تصعيد فلسطيني ـ إسرائيلي ينذر بحرب جديدة على جبهة غزة

تل أبيب تهدد وتعتبر الطائرات الورقية صواريخ... والفصائل ترد: القصف بالقصف

كتلة من اللهب نتجت عن انفجار أعقب قصف الطائرات الإسرائيلية لموقع في شمال غزة (أ.ف.ب)
كتلة من اللهب نتجت عن انفجار أعقب قصف الطائرات الإسرائيلية لموقع في شمال غزة (أ.ف.ب)
TT

تصعيد فلسطيني ـ إسرائيلي ينذر بحرب جديدة على جبهة غزة

كتلة من اللهب نتجت عن انفجار أعقب قصف الطائرات الإسرائيلية لموقع في شمال غزة (أ.ف.ب)
كتلة من اللهب نتجت عن انفجار أعقب قصف الطائرات الإسرائيلية لموقع في شمال غزة (أ.ف.ب)

هاجمت الطائرات الإسرائيلية 25 هدفاً لحركة حماس في قطاع غزة، في ليلة تصعيد كبيرة، شهدت، كذلك، إطلاق 45 صاروخاً وقذيفة هاون من غزة تجاه أهداف إسرائيلية.
بدأ الهجوم الإسرائيلي على غزة رداً على إطلاق مزيد من الطائرات الورقية التي تسبب حرائق. وهدد مسؤولون إسرائيليون بأنهم لن يسلموا بالوضع المستجد منذ بدأت «مسيرات العودة» في نهاية مارس (آذار) الماضي. فيما لوح الجيش بعملية برية واسعة «إذا اقتضى الأمر». وردت الفصائل الفلسطينية بالتأكيد على تمسكها بمعادلة «القصف بالقصف»، وبأنها هي من تحدد قواعد الاشتباك.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن طائراته أغارت على 25 هدفاً لـ«كتائب عز الدين القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة، مضيفاً: «نحن نرد بطريقة محسوبة ومهنية، ونهاجم أهدافاً عسكرية».
وتابع: «القصف كان هذه المرة أقوى وأشد، وهو رسالة إلى (حماس) كي تفهم أننا لن نسمح لهذا الوضع أن يستمر».
وهاجمت إسرائيل مع منتصف الليل ثلاثة أهداف تابعة لـ«حماس» في جنوب القطاع، رداً على إطلاق طائرات ورقية وبالونات حارقة في وقت سابق. ورد الفلسطينيون بعد دقائق، بإطلاق قذائف هاون وصواريخ، ما أدى إلى انطلاق صفارات الإنذار وإرسال الآلاف الإسرائيليين إلى الملاجئ. وخلال الساعات اللاحقة، رصد الجيش الإسرائيلي 45 صاروخاً وقذيفة أطلقتها الفصائل الفلسطينية، وهاجمت 25 هدفاً فلسطينياً.
وقال الناطق العسكري الإسرائيلي، «إن منظمات إرهابية، وبالأساس حركة حماس، أطلقت 45 قذيفة بينها صواريخ من القطاع على إسرائيل». وأضاف: «إن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي اعترض سبعة صواريخ فلسطينية، في حين سقطت ثلاثة صواريخ داخل الأراضي الإسرائيلية، بالقرب من مناطق مأهولة، أو في مناطق مأهولة بالسكان». وتابع: «لقد قضى المواطنون في جنوب البلاد ليلة أخرى في الملاجئ خشية من القذائف».
ولم تسجل إصابات في صفوف الإسرائيليين، لكن 5 فلسطينيين أصيبوا في الغارات الإسرائيلية.
وأشعل التصعيد الجديد، وهو الثالث في غضون شهر، مخاوف من انهيار التهدئة الحالية في قطاع غزة، التي ثبتتها مصر الشهر الماضي مجدداً.
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي غادي آيزنكوت، مهدداً، «إن الجيش الإسرائيلي مستعد لعملية عسكرية واسعة النطاق، في حال استمرت (حماس) في إطلاق الصواريخ والقذائف. وأضاف: «أن الجيش لن يسمح لـ(حماس) بتغيير قواعد اللعبة».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي قوله، «إذا اعتقدت (حماس) أن إسرائيل ستتردد في دخول صراع عسكري فهي خاطئة».
وكان الجيش الإسرائيلي أجرى تقييماً أمنياً أمس، وخلص إلى أنه لا يمكن السماح للفلسطينيين بالاستمرار في إطلاق الطائرات الورقية.
وقال مسؤول في الجيش «لن يسمح بمواصلة إطلاق الطائرات والبالونات الحارقة باتجاه الغلاف حتى لو كان الثمن الذهاب نحو مواجهة شاملة».
وعكست الغارات الجوية ضد «حماس»، وجود تكتيك جديد من أجل ردع الفلسطينيين عن إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة باتجاه إسرائيل.
وقال الجيش إن لديه «المعلومات الاستخباراتية والقدرات العملياتية الضرورية لتنفيذ غارات جوية أخرى في غزة، في حال استمرت هجمات الطائرات الورقية والبالونات».
وقرر جيش الاحتلال الرد على الطائرات الورقية بتنفيذ غارات في غزة بعد ساعات من تحذير وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان لحركة حماس، بأن إسرائيل لن تسمح لسكان غزة بالاستمرار في إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، التي أدت إلى اندلاع مئات الحرائق في الأشهر الأخيرة، مضيفاً: «إذا اعتقد أحد أنه سيتمكن من الاستمرار بإطلاق الطائرات الورقية والتسبب بالحرائق اليومية، فإنه مخطئ».
وأطلقت إسرائيل مجدداً، أمس، طلقات تحذيرية من طائرات تجاه مجموعة كانت تخطط لإطلاق طائرات ورقية، في إشارة إلى اعتماد سياسية الاغتيالات لاحقاً تجاه مطلقيها. واشتعلت 3 حرائق على الأقل أمس في محيط القطاع.
وحظي الجيش الإسرائيلي بدعم إسرائيلي رسمي لعملياته. وقال الوزير زئيف الكين، عضو المجلس الوزاري المصغر، إنه لا يمكن لإسرائيل أن تمر مر الكرام على إطلاق البالونات والطائرات الورقية الحارقة.
وقال الوزير يسرائيل كاتس، «الجيش وضع خطاً أحمر، وهو اعتبار أي طائرة ورقية حارقة بمثابة قذيفة صاروخية أو نفق»، مضيفاً: «رسالة إسرائيل واضحة: وهي أن الهدوء سيقابل بالهدوء والنار بالنار». وأردف: «الكرة الآن في ملعب (حماس)».
وردت «حماس» بتحدي إسرائيل. وقالت الحركة على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم، إن «رسالة القصف بالقصف تأكيد على أن المقاومة هي من تحدد قواعد الاشتباك على طريقتها... وعلى الاحتلال أن يتحمل النتائج».
وقالت «حماس» إنها لن تسمح للاحتلال بالاستفراد بالشعب الفلسطيني أو فرض أي معادلات جديدة.
ووجه برهوم «كل التحية للمقاومة الباسلة التي ردت على القصف الإسرائيلي لمواقعها في غزة، وهذا حق مشروع».
كما أكدت حركة «الجهاد الإسلامي» على حق الفلسطينيين بالرد بالمثل على التصعيد الإسرائيلي، وفق ما يرونه مناسباً. وقال داود شهاب مسؤول المكتب الإعلامي للحركة: «غزة ليست ميدان رماية لطائرات (إف 16) الإسرائيلية، والمرحلة التي كان كيان الاحتلال يتحرك فيها وكأنما يتحرك في فراغ مرحلة انتهت». وأضاف: «من حق المقاومة وواجبها الرد بالمثل وفق ما تقرره الظروف الميدانية وما تراه مناسباً، تحية لرجال المقاومة الأبطال».
وأصدرت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية بياناً قالت فيه، إنها تؤكد «على معادلة القصف بالقصف». وتابعت: «لن نسمح للعدو بفرض معادلاته العدوانية على شعبنا ومقاومته، وستتحمل قيادة العدو المسؤولية الكاملة عن أي عدوان، وستدفع ثمن عنجهيتها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.