«المؤتمر الشعبي» يدعو قواعده إلى مساندة الشرعية

الميليشيات تواصل مساعي «حوثنة» الحزب... وقيادات الخارج تندد

TT

«المؤتمر الشعبي» يدعو قواعده إلى مساندة الشرعية

فرضت الميليشيات الحوثية في صنعاء، على قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضعين لها تنصيب عدد من الموالين لها ضمن القيادات العليا للحزب (المكتب السياسي)، في إجراء نددت به قيادات «المؤتمر» في الخارج، وعدته «خيانة للحزب، ولزعيمه الراحل علي عبد الله صالح، إلى جانب كونه يفتقد للمشروعية».
كما هاجم جناح الحزب الموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي، في بيان، اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، استمرار عملية «حوثنة» الحزب، وعد الإجراء الأخير بتنصيب الموالين للميليشيات، ارتهانا جديدا من قبل قيادات الحزب في صنعاء للانقلاب الحوثي.
وكان عدد من قيادات الحزب الخاضعين للجماعة الحوثية، قد عقدوا الأربعاء اجتماعا في صنعاء برئاسة صادق أمين أبو راس، واستثنوا من حضوره القيادية البارزة في الحزب فائقة السيد، وقرروا خلاله تنصيب تسعة من القيادات الموالية للميليشيات الحوثية أعضاء في «اللجنة العامة» وهي أعلى هيئة قيادية في الحزب.
ومن ضمن من فرضتهم الجماعة على الحزب، القيادي الحوثي البارز المعين أمينا للعاصمة صنعاء حمود عباد، والقيادي المعين وزيرا للإدارة المحلية في حكومة الانقلاب غير المعترف، بها علي بن علي القيسي، وكلاهما باتا من أشد الموالين للجماعة، وأكثرهم نشاطا في عمليات تحشيد المجندين وجباية الأموال والتمكين الطائفي للميليشيات.
وأكدت القيادية في الحزب المعروفة بمناهضتها للجماعة فائقة السيد، في بيان لها، أن الاجتماع الذي عقد لما يسمى «الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام» برئاسة صادق أبو راس باطل شكلا ومضمونا، وأن ما أقره من تصعيد عدد من الأعضاء إلى عضوية «اللجنة العامة» متعارض ومخالف للنظام الداخلي للمؤتمر الشعبي، وللوائح المنظمة له.
وقالت إن الإجراء التنظيمي الصحيح للتصعيد إلى عضوية اللجنة العامة يتم خلال المؤتمر العام، وعبر الانتخابات يتم تحديد وتسمية أعضاء الهيئات القيادية، ومن ضمنها بل وأهمها اللجنة العامة، وفي حال تعذر انعقاد المؤتمر العام يحق للجنة الدائمة الرئيسية المصادقة على الترفيعات والتعيينات المقترحة أو رفضها؛ مؤكدة أنه تم تجاهلها ولم تدع إلى الاجتماع.
من جهتهم هاجم عدد من قيادات الحزب البارزين في الخارج، الإجراء الذي أقدم عليه قادة صنعاء، إذ اتهمهم القيادي سلطان البركاني «بخيانة الحزب وزعيمه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح»، وقال في تغريدات تابعتها «الشرق الأوسط» على «تويتر»: «أمر محزن أن نرى عبر وسائل الإعلام أخبارا عما يسمى قيادة التسيير للمؤتمر في الداخل، وإصدار قرارات تغيير أو تعيين لا يملك المسيّر أي حق بإصدارها، وتفتقد للمشروعية؛ لأنها دون سند لائحي».
وأضاف: «أما الأكثر غرابة فهو استبعاد الأمينة العامة المساعدة فائقة السيد عن الاجتماع مع المبعوث الدولي، وعدم دعوتها لما يسمي اجتماع اللجنة العامة والاجتماعات المؤتمرية الأخرى، لمواقفها المؤتمرية الصلبة. ويعتبر ذلك خيانة للمؤتمر والزعيم وانتهاكا للنظام الداخلي وقواعد المؤتمر».
وردا على استمرار الجماعة الحوثية في مساعيها لحوثنة حزب المؤتمر الشعبي، واستقطاب قواعده الشعبية إلى صفها، دعا الحزب في بيان بثه موقع صحيفته الرسمية على الإنترنت (الميثاق نت) كافة قواعده «إلى التلاحم مع الجيش الوطني في كافة المحافظات، وخاصة المحافظات المحررة، حتى يتحقق النصر في استعادة الدولة والجمهورية وتحقيق الأمن والاستقرار».
وأكد البيان أن الحزب «بكافة قواعده وقياداته في الداخل والخارج سيبقى مع كافة القوى السياسية والوطنية الداعمة للشرعية الدستورية، برئاسة عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، رئيس المؤتمر الشعبي العام، حتى يتحقق النصر وهزيمة المشروع الإيراني الطائفي، بدعم ومساندة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وبدور فاعل من دولة الإمارات العربية المتحدة».
وأشار البيان الذي جاء على لسان مصدر في الأمانة العامة للحزب في العاصمة المؤقتة عدن، إلى أن ما صدر عن القيادات الخاضعة للحوثيين «لا يمثل المؤتمر الشعبي، ويتجاوز النظام الداخلي واللوائح التنظيمية، ونتائج المؤتمر العام المنعقد في عدن عام 2005» وقال إن «التصعيد لأعضاء اللجنة العامة يمثل ارتهانا جديدا للانقلابين».
ولم يستغرب المصدر هذه الإجراءات التي قال إنها تصدر «تحت فوهات البنادق والضغط والإكراه، بعد أن امتلأت السجون بالأحرار من كافة القوى السياسية، واستولى الانقلابيون على كافة مقدرات الشعب ومؤسساته، وأصبح الشعب رهينة للميليشيات الإيرانية».
في غضون ذلك، أفادت مصادر حزبية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن رئيس مجلس حكم الجماعة الحوثية مهدي المشاط، استدعى القيادي في الحزب يحيى الراعي، وهو رئيس البرلمان الخاضع للجماعة في صنعاء، كما استدعى القيادي المعين رئيسا لحكومة الانقلاب عبد العزيز بن حبتور، وشدد عليهما من أجل التفاني في التحشيد في أوساط عناصر الحزب، وعدم الإدلاء بأي تصريحات بخصوص مواقف الحزب من مساعي السلام الأممية، إلا بما ينسجم مع موقف الجماعة.
يشار إلى أن قيادات الحزب في الخارج تقود مساعي مكثفة من أجل توحيد صفوفه، بعد مقتل مؤسسه صالح، وسط حرص دولي وإقليمي وأممي على بقاء دور «المؤتمر الشعبي» محوريا في مستقبل اليمن، لجهة ما يمثله من ثقل شعبي وتجربة إدارية وعدم ارتهان للتطرف الطائفي أو العقائدي.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.