في أول يوم لقيادة المرأة في السعودية، لم تتمكن شابّة سعودية من النوم ليلة القرار، قبل أن تشارك مع نظيراتها من النساء السعوديات في تحقيق الحدث التاريخي، بقيادة سيارتها نحو عملها صباحاً.
وتصف مها سعدي طاهر (32 سنة) أحداث وقت سريان القرار لـ«الشرق الأوسط»، أمس، في حديث لا يخلو من مشاعر الحماسة وعواطف جياشة تجاه بلدها، بالقول: «حدث الأمس ليس مجرد قيادة للسيارة، الحدث هو عودة الحياة في السعودية إلى الفطرة الإنسانية الطبيعية، وإلى الوضع الطبيعي لبلدي، كما كان في السابق».
وتضيف مها، وهي أم لطفلين، وتعمل رئيسة للتسويق والعلاقات العامة في هيئة الثقافة قائلة: «من شدة وقع الحادثة علي، وأنا أسير في طريقي لاحظتُ أنني وصلت لمقر عملي دون أشعر، ودون أن أتذكر بعض معالم الطريق».
وتعود مها للذكريات وعلاقتها بالقيادة بالقول: «تحصلت على رخصة القيادة من سويسرا، وكانت اختبارات القيادة لديهم ليست بالأمر اليسير، بل بها بعض الصعوبات، لا سيما أن الطبيعة الجغرافية لسويسرا بما فيها من جبال ومرتفعات تحتاج إلى جانب معين من المهارات للحفاظ على السلامة العامة، وقد وفقت ونجحت في جميع الاختبارات».
وعن الجانب الفعلي لقيادتها للسيارة قالت: «بداية أدرتُ محرك السيارة بعد أن ربطت حزام الأمان ووضعت الهدف مقر عملي بهيئة الثقافة، لقد كنت في قمة السعادة فيما يتعلق بوجودي داخل السيارة، فقد تغير موقعي من الخلف بوجود سائق أجنبي، إلى أن وجدت نفسي لست في المقاعد الأمامية فحسب، بل خلف المقود، لأستمتع بكل تفاصيل السيارة؛ أدرت قنوات الإذاعة بنفسي استمعتُ للأخبار المصاحِبة لقيادة المرأة السعودية للسيارة، كان شعوراً كبيراً بالاستقلالية والاعتماد على الذات، ليتكون الإنجاز».
وتضيف: «طوال الطريق حتى عملي لا أتذكر سوى كل ترحيب من الجهات المعنية رجال المرور وغيرهم، إذ إن الطرق كانت ميسرة في المنطقة الشرقية من السعودية، رغم أنه اليوم الأول لاستئناف العمل بعد إجازة العيد، والأجمل المشاعر الإيجابية من الجميع فلم ألحظ أي نظرة استغراب ممن بجواري أثناء التحرك بالسيارة».
وتتطرق مها لمشاعر السعادة التي تعيشها تجاه القرارات المتلاحقة في السعودية فتقول: «خادم الحرمين الشريفين وجّه ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بعمل كل ما من شأنه خدمة الوطن ودفعه للأمام، والحقيقة أنني أشعر بطمأنينة واستقلالية وثقة كبيرة في نفسي كلما تابعتُ التحركات الإيجابية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان».
وفي جدة، قدمت علا جمل الليل التي تعمل في مدرسة تعليم القيادة النسائية بجامعة الملك عبد العزيز، بسيارتها الخاصة مقبلة من مكة المكرمة مقر إقامتها الحالي إلى جدة. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لأول مرة أقود سيارتي متجهة إلى عملي دون الاستعانة بسائقي الخاص، ورغم بعد المسافة، فإنني كنت مستمتعةً وأشعر بإحساس لا يُوصَف، اكتسبت ثقة كبيرة في نفسي وأشعر أنني أستطيع القيام بجميع مهامي بنفسي دون تحكم شخص آخر أو انتظاره».
علا تعلمت القيادة وحصلت على الرخصة من هناك، وعند إعلان السماح للمرأة بقيادة المرأة واستبدال رخصتها الحاصلة عليها من الخارج، قامت باستبدال الرخصة والتقديم في مدرسة تعليم القيادة للعمل مدرِّبة للنساء لقيادة السيارات.
ووصفت قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة بـ«التاريخي» كونه سينقل المجتمع من حالة إلى حالة أخرى، كما أن له تبعات اقتصادية وسيعزز دور المرأة في سوق العمل والدورة الاقتصادية للبلاد ضمن رؤية السعودية 2030.
أيضاً المدربة كريمة أحمد رزوقي خبرتها في قيادة السيارات تتعدى 30 عاماً حصلت على رخصتها من المغرب واستبدلت بها رخصةً سعوديةً، تعمل مدربة لقيادة السيارات في مركز القيادة بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
قدمت كريمة إلى مقر عملها بسيارتها الخاصة، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن تجربتها اليوم وهي تقود سيارتها الخاصة دون الاستعانة بسائقها الخاص لها وقع مختلف في نفسها يغمره سعادة لا توصف، وتجربة مختلفة عن تجاربها في السواقة خارج السعودية أو في مضمار التعليم.
ووصفت كريمة القرار الذي صدر بالسماح للمرأة بالقيادة بالجريء ويكفل المصلحة العامة وفق رؤية 2030، ومنح الثقة في النساء السعوديات اللاتي لديهن جميع مقومات النجاح وكانت تحتاج إلى الفرصة.
وقالت: «الأمير محمد بن سلمان رجل صانع، وأحدث تحولاً في المنهج الذي تسير به الحياة الاجتماعية في السعودية، وأحدث في المجتمع نقلة كبيرة، وأنصف المرأة في كثير من الأمور، وفي عهد الملك سلمان بن عبد العزيز الذي عاصر الدولة السعودية في كامل مراحلها، رأى أن مثل هذه القرارات حان وقتها بناء على معايير وصل إليها المجتمع السعودي تهدف إلى تنمية وتطوير المجتمع السعودي».
رحلة سعوديتين إلى العمل من وراء المقود
رحلة سعوديتين إلى العمل من وراء المقود
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة