدبي؟

مع ارتفاع عدد المؤلفات الفكرية التي ينتجها مثقفون وأدباء سعوديون، أصبح للنشر سوق تحكمها قواعد وقوانين، يجري تطبيقها هنا، واختراقها هناك. من بين ما ينتظم تحت هذا القانون: العلاقة بين المؤلف والناشر.
ويظهر كتاب سعوديون حساسية عالية تجاه تدخل دور النشر في منتجاتهم الأدبية، بعض هذه التدخلات يبدأ من صياغة العنوان، واختيار صورة الغلاف، وينتهي بحذف عبارات أو تغيير سياق الجمل، أو طلب حذف أو إضافة أجزاء من الكتاب.
هناك من يرى أن هذا التدخل ممنوع، ولكن بعض الناشرين يرون أنه يطبق في أضيق الحدود وتحكمه الضرورة، ضرورة التسويق والحصول على إجازة النشر.

* عبد الحفيظ الشمري: سوق الكتاب
الروائي والكاتب السعودي عبد الحفيظ الشمري، لا يستبعد أن تتدخل بعض دور النشر في شكل وتصميم الغلاف، بل حتى تسمية المنتج، سواء أكانت رواية أو غيرها، وهناك من يتدخل في تركيبة وصياغة النص، وأبعد من ذلك أن يتدخل في مجريات الأحداث التي يسردها النص.
وقال: «هذا يمكن أن تتعاطاه بعض دور النشر التي لا تحترم ذاتها أولا، ومن ثم المؤلف، ويليه القارئ. فعلى المستوى الشخصي وبحكم علاقتي بدار نشر أو اثنتين فإنني بحقّ لم أتعرض لذلك». لكنه أضاف: «يجأر بين فينة وأخرى بعض الكتاب من ممارسات بعض دور النشر التي تلهث وراء المنافسة دون أي ضابط أو وازع، وأنهم يتدخلون في توجهات الكاتب من حيث طلبهم كناشرين لمؤلفات ترويجية أو مغامرات فجة من أجل البحث عن ربح أو مكاسب ما».
وبالنسبة للروائي عبد الحفيظ الشمري، فإن التدخل في شكل العمل أهون من التدخل في متن النص، لأن الكاتب برأيه أحيانا لا يوفق في اختيار لوحة أو تصميم غلاف كتابه، أو أن اختيار العنوان الذي قد يكون مكررا وغير جاذب.
وهذا الحد من التدخل، برأي الشمري، أمر وارد لكن بحدود الذوق وبتوافق واضح بين الناشر والمؤلف، ليكون العمل متوازنا في طرحه وترويجه، ولا يخل بسياق العمل الأصلي أو يجعله مادة للابتذال لمجرد البحث عن مكاسب مادية، على حد تعبيره.

* عبد الله الزيد: شخصية الكاتب
أما الشاعر السعودي عبد الله الزيد فيرى أن النص المقدم إلى دار النشر هو «نص مقدس» لمؤلفه، والمساس به «خط أحمر»، وليس لأحد من داخل دار النشر أو من خارجها الحق في أن يتصرف فيه بأي شكل من الأشكال، دون الرجوع إلى مبدع النص والتشاور معه.
ويقول: «أعتبر التدخل السافر في النص من قبل دور النشر إنما هو نوع من الاستخفاف بشخصية الكاتب قبل أن يكون تلاعبا بالقوانين والاتفاقات».
وأضاف الزيد: «الحديث الآن عن دور النشر، لكنه حديث ينسحب تلقائيا على كل المؤسسات مثل الصحف والمجلات والدوريات. فالفيصل في الموضوع هو أن لا يستهان بمبدع النص بأي شكل من الأشكال، ذلك لأن الكاتب عندما سلم النص لدار النشر كانت فكرته وهدفه ومحور اهتمامه هو الطباعة، وليس لعرض النص أو لاستقبال التعديلات والآراء وقبول المقترحات».
وقال: «أما قضية الإخراج ومسائل التصميم والغلاف والأمور الفنية فتلك أشياء يفهم فيها المتخصصون، لكن لا بد من الاستئناس برأي الكاتب ووضعه في الصورة، فالمهمة برمتها تعني الكاتب في البدء والانتهاء، فلا يمكن تصور تصميم غلاف أو وضع رسوم أو اعتماد إخراج معين دون أن يكون للكاتب علم أو اطلاع على ذلك».

* خالد خضري: مهمة المبدع فقط
وفي الإطار نفسه قال الروائي والكاتب السعودي خالد خضري: في الكتاب الإبداعي فإن المتن والكتابة وكل ما يتعلق بها هي مهمة المبدع ذاته، ولا يمنع أن تجري مراجعة النص مراجعة لغوية وتصحيحية من قبل متخصصة، لكن من المعيب أن يتدخل في كتابة النص آخرون».
أما صورة الغلاف وتصميمه فهي برأي خضري «حق مشروع للناشر أن يتدخل فيها، بالذات إذا كان هذا الناشر سيقوم بشراء حقوق الطبعة ويتولى هو توزيعها والتصرف فيها، ويعطي الكاتب مستحقا مجزيا كأجر على مؤلفه».

* د. عائشة الحكمي: أيما مفسدة
الأديبة الدكتور عائشة الحكمي قالت: «إن تدخل دور النشر في المنتج الكتابي حقيقة ملموسة لدى بعض المؤلفين والجمهور، يصرح بذلك أصحاب دور النشر أنفسهم حين يدخل المنتج في ضجة إعلامية سلبية أو إيجابية، فتبدأ تصريحات ذوي العلاقة تظهر بين الفينة والأخرى أحيانا تهما متبادلة في عمق النص».
وتضيف الحكمي: «يعتقد بعض دور النشر أن ترويج الكتاب أمر مهم، وأن التجارة شطارة ويستفيد منها الكاتب ودار النشر، ويصبح الجمهور مغررا به. وفي هذا عدم التزام حرية المستفيد وعدم التأثير عليه وإغوائه أو إجباره على الشراء بطريقة غير مباشرة».
ورأت أن التدخل في النص من قبل دار النشر مشكلة تؤدي إلى التقليل من سمعة الكاتب وتفسد فكرة النص مما يفسد الكتاب نفسه، ويجري ترويجه بطريقة غير أخلاقية»، وأضافت: «أنا أعترض على هذا المسلك، فالقارئ ليس لعبة نتقصى فرص اصطياده بوسائل غير منطقية».
* مشاري العفالق مدير دار «الكفاح» للنشر : هذا واقع ويحدث برضا الجميع
* في هذا السياق قال مشاري العفالق مدير عام دار «الكفاح» للنشر والتوزيع: «بداية لنتفق على أن أية تدخلات من قبل دور النشر في المنتج الإبداعي للمؤلف لا بد أن تجري برضا الطرفين وأن تخضع لأمور، أهمها: سياسة الدار وذوق المؤلف ونوع الكتاب».
وأضاف: «في دار (الكفاح) مثلا نقوم بإعداد دراسة تسويقية بعد إجازة اللجنة للعمل، ومن خلال الدراسة وخبراتنا المتراكمة في هذا المجال نقترح على بعض المؤلفين أغلفة وعناوين، فهذا الكتاب أيضا سيصبح من إصدارات الدار».
وزاد مدير دار «الكفاح» للنشر: «من تجربتنا تصل إلينا بعض الأعمال السردية الرائعة، لكن كتابها يظلمونها باختيار عناوين غير جاذبة أو غير مناسبة. وبعض المؤلفين يحرص على أن يحتوي غلافه على لوحة تخص صديقا له أو تصميم يقوم به أحد المتعاونين، وفي بعض الأحيان يفاجأ بقيمته المالية لكنه سيحكم بالفشل على الكتاب، لذا نجد من مسؤوليتنا تجاه الكاتب والجمهور أن نطور من الشكل الذي سيظهر عليه»
وفي الوقت نفسه أقر العفالق بأن هذا الأمر واقع وموجود في الدور الغربية التي تتيح أيضا للمشاهير التدخل في التحرير النهائي للعمل، على الرغم من حمايتها للملكية الفكرية على حد تعبيره، غير أن هذا المنحى كما يعتقد «لا يزال غير مقبول في عالمنا العربي على الرغم من ضعف سقف الحماية للكتاب والمؤلف ودور النشر».
ومع ذلك، يعتقد العفالق أنه من الأهمية بمكان، التنبه إلى أن الذوق وحده لا يكفي لإنجاز العمل كما يستوجب، لافتا إلى أن لكل كتاب مجالا وطابعا وطريقة للتجديد، مشيرا إلى أن بعض الكتب لا يمكن التدخل ليس فقط في عناوينها، بل يصعب إضفاء لمسة تجديد في شكلها الخارجي.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.