اللجنة الاستشارية لـ«أونروا» تناقش أزمتها المالية المستعصية

TT

اللجنة الاستشارية لـ«أونروا» تناقش أزمتها المالية المستعصية

عقدت اللجنة الاستشارية لوكالة «الأونروا» أمس اجتماعا في منطقة البحر الميت بالأردن لمناقشة الوضع المالي الصعب، الذي تواجهه الوكالة للعام الحالي، بعد أن سجلت عجزا ماليا يقدر 446 مليون دولار.
وقال بيير كرينبول، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الاجتماع «مهم وله طابع استثنائي بعد أن واجهت الوكالة مع بداية العام الحالي وضعا ماليا صعبا على ضوء تخفيض الدعم الأميركي للوكالة، التي وجدت نفسها تعاني عجزا ماليا قيمته 446 مليون دولار».
وأضاف كرينبول أن الاجتماع الاستثنائي يأتي لتدارس كيفية التعامل مع الأزمة المالية، ولوضع اللجنة الاستشارية في صورة ما تم إنجازه منذ بداية العام حتى الآن. مؤكدا أن اللجنة تجتمع في وقت مفصلي وحرج للغاية، حيث سيوضح هذا الاجتماع الحاسم مدى قدرة الوكالة على تقديم خدماتها أو عدمه، بما في ذلك إمكانية بدء السنة الدراسية لنصف مليون طالب وطالبة مع مشارف سبتمبر (أيلول) المقبل، بالإضافة إلى قدرة الوكالة على الاستمرار في توفير الخدمات المنقذة للحياة، وخدمات الطوارئ في غزة وسوريا.
كما قدم المفوض العام شكره للدول على تبرعاتها بعد تقليص الولايات المتحدة الأميركية مساعداتها.
وردا على سؤال حول وجود مباحثات مع الإدارة الأميركية للتراجع عن قرارها، قال كرينبول إن «هناك اتصالات وحوارات مع الإدارة الأميركية، خاصة أن الولايات المتحدة تعد من أكبر المتبرعين. لكن حتى الآن لا يوجد أي تغيير في قرارها القاضي بتقليص الدعم للوكالة».
وبخصوص كيفية تدبير العجز، البالغ قيمته 250 مليون دولار، قال كرينبول إن الوكالة «أطلقت بعد تقليص الدعم الأميركي حملة نشطة بعنوان (الكرامة لا تقدر بثمن)، نتج عنها مساندة كبيرة من بعض الدول والمؤسسات، وكان لدينا أنشطة مميزة في أربع دول بالتحديد، هي الإمارات العربية المتحدة، وتركيا وماليزيا، وإندونيسيا، حيث ساعدتنا هذه الدول على إطلاق حملة عالمية الطابع خلال شهر رمضان لحشد الموارد، واستجلاب أموال الزكاة والتبرعات الخاصة. لكن حتى اللحظة لا نعرف نتائج الحملة، ولكن لدينا شعور إيجابي بأنها ستؤسس لمرحلة كبيرة وواعدة».
وأوضح كرينبول أنه سيعقد اجتماعا آخر في الـ25 من الشهر الحالي في مركز الأمم المتحدة بنيويورك لتعهدات الدول المانحة، حيث سيعطي المجال للمفوض العام للالتقاء بعدد من أعضاء الجمعية العامة لتسليط الضوء على محورية خدمات الوكالة، وصعوبة الأوضاع المالية، التي قد تؤثر على قدرتها في تقديم الخدمات خلال الصيف الحالي والسنة الدراسية للعام المقبل والبرامج الطارئة في سوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف كرينبول «الرسالة التي قدمناها للجنة الاستشارية في الاجتماع هي أن على الجميع أن يدرك المخاطر التي ستحدث في حال عدم تقديم الوكالة لخدماتها، وأننا لا نريد أن نبعث رسالة سلبية لمجتمع اللاجئين والمرضى. والتركيز يجب أن يكون على أننا بدأنا في مسار ناجح ومشجع، وأنه يجب على الدول أن تقدم الدعم للوكالة».
من جهتها، دعت حركة حماس أمس إلى حل جذري لأزمة الأونروا، وأكدت في بيان صحافي أنه «لم يعد مقبولاً أن تستمر (أونروا) في تسول موازنتها كل عام من الدول أو المؤسسات أو الأفراد»، مقترحة أن يتم اعتماد موازنة الوكالة كجزء من الموازنة الرئيسية للأمم المتحدة.
وشددت «حماس» على أن المجتمع الدولي، ممثلاً في الأمم المتحدة: «يتحمل المسؤولية الكاملة عن حماية جميع حقوق اللاجئين الفلسطينيين السياسية والمادية، إلى حين عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها».
ودعت إلى «ضرورة استشعار مخاطر المساس بملف اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم الثابتة، ما يزيد من حالة التدهور الحاصلة في المنطقة المشتعلة أصلاً، وليس الأراضي الفلسطينية فقط».
كما شددت «حماس» على ضرورة «الحفاظ على (أونروا) ودعمها على كل المستويات لتتمكن من الاستمرار في تقديم خدماتها على أكمل وجه، كوسيلة معتمدة من المجتمع الدولي أمر في غاية الأهمية، وخطوة تعزز الاستقرار والتنمية في المنطقة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.