الجيش اليمني يحسم معركة مطار الحديدة وعينه على الميناء

قتلى وأسرى حوثيون بالعشرات وفرار جماعي للاحتماء بالأحياء السكنية

تتجه أنظار قوات الجيش والمقاومة نحو ميناء الحديدة بعد حسم معركة مطار المدينة الاسترتيجية
تتجه أنظار قوات الجيش والمقاومة نحو ميناء الحديدة بعد حسم معركة مطار المدينة الاسترتيجية
TT

الجيش اليمني يحسم معركة مطار الحديدة وعينه على الميناء

تتجه أنظار قوات الجيش والمقاومة نحو ميناء الحديدة بعد حسم معركة مطار المدينة الاسترتيجية
تتجه أنظار قوات الجيش والمقاومة نحو ميناء الحديدة بعد حسم معركة مطار المدينة الاسترتيجية

حسم الجيش اليمني والمقاومة الشعبية أمس بإسناد من تحالف دعم الشرعية، معركة مطار الحديدة المستمرة منذ سبعة أيام، وسط معارك عنيفة وضربات جوية مكثفة استهدفت تحصينات الميليشيات الحوثية وآلياتها، ما أجبر عناصرها على الفرار باتجاه أحياء المدينة للاحتماء بمنازل المدنيين وتحويلهم إلى دروع بشرية.
وفيما تتجه أنظار قوات الجيش والمقاومة نحو ميناء المدينة الاستراتيجي، شرعت أمس بتمشيط أرجاء المطار ومحيطه والبدء بنزع شبكات الألغام الكثيفة وتفكيك المتفجرات المزروعة في مبانيه وساحاته، في حين أسفرت المعارك والضربات الجوية عن سقوط عشرات القتلى الحوثيين، وأسر مجاميع أخرى من عناصر الجماعة، طبقا لما أكدته المصادر الرسمية للجيش اليمني.
وتزامن حسم معركة المطار مع مغادرة مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث لصنعاء، إثر إخفاقه في إقناع قادة الميليشيات بتسليم الحديدة ومينائها سلميا بموجب خطة أممية طارئة، في الوقت الذي بدأت وحدات من الجيش في اقتحام أول أحياء المدينة، والتوغل غربا وشرقا لتطويقها مع الاستمرار في الزحف نحو الميناء الحيوي الذي يقع على مسافة 10 كيلومترات من المطار.
وقال العميد ركن عبده مجلي المتحدث باسم قوات الجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط»: «يجري تمشيط المطار بعد تحريره بالكامل إضافة إلى تحرير المطار العسكري والقاعدة الجوية في الحديدة، وتعمل الفرق الهندسية على نزع الألغام التي زرعتها الميليشيا الحوثية»، مشيراً إلى أن الهجوم أسهم في تكبيد الميليشيا الحوثية خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد وفرار فلول الحوثيين من المطار. وأكد رصد هروب بعض القيادات الحوثية وخبراء إيرانيين من الحديدة باتجاه العاصمة صنعاء وذلك عبر طرق فرعية شرق وشمال المدينة.
وأضاف أن الحوثيين تركوا وراءهم مصابين من دون أي معالجة في المطار، موضحاً أن الطواقم الطبية التابعة للجيش الوطني اليمني قامت بدورها الإنساني وقدمت خدمات المعالجة الطبية للمصابين الحوثيين، وفقاً للأعراف الإنسانية التي يلتزم بها الجيش الوطني.
وعلى وقع التطورات الميدانية في الساحل الغربي، أطلق الجيش اليمني والمقاومة الشعبية عمليات عسكرية مباغتة في جبهة نهم شمال شرقي صنعاء، قادت أمس إلى مقتل 26 حوثيا وتحرير عدد من المواقع الجبلية في سياق التقدم المستمر لتحرير صنعاء.
وفي هذا السياق، أعلن قائد قوات ألوية العمالقة، وقائد معركة الساحل الغربي، أبو زرعة المحرمي، في تصريحات رسمية، تحرير مطار الحديدة، بالكامل، بعد اقتحامه بالقوة وإجبار الميليشيات على الفرار شمالا، مؤكد أن قواته تقوم بملاحقة الجيوب المتبقية من الحوثيين داخله باتجاه البوابة الشمالية، إثر قطع الإمدادات القادمة من جهة الشرق.

ومع تسارع التطورات الميدانية، أفادت مصادر ميدانية وسكان لـ«الشرق الأوسط» بأن قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية، توغلت في أعقاب الميليشيات الحوثية، التي لجأت إلى استخدام مدفعيتها ودباباتها المحتمية وسط المنازل لقصف المطار، في مسعى يائس لوقف عملية تحريره وكبح التقدم المستمر لقوات الجيش التي أمنت مدرج المطار ومناطق شاسعة منه.
وتتواصل المواجهات الميدانية على الخط الساحلي وباتجاه مركز مديرية الدريهمي، حيث تتوجه القوات من منطقة «الدوار الكبير»ا شمالا على خط الكورنيش باتجاه جامعة الحديدة، في الوقت الذي تقترب فيه من قطع إمداد الحوثيين في طريق صنعاء - الحديدة، شرق المطار، مقتربة من إحكام قبضتها على «دوار المطاحن».
وبيّن المتحدث باسم قوات الجيش اليمني أن تحرير مطار الحديدة يمثل أهمية استراتيجية، نظراً لموقعه وعلى اعتبار أنه المفتاح الرئيس لتحرير ميناء الحديدة، مشيراً إلى أن تحرير المطار يعيد تدفق المساعدات الإغاثية والطبية والإيوائية إلى مستحقيها، كما سيتم إعادة تجهيز المطار وتسيير رحلات جوية تجارية وإغاثية قريباً.
وذكر أن الميليشيات الحوثية تعمل حالياً على حفر خنادق ووضع سواتر ونشر قناصة على أسطح المباني المدنية وتضع مواطني الحديدة دروعاً بشرية، فيما تنفّذ قوات الجيش الوطني اليمني عمليات تمشيط مع الحفاظ على المدنيين وتجنب استهداف المباني وفتح طرق آمنة والقضاء على الحوثيين عبر قوات خاصة مدربة.
وشدد على أن الهدف من تحرير مطار الحديدة وباقي أجزاء المدينة قطع الشريان الإيراني، وحماية مقدرات الشعب اليمني وحماية الأمن الإقليمي وممر التجارة البحري وتوصيل المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها وإيقاف تفخيخ المنازل واستهداف المدنيين.
وحول الألغام، أوضح مجلي أن الفرق الهندسية العسكرية التابعة لقوات الجيش اليمني الوطني تعمل حالياً على نزع الألغام التي زرعتها الميليشيا الانقلابية؛ إذ لا يزال بعضها مدفوناً في الأرض وفي حرم المطار والطرقات الرئيسية.
من جهته، أوضح وليد القديمي وكيل أول محافظة الحديدة أن الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران، زرعت القناصين والدبابات والهاونات في أحياء تكتظ بالسكان، إلا أن طيران التحالف يرصدهم ويستهدفهم ويؤمن تقدم القوات العسكرية.
واستبقت الميليشيات الحوثية هزيمتها في الحديدة بنهب حاويات وممتلكات التجار في ميناء الحديدة. وقال عمار الأضرعي أحد مستوردي السيارات سابقاً لـ«الشرق الأوسط»: «الميليشيات نهبت ما تبقى لي من حاويات في ميناء الحديدة، بعد أن سرقت الحاويات والسيارات الموجودة في ساحات الميناء قبل فترة».
وجاءت عمليات النهب التي تقوم بها الميليشيا لميناء الحديدة بعد التقدم الكبير الذي حققته قوات الجيش اليمني المسنودة من المقاومة والتحالف العربي في الساحل الغربي وسيطرتها على المطار.
وفي الأثناء، شنت مقاتلات تحالف دعم الشرعية، عشرات الضربات الجوية، على مواقع الجماعة وتحصيناتها، وآلياتها، وأكد شهود لـ«الشرق الأوسط» أن الضربات دمرت 9 عربات عسكرية، في مناطق متفرقة وأدت إلى مصرع عناصر الميليشيات الذين كانوا يستقلونها، كما دمرت آليات ثقيلة كانت تستخدمها الجماعة في حفر الخنادق حول أحياء المدينة الجنوبية الشرقية. كما قامت بغارات لقطع الطريق بين صنعاء والحديدة بهدف منع وصول تعزيزات للحوثيين.
وقبل حلول المساء، كانت قوات الجيش تمكنت من تمشيط المطار، وصولا إلى موقع «الرادار» المطل على منصة «22 مايو (أيار)» كما تقدمت وحدات أخرى في الجهة الجنوبية الغربية لمطار الحديدة مع توغل جزء من القوات في منطقة وادي نخل الرمان بالقرب من مركز الدريهمي.
وتكبدت الميليشيا الحوثية، بحسب الموقع الرسمي للجيش اليمني، في المعارك الدائرة عشرات القتلى والجرحى والأسرى، فضلا عن تكبدها خسائر فادحة في العتاد والمعدات القتالية.
وقال الموقع إن «الميليشيات عقب تلقيها الهزيمة المدوية في مطار الحديدة فرت باتجاه المدينة، والتمركز وسط الأحياء السكنية، متخذة من السكان دروعا بشرية كما اعتلى عناصرها كثيرا من الفنادق والعمارات السكنية في شارع جمال، ومدينة 7 يوليو (تموز)، ونشرت قناصتها على نحو كبير في المناطق المأهولة بالمدنيين».
وبحسب المصادر: «فخخت الميليشيات الحوثية بآلاف الألغام الأرضية الحارات السكنية في المدينة، وعملت على تلغيم مداخلها لمحاصرة الساكنين فيها واستخدامهم كدروع بشرية، كما حفرت بعد فرارها من المطار خنادق واستحدقت المتارس في الأحياء السكنية ما أدى إلى تعطيل شبكة المياه بشكل كامل».
وامتد قصف المقاتلات والبوارج البحرية التابعة للتحالف إلى مناطق عسكرية حوثية قرب الميناء والكورنيش البحري، مستهدفا مخازن أسلحة وبنايات عسكرية تتمترس فيها العناصر الحوثية، وسط أنباء عن سيطرة الجيش على ساحة العروض وتأمينه قرية منظر بعد معارك ضارية.
وبحسب شهود، عززت الميليشيات بالدبابات والمدرعات «بالقرب من مصلى العيد ودوار السمكة وأمام قاعة المنصور مع شنها قصفا على المطار والأحياء المجاورة، فيما شرعت قوات الجيش والمقاومة في نزع الألغام في تفكيك المتفجرات والفخاخ التي نصبتها الميليشيات داخل مرافق ومباني المطار».
وذكرت وكالة «سبأ» الحكومية، أن «أبطال اللواء الأول والثالث عمالقة سيطروا على مدرج مطار الحديدة وأجزاء واسعة من المطار بعد اشتباكات عنيفة مع ميليشيات الحوثي الانقلابية أسفرت عن مصرع وجرح العشرات منهم».
كما أسرت قوات الجيش العشرات من عناصر ميليشيات الحوثي خلال عمليات التمشيط لمدرج مطار الحديدة ومباني المطار المدني، بعد أن حاصرتهم وأجبرتهم على الاستسلام، في حين أكدت مصادر ميدانية أن نحو ألف مقاتل من أبناء تهامة الذين التحقوا بقوات الجيش والمقاومة انضموا للمشاركة في عملية تحرير المدينة وتأمين أحيائها.
ويرجح مراقبون عسكريون أن قوات الشرعية، ستتجنب الدخول في حرب شوارع مع الميليشيات الحوثية داخل الحديدة، وأنها ستتقدم شرق المدينة وغربها لتطويقها وترك الممر الشمالي باتجاه ما يعرف بطريق الشام، من أجل إتاحة المجال لفرار المسلحين الحوثيين.
وتحاول الميليشيات الحوثية أن تخفف من وقع الصدمة على أتباعها لخسارة مطار الحديدة، بالترويج لانتصارات وهمية، والحديث عن مزاعم خيالية من البطولات، كما يظهر في الوسائل الإعلامية التابعة لها، غير أن ناشطين في الجماعة، تناقلوا أمس التعازي على مواقع التواصل الاجتماعي في مقتل كثير من عناصرهم الطائفيين.
وكانت الجماعة اعترفت في وقت سابق بمقتل عدد من قياداتها، وهم يحيى حادر وعيضة العويري، ومحمد يحيى القاسمي ووزير محمد الشليف وراجح محمود، وإسماعيل الحكيم وهاشم المحظوري وطه زاهر، وكليب محمد علي الأبيض وحسين أحمد البلبلي وعبد الكريم جعمل إلى جانب قياديين اثنين من آل الكبسي.
وأكد سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» أن «الانقلابيين يريدون تحويل معركة تطهير الحديدة من قبل قوات الشرعية إلى معركة عصابات في وسط المدينة من خلال التحصن والتمركز في منازل المواطنين بالأحياء السكنية ومنع السكان من الخروج من منازلهم لاستخدامهم دروعا بشرية».
وقالوا إن «عناصر الميليشيات تحصنوا بعدد من المنازل بما فيها منازل غادرها سكانها جوار قاعة المنصور بالقرب من مجمع شيماء كما شنوا قصفهم على منازل المواطنين ما تسبب في إصابة عدد منهم». وأضافوا أن «السكان وصلوا إلى حالة الغليان في جميع مناطق الحديدة وأنهم ينتظرون وصول قوات الشرعية إلى وسط المدينة التي توجد بها حاضنة شعبية كبيرة للشرعية، جعلت الانقلابيين يزرعون الألغام للاحتماء بها في عدد من الأحياء السكنية حيث يسكن مشرفوهم وقياداتهم القادمون من صعدة».
وأكد السكان أن «المعارك لم تتوقف باتجاه مركز مديرية الدريهمي وخاصة في القازة والحامدية، جنوب المركز، فيما تخوض قوات الجيش الوطني معارك عنيفة وتقطع طريق الإمداد على الانقلابيين، بالتزامن مع تمشيط وتطهير المواقع المحررة جنوب الخمسين وصولا إلى مركز الدريهمي حيث تكبدت ميليشيات الحوثي الانقلابية الخسائر البشرية والمادية الكبيرة بموجهات مع الجيش الوطني عقب محاولات تسلل إلى مواقع الجيش في الدريهمي»
في غضون ذلك، أفادت المصادر الرسمية للجيش اليمني بأن العشرات من عناصر الميليشيات الحوثية قتلوا وجرحوا خلال معارك عنيفة وضربات جوية في جبهة نهم شمال شرقي صنعاء، إثر تجدد المعارك التي تخوضها الشرعية لتحرير صنعاء في مناطق القتب والمدفون والمجاوحة.
وأكدت المصادر أن المعارك والضربات الجوية أدت إلى مقتل 26 حوثيا على الأقل، إلى جانب سيطرة الجيش على عدد من المواقع الجبلية، في ظل قصف مدفعي مكثف، وأنباء عن استعدادات ضخمة لدى القوات لتنفيذ عملية عسكرية واسعة تتزامن مع تحريك مختلف الجبهات للضغط على الجماعة الانقلابية بالتزامن مع هزائمها في الحديدة.
وقال العقيد عبد الله ناجي الشندقي، المتحدث الرسمي للمنطقة العسكرية السابعة، في بيان مقتضب على صفحته في «فيسبوك» إنه «بعد معارك عنيفة شنها أبطال الجيش الوطني على ميليشيات الحوثي (أمس) شرق العاصمة صنعاء، تمكنوا على إثرها من تحرير سلسلة جبال الذُرَع الاستراتيجية واستعادة جبل قرن ودعة».
وأضاف الشندقي أن الميليشيات كانت «قد تحصنت بحقول كبيرة من الألغام لكنها لم تق عناصرها من زحوفات مقاتلي الجيش الوطني التي بدأت منذ ساعات الفجر الأولى بقيادة قائد المنطقة اللواء الركن ناصر الذيباني». مؤكدا أن الميليشيات خلفت أكثر من 26 قتيلا وعشرات الجرحى فيما لا تزال المعارك مستمرة، على حد قوله.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».