الجزائر: مرشح لرئاسية 2019 يواجه السجن لاتهامه في أحداث عرقية

TT

الجزائر: مرشح لرئاسية 2019 يواجه السجن لاتهامه في أحداث عرقية

طالب المدعي العام بمحكمة جزائرية أمس بإنزال عقوبة سجن نافذ، وغرامة قيمتها 10 آلاف دولار أميركي ضد مرشح لرئاسية 2019 وزعيم حزب، وأربعة نشطاء سياسيين وحقوقيين في قضية تتعلق بمواجهات عرقية، خلفت قتلى وجرحى، كانت مدينة بجنوب البلاد مسرحا لها بين عامي 2012 و2014.
وذكر فتحي غراس، مرشح انتخابات الرئاسة المرتقبة العام المقبل، لـ«الشرق الأوسط»، أن ممثل الادعاء العام بمحكمة غرداية (600 كلم جنوب العاصمة)، طلب من هيئة المحكمة سجنه عاما مع التنفيذ، رفقة حميد فرحي، «منسق» حزب «الحركة الديمقراطية والاجتماعية»، وأربعة ناشطين بالتنظيم المستقل عن الحكومة «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إثر اتهامهم بـ«التجمهر غير المرخص مع حمل السلاح»، و«مخالفة قرارات إدارية»، و«إهانة هيئة نظامية».
يشار إلى أن غراس (45 سنة) هو المتحدث باسم «الحركة الديمقراطية»، وهي الحزب الشيوعي الجزائري الموروث عن الحزب الشيوعي الفرنسي أيام الاستعمار، كما يوجد من المتهمين أستاذ الجامعة المعروف قدور شويشة.
وتعود الوقائع إلى مايو (أيار) 2016 حينما كان المحامي والناشط الحقوقي صالح دبوز على موعد مع قاضي التحقيق للاستماع إليه حول نشاطه دفاعا عن ضحايا حرب عرقية بين «ميزابيين»، أتباع المذهب الإباضي الناطقين بالأمازيغية، «وشعانبة» أتباع المذهب المالكي في غرداية الناطقين بالعربية. وكان وقتها يدافع عن إباضيين اتهموا مصالح الأمن بـ«تشجيع» خصومهم الشعانبة على قتلهم.
وأوضح غراس أنه سافر إلى غرادية رفقة فرحي والناشطين الحقوقيين الأربعة بغرض مساندة دبوز، وتابع موضحا: «كنا نحضر لتنظيم اعتصام أمام المحكمة احتجاجا على مساءلة دبوز، الذي كان يؤدي دوره مدافعا عن حقوق ضحايا أحداث غرداية، لكننا عدلنا عن تنظيم الاحتجاج، وغادرنا المكان إلى مقهى مجاور، وجلسنا سويا نشرب شايا ونتعاطى مع ما كان يجري في غرداية من مناورات سياسية، وفجأة حضر رجال الشرطة وأمرونا باتباعهم إلى مركز الأمن بغرداية، حيث تم استجوابنا في محضر قضائي حول سبب وجودنا. وبعد عام ونصف توصلنا بأمر من المحكمة يفيد بأننا متهمون، وتم تحديد تاريخ محاكمتنا. حدث ذلك في وقت كنا نعتقد فيه أن المساءلة أمام الشرطة لم تكن لتتطور إلى محاكمة لأن شرب الشاي بمقهى، في اعتقادي، ليس تهمة يعاقب عليها القانون».
وقال غراس إنه يتهم جهات في السلطة بـ«محاولة إزاحتي من سباق الترشح للرئاسة». يشار إلى أن غراس هو الوحيد من صرح بأنه يرغب في الوصول إلى سدة الحكم، والاعتقاد السائد أن بوتفليقة سيترشح وسيفوز بولاية خامسة، رغم حالته الصحية المتدهورة.
بدوره، كتب المحامي نور الدين أحمين، الذي رافع لصالح المتهمين في تغريدة بـ«تويتر»: «لقد جرت أطوار محاكمة فرحي حميد ودبوز نذير، وشويشه قدور وفتحي غراس، وخربه عبد القادر ومنصري أحمد، المتابعين بتهم التحريض على التجمهر، وإهانة هيئة نظامية وعدم احترام قرار إداري، لأنهم كانوا جالسين في مقهى لمساندة رفيقهم، والتضامن معه أثناء مثوله أمام قاضي التحقيق».
وتتعلق تهمة «التجمهر المسلح» بتدابير أمنية اتخذتها الحكومة في غرداية لمنع التجمعات والمظاهرات، التي ميزت الأحداث العرقية. وحضور غراس ومرافقيه يومها في المنطقة، تم تكييفه على هذا الأساس. أما تهمة «مخالفة قرارات إدارية» فترتبط بتدابير إدارية صدرت عن والي غرداية لمنع أي نشاط يخل بالنظام العام بالمنطقة. ولا يوجد تفسير لتهمة «إهانة هيئة نظامية»، التي توجه عادة في حال الإساءة إلى جهة أمنية، أو إلى مسؤولين كبار، وعلى رأسهم رئيس البلاد وقائد أركان الجيش.
يشار إلى أن القاضي أعلن بأن الحكم سيصدر في 26 من الشهر الحالي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».