العاصفة «إليكسا» تقتل طفلين و13 سجينا في حلب

عائلات سورية تحاول الاحتماء من قصف جوي على منطقة دوما في ريف دمشق أمس (رويترز)
عائلات سورية تحاول الاحتماء من قصف جوي على منطقة دوما في ريف دمشق أمس (رويترز)
TT

العاصفة «إليكسا» تقتل طفلين و13 سجينا في حلب

عائلات سورية تحاول الاحتماء من قصف جوي على منطقة دوما في ريف دمشق أمس (رويترز)
عائلات سورية تحاول الاحتماء من قصف جوي على منطقة دوما في ريف دمشق أمس (رويترز)

حصدت العاصفة المناخية «إليكسا»، أمس، ضحيتين سوريتين إضافيتين، هما طفلان قال الائتلاف الوطني السوري إنهما توفيا نتيجة البرد القارس الذي رافق العاصفة التي تضرب المنطقة منذ يومين، بينما أكد لبنان والأردن «قيامهما بواجباتهما» حيال اللاجئين السوريين، رغم إعلان رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، أن لبنان «يشعر بالخيبة من المجتمع الدولي».
وأكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن «لبنان لم يتأخر عن القيام بواجباته الإنسانية تجاه النازحين السوريين، لكنه يشعر بالخيبة من المجتمع الدولي لتجاهله الاعتبارات الإنسانية التي حتمت اتخاذ لبنان هذا الموقف، كما لم يكن تحرك هذا المجتمع الدولي على قدر الحاجات اللازمة، ومحدودية إمكانات الدولة اللبنانية في هذا الإطار».
أما رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، فقد رأى أن «الظروف الجوية السائدة حاليا ستزيد من معاناة اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري بمحافظة المفرق». وأضاف النسور أن «المساعدات التي يقدمها المجتمع الدولي لتحمل تكاليف استضافة اللاجئين السوريين تكاد لا تذكر»، مشددا على أن هناك التزاما قانونيا وأخلاقيا على دول العالم بضرورة مساعدة الأردن لتحمل هذه الأعباء.
من جهته، أطلق «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» أمس، «نداء استغاثة» للمنظمات الإغاثية الإقليمية والدولية، لتقديم دعم عاجل للاجئين السوريين داخل البلاد وخارجها، في ظل الظروف الجوية القاسية التي تشهدها المنطقة، معلنا وفاة طفلين، أحدهما في شهره السادس، بردا، في سوريا التي تجتاحها عاصفة قاسية.
وأكد الائتلاف «الجهوزية الكاملة لوحدة تنسيق الدعم، لإيصال المساعدات العاجلة إلى المناطق الأكثر تضررا، بالتنسيق الكامل مع كتائب الثوار في المناطق المحررة»، حسب ما ورد في النداء.
وقال سونر أحمد، مسؤول في المكتب الإعلامي للائتلاف: «توفي الطفل حسين طويل، وهو طفل في شهره السادس، أمس، نتيجة البرد في مدينة حلب» بشمال سوريا التي تساقط فيها الثلج خلال الساعات الماضية. وأوضح أنه «كان في منزل متضرر على الأرجح (بسبب المعارك) ولم يتمكن من الصمود». وأضاف أن «طفلا آخر توفي أمس في مدينة الرستن الواقعة في محافظة حمص بوسط البلاد»..
وتسببت العاصفة الثلجية التي تتعرض لها سوريا ودول الجوار، في ازدياد معاناة اللاجئين في المخيمات داخل سوريا وخارجها. وقد أفيد بوفاة نازحة مسنة قضت أول من أمس الأربعاء، إثر انهيار ثلاث خيم في (مخيم الجولان) بريف إدلب، جراء العاصفة الثلجية التي ضربت المنطقة، ويفتقر المخيم (الذي يضم نحو 300 خيمة) إلى أدنى مقومات الحياة، في حين أكدت منظمات إنسانية إنها ستزود المخيم بمدافئ في الأيام القليلة المقبلة.
وفي لبنان حيث يعيش 838 ألفا، بينهم 12 ألفا يعيشون في خيم، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن «عائلات من اللاجئين السوريين في عكار شمالا، تعاني بردا قارسا وخيمهم محاصرة بالثلوج، في غياب أي تقديمات أو مساعدات، وخصوصا المحروقات والأغطية الشتوية. وفي بلدة الدبابية، تجمعت مجموعة من العائلات في منازل لبنانية وهم يعانون ظروفا قاسية، كما تجمعت عائلات مماثلة في بلدة النوار وبلانة والحيصة بعد أن دخلت المياه إلى خيمهم».
وعبرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي تعمل على تقديم المساعدات الدورية للاجئين وتتعاون مع مؤسسات ومنظمات إنسانية دولية، عن قلقها البالغ حول أوضاع كثير من اللاجئين في لبنان الذين يعيشون في مساكن مؤقتة، حيث إن منازلهم هشة ودون المستوى المطلوب.
والوضع لا يختلف في المخيمات على الحدود التركية، حيث يعيش نازحو مخيم «باب الهوى» المعاناة ذاتها. ونتيجة عدم توافر المحروقات اللازمة، عمد النازحون إلى قطع الأشجار، واستخدامها في التدفئة.
وقد أدت الأحوال الجوية السيئة إلى نقص كبير في المواد الغذائية الضرورية داخل المخيم، بسبب تعذر وصول أصحاب المحال التجارية إلى الأراضي التركية لشراء السلع الضرورية إثر إغلاق معبر باب الهوى، نتيجة المواجهات الأخيرة بين قوات «الجبهة الإسلامية»، المسيطرة على المعبر حاليا، وكتائب «تجمع أحرار سوريا» و«كتائب الفاروق»، التي كانت تدير المعبر. وفي ريف حلب، وتحديدا في «منبج»، نقلت منظمة «الهلال الأحمر»، لاجئين من مخيم «حاج عابدين» إلى عدد من المدارس في المدينة، وذلك بسبب الظروف الجوية القاسية، في ظل غياب وسائل التدفئة في المخيم المذكور، حسب مراسلنا في المنطقة.
وتوفي 13 سجينا نتيجة البرد والجوع، في سجن حلب المركزي، وفق ما ذكر موقع «حلب نيوز»، وأكده ناشطون سوريون أمس. وأشارت مواقع معارضة إلى المعاناة التي يعيشها السجناء في سجن حلب المركزي نتيجة النقص الحاد في الغذاء ووسائل التدفئة بعد غياب فريق الهلال الأحمر لليوم الثالث على التوالي عن زيارة السجن بسبب أحوال الطقس واشتداد المعارك على محيط السجن والطريق الواصل إليه، في حين ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن المحامي العام الأول في حلب أمر بإخلاء سبيل أكثر من 350 سجينا من سجن حلب المركزي، وذلك بسبب سوء الأوضاع الصحية والإنسانية داخل السجن، إضافة لقرب انتهاء فترة محكوميات بعضهم، ونتيجة لتفشي الأمراض داخل السجن المحاصر من قبل جبهة النصرة وحركة إسلامية مقاتلة منذ أشهر عدة.
وكانت مواقع تابعة للمعارضة قد أفادت الأسبوع الماضي بوفاة تسعة سجناء خلال الأيام القليلة الماضية، بسبب موجة البرد وسوء التغذية والجوع الذي ينتشر بشكل كبير في سجن حلب المركزي، مشيرة إلى قيام قوات النظام بدفنهم جميعا في باحة السجن كما تفعل دائما في حالات وفاة السجناء أو إعدامهم ميدانيا، ووفق هذه المعلومات فإن عدد الوفيات من سجناء سجن حلب وصل إلى أكثر من 400 سجين منذ بداية الحصار والمعارك، معظمهم دفنوا في باحة السجن التي حولها النظام إلى مقبرة يدفن فيها كل من قضى نحبه من السجناء بدلا من تسليم جثمانه إلى ذويه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».