تحسن أداء منتخب البرازيل في كأس العالم 2018 بروسيا وحقق منتخب السامبا فوزه الأول في البطولة على منتخب كوستاريكا، وكان الشيء الأبرز في هذه المباراة يتمثل في أن لاعبي المنتخب البرازيلي لم يشعروا باليأس وأمنوا بقدرتهم على تحقيق الفوز حتى اللحظات الأخيرة من عمر المباراة. وبينما كانت المباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة، كانت الضغوط تزداد على لاعبي كوستاريكا الذين بدأوا يسقطون على الأرض واحدا تلو الآخر من أجل إضاعة الوقت والخروج بنقطة التعادل الثمينة، وهذا جزء من كرة القدم، لكن المنتخب البرازيل واصل العمل بكل قوة ولم يستسلم.
وكان لاعبو المنتخب البرازيلي لديهم رغبة أكبر في التقدم للأمام وشن الهجمات من أجل تحقيق الفوز، وهو ما تحقق لهم في نهاية المطاف وبشكل مستحق، وبدأ راقصوا السامبا في تقديم اللمحات الفنية التي كنا ننتظرها منهم ويتناقلون الكرة بسرعة ويستخدمون أطراف الملعب ويشنون هجمات مرتدة خطيرة للغاية. وستزداد صعوبة وشراسة المباريات المقبلة في حال تجاوز المنتخب البرازيلي لدور المجموعات، لكن الشيء الجيد بعد ذلك يتمثل في أن البرازيل ستواجه منتخبات أقوى في الأدوار الإقصائية لا تلعب بشكل دفاعي بحت وتهاجم بشكل أكبر، وهو ما سيخلق المساحات أمام مهاجمي المنتخب البرازيلي من أجل خلق الفرص وتهديد مرمى الفرق المنافسة.
وفي الحقيقة، يمكن القول بإن أداء المنتخب البرازيلي أمام كوستاريكا كان أفضل كثيرا من مباراة سويسرا، وشكل نيمار خطورة ملحوظة وتقدم لمناطق الخطورة، وهذه هي المناطق التي يكون نجم باريس سان جيرمان مؤثرا فيها بشكل كبير. وخلق نيمار العديد من المشكلات لخط دفاع كوستاريكا واحتسب له حكم المباراة ركلة جزاء قبل أن يعود ويلغيها بعد العودة إلى تقنية حكم الفيديو المساعد.
فهل كانت هذه اللعبة تستحق احتساب ركلة جزاء لصالح نيمار؟ وهل فعل حكم اللقاء الشيء الصحيح باحتسابه لركلة جزاء ثم التراجع عنها؟ لقد أعاق مدافع كوستاريكا نيمار ومنعه من مواصلة اللعب بعد أن لمسه، لكن في الحقيقة لم تكن هذه اللمسة قوية بالدرجة التي تجعل حكم المباراة يحتسب ركلة جزاء، خاصة وأن نيمار قد توقف ولم يحاول مواصلة اللعب. وقد أظهرت هذه اللعبة أنه بالرغم من اللجوء إلى تقنية حكم الفيديو المساعد فإنه لن يكون من السهل دائما أن تأخذ قرارا في مثل هذه اللعبات المثيرة للجدل.
ويضم المنتخب البرازيلي عددا كبيرا من اللاعبين أصحاب المهارات الفردية الرائعة، وقد رأينا ذلك أمام كوستاريكا، وما زال بإمكان الفريق أن يقدم أفضل من ذلك. صحيح أن اللعب الجماعي مهم للغاية، لكن المنتخب البرازيلي بحاجة للاعتماد على المهارات الفردية في خطي الوسط والهجوم من أجل اختراق دفاعات الفرق المنافسة وخلق الفرص وتسجيل الأهداف. ويحتاج المنتخب البرازيلي أيضا إلى كثافة هجومية أكبر داخل منطقة الجزاء من أجل صناعة مزيد من الفرص، وهو الأمر الذي حدث بالفعل في أكثر من هجمة أمام كوستاريكا.
ويجب الاعتراف بأنه لا يكون من السهل اختراق دفاعات فريق يلعب بشكل دفاعي بحت، وأتذكر أننا واجهنا صعوبة كبيرة عندما لعبنا أمام السويد في دورة الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو عام 2016 لأنها كانت تعتمد على اللعب بعشرة لاعبين في الدفاع ثم شن هجمات مرتدة سريعة بمجرد الاستحواذ على الكرة. لقد فعلنا كل شيء في هذه المباراة وضغطنا على السويد بشكل هائل، لكننا في نهاية المطاف لم نتمكن من اختراف دفاعاته الحصينة، وامتدت المباراة للوقت الإضافي وركلات الترجيح وخسرت البرازيل. من المهم للغاية أن تتحلى بالصبر في عالم كرة القدم، وهو الشيء الذي أظهرته البرازيل بالفعل أمام كوستاريكا.
ويقول البعض إن منتخب البرازيل لم يقدم في هذه البطولة الأداء الممتع والمثير الذي كنا نتوقعه منه، ودائما ما يتوقع الجمهور – وأنا الآن واحدة منهم وأنا أشاهد المباريات من الخارج – أن تقدم البرازيل كرة قدم جميلة وتمتعنا بمهارات فنية رائعة ولمحات استثنائية لأنها دائما ما عودتنا على ذلك. وإذا لم تقدم البرازيل أداء ممتعا فإنها تتعرض للانتقادات، لكننا على مر التاريخ رأينا أن البرازيل كانت تمتلك في بعض الفترات أجيالا رائعة تقدم كرة قدم ممتعة ومثيرة لكنها لم تتمكن من الحصول على لقب كأس العالم، لكن يجب أن نتفق على أن النتيجة هي الشيء الأهم في عالم كرة القدم وأن الفوز بكأس العالم هو ما يهم الجمهور واللاعبين، وليس أي شيء آخر.
وكان من الرائع أن نرى المدير الفني للمنتخب البرازيلي تيتي وهو يقلب المباراة رأسا على عقب بإقحامه لدوغلاس كوستا بدلا من ويليان وروبرتو فيرمينيو بدلا من باولينيو. في الحقيقة، لم أتفاجأ بالمستوى القوي الذي قدمه فيرمينيو بعد نزوله، لأنه قدم بالفعل موسما استثنائيا مع نادي ليفربول ودائما ما يقاتل على كل كرة وأظهر أن لديه رغبة هائلة في مساعدة فريقه بأي طريقة ممكنة، وقد ساهم بشكل رائع في صناعة الهدف الأول أمام كوستاريكا.
وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو: هل يدفع تيتي بفيرمينيو في التشكيلة الأساسية لراقصي السامبا في المباراة المقبلة أمام صربيا غدا؟ من الممكن أن نرى فيرمينيو يلعب أساسيا في المباراة القادمة، ولا يجب أن يكون ذلك بالضرورة على حساب غابرييل جيسوس، خاصة بعدما أظهر فيرمينيو وجيسوس أمام كوستاريكا أنه يمكنهما أن يلعبا سويا. وقد أظهر المنتخب البرازيلي أنه يمتلك قائمة من البدلاء الأقوياء الذين يمكنهم إحداث الفارق عند المشاركة، ففي البداية شارك فاغنر بدلا من دانيلو، ثم شارك دوغلاس كوسستا وفيرمينيو وكان لهما دور كبير في تغيير نتيجة المباراة.
ومع ذلك، لا يتعين علينا أن نبالغ كثيرا في قدرات المنتخب البرازيلي، لكن يتعين علينا أن نعرف أننا نمتلك لاعبين جيدين لديهم مهارات كبيرة يمكنهم صناعة الفارق. وفي النهاية، يجب الإشارة إلى أن نيمار قدم مباراة أفضل من المباراة الأولى، وظهر أنه يسعى للتغلب على كافة العقبات التي واجهته، وهذا هو ما أتمناه ويتمناه كل برازيلي حتى يقدم نيمار أفضل ما لديه ويساعد منتخب بلاده بأفضل طريقة ممكنة. وعندئذ، ستكون فرصتنا كبيرة في الحصول على بطولة كأس العالم.
البرازيل قادرة على اللعب أجمل لكن الفوز هو المهم
الجماهير دائماً تتوقع كرة ممتعة وأداءاً مثيراً من راقصي السامبا
البرازيل قادرة على اللعب أجمل لكن الفوز هو المهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة