«داعش» يخسر معقله في الحسكة ويحشد لعملية واسعة غرب الفرات

التنظيم يقطع طريق طهران ـ بيروت

TT

«داعش» يخسر معقله في الحسكة ويحشد لعملية واسعة غرب الفرات

أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» انتزاع بلدة الدشيشة في محافظة الحسكة من تنظيم «داعش»، في وقت أفاد فيه «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن التنظيم يحشد لعملية عسكرية واسعة في بادية دير الزور، غرب نهر الفرات، وهو ما يقطع الطريق الاستراتيجية التي تربط طهران ببيروت.
وأكدت «سوريا الديمقراطية» أن مقاتليها باتوا وبعد السيطرة على «الدشيشة»، على مقربة من الحدود مع العراق، في معارك خسر خلالها التنظيم منذ مساء أول من أمس 45 مقاتلا بحسب «المرصد».
ويحتفظ «داعش» بسيطرته على جيوب صغيرة في شرق سوريا، بعد خسارته خلال الأشهر الأخيرة مساحات واسعة من سيطرته في محافظة دير الزور الغنية بالنفط والحدودية مع العراق.
وكتبت «قوات سوريا الديمقراطية» على موقعها الإلكتروني: «تمكنت (قوات سوريا الديمقراطية) اليوم (أمس) الأحد من تحرير بلدة الدشيشة (...) من إرهابيي تنظيم داعش»، مشيرة إلى أن مقاتليها «باتوا على مسافة 3 كلم من الحدود السورية - العراقية».
وأوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن أن الدشيشة «كانت (معقلا أساسيا) للتنظيم في محافظة الحسكة وتقع على (ممر حيوي) كان يربط في السابق الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرة (الجهاديين) في سوريا والعراق».
وفي 1 مايو (أيار) الماضي أعلنت «سوريا الديمقراطية» إطلاق المرحلة «النهائية» من هجومها على التنظيم في شرق البلاد، بينما لا يزال يسيطر في محافظة دير الزور، على 3 بلدات تشكل معقلا بارزا له، هي هجين والشعفة وسوسة.
هذه الخسارة لم تمنع التنظيم من الحشد على جبهة أخرى، وتحديدا في غرب نهر الفرات، وذلك مع تواصل المعارك بوتيرة عنيفة على محاور في البادية السورية بين عناصره وقوات النظام والموالين لها، وتحديدا تلك الممتدة بين المحطة الثانية (T2) والمحطة الثالثة (T3) في هجمات تنفذها قوات النظام وحلفائها بغية تأمين مواقعهم وإجبار التنظيم على التراجع في المنطقة. وقد تمكنت، وفق «المرصد»، من التقدم والسيطرة على مواقع عدة في المنطقة؛ هي جبل كبت وبئر الورك وبئر العطشان وتل شديد، مشيرا إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين.
وفي المنطقة الممتدة بين البوكمال والميادين، عند الضفاف الغربية لنهر الفرات، يعمد التنظيم إلى حشد عناصره وآلياته بهدف تنفيذ هجوم ضد قوات النظام والقوات الإيرانية و«حزب الله» اللبناني والمسلحين الموالين لها.
ولفت «المرصد» إلى أن هذه الاستعدادات أتت بعد استيلاء التنظيم على أسلحة وذخيرة ومعدات بكميات كبيرة، خلال هجماته ضد قوات النظام وحلفائها في غرب نهر الفرات ومدينة البوكمال ومحطة «تي تو»، وبعد تمكن المئات من عناصرها من عبور نهر الفرات، والانتقال من الضفة الشرقية للنهر إلى الضفة الغربية. وأشار إلى أن هذا الحراك العسكري أثار خوفا لدى القوات الإيرانية من تمكن «داعش» من قطع الطريق الاستراتيجية الأهم لديها، وهي طريق طهران - بيروت البرية، التي كان قد قاد معارك استكمال فتحها بالسيطرة على البوكمال، قائد «فيلق القدس» الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني في أواخر عام 2017.
ومما يفاقم هذا الخوف، بحسب «المرصد»، غياب الطائرات الروسية عن دعم الإيرانيين والمسلحين غير السوريين الموالين للنظام، في عملياتهم، وعدم مساندتهم في صد هجمات التنظيم التي تصاعدت منذ 22 مايو الماضي.
وفي إطار المعركة نفسها، كان «المرصد» أعلن قبل نحو أسبوع، أن قوات النظام تواصل مع حلفائها استقدام التعزيزات العسكرية إلى البادية السورية، في محاولة لتحصين مواقعها وتعزيز وجودها في البادية خشية هجوم كبير قد ينفذه التنظيم ضدها في باديتي حمص ودير الزور، في محاولة لتوسعة الجيوب التي يسيطر عليها في المنطقة، وإعادة إحياء مناطق سيطرته على الأرض السورية.
وبعد خسارته الجزء الأكبر من مناطق سيطرته في سوريا، لم يعد «داعش» يسيطر إلا على أقل من 3 في المائة من مساحة سوريا مقابل نحو 50 في المائة في أواخر عام 2016، بحسب «المرصد».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.