تحتل الصين اليوم المرتبة الأولى عالمياً فيما يتعلق بالتكنولوجيا شديدة التقدم الخاصة بالسيارات الكهربائية. ويعود الفضل في ذلك إلى سياساتها الاقتصادية التي جعلتها تتفوق على دول صناعية عدة في تطوير تكنولوجيا السيارات الكهربائية، ومن ضمنها تلك التي تسير من دون سائق.
وتسترعي آخر التطورات الحاصلة في الصين اهتمام خبراء ألمان، خصوصا من منتجي السيارات. إذ أعلنت حكومة بكين عن قوانين جديدة منوطة بالأعمال المشتركة مع منتجي السيارات الأجانب، وألغت ضرورة وجود شراكة بين منتجي السيارات الكهربائية والهجينة الأجانب مع منتجين محليين. وسيشمل القانون أيضا منتجي العربات التجارية في عام 2020.
أما في عام 2022 ستلغي الصين قيود تملّك 50 في المائة من أسهم الشركات المنتجة لهذه السيارات، كحد أقصى. ما يعني أنهم سيصبحون قادرين على إنشاء أعمال تجارية حرة لهم من دون شريك صيني.
ويقول دانييل فيشر، الخبير الصناعي، إن صناعة السيارات الصينية أبصرت النور في خمسينيات القرن الماضي بمساعدة الاتحاد السوفياتي السابق. وطوال 30 عاما لم يتخط إنتاج السيارات الصينية 200 ألف وحدة لغاية تسعينيات القرن الماضي، عندما سمحت حكومة بكين دخول الشركات الأجنبية إلى خط الإنتاج، بشرط أن يكون الحد الأقصى لحصصهم من الأسهم 50 في المائة.
وها هي الصين اليوم تزيل هذا الشرط الثقيل على المستثمرين الأجانب، ما يعني أن مشهد إنتاج العربات في الصين سيتغير جذريا في المستقبل.
ويستطرد الخبير فيشر القول: «تبيع شركة (تيسلا) الأميركية ما بين 800 إلى ألف سيارة شهريا في الصين، وتصل الضرائب الجمركية الصينية على صادراتها إلى 25 في المائة. وتفاوض إدارتها حكومة بكين منذ أكثر من عام لإنشاء مصنع لإنتاج هذا النوع مباشرة في الصين».
وعلى صعيد شركات الإنتاج الألمانية، أبرمت «فولكسفاغن» مؤخرا شراكة تجارية مع صينيين ستعمل من خلالها على استثمار 15 مليار يورو في قطاع إنتاج السيارات الكهربائية خلال الأعوام الخمسة القادمة. وهذه زيادة بمعدل 44 في المائة مقارنة مع استثماراتها السابقة. وتتمتع شركة «فولكسفاغن» بسمعة جيدة في الصين بفضل سياراتها «أودي» و«بورش» و«فولكسفاغن». كما أن 43 في المائة من عائداتها يأتي من الصين. ويشير فيشر إلى أن شركتي «دايملر» و«بي إم دبليو» ستستفيدان من التسهيلات الصينية المتاحة لشركات إنتاج السيارات الأجنبية. وعلى الأرجح ستتحرك شركة «بي إم دبليو» لتأسيس مصنع لإنتاج السيارات الكهربائية صغيرة الحجم في الصين. ومن المتوقع أن تتحرك الشركات الأجنبية سريعا للتعاون مع منتجين صينيين في مجال تكنولوجيا السيارات الكهربائية وإنتاج بطاريات السيارات، في ظل ما تتميز به الصين من توافر تكنولوجيا خاصة أكثر تطورا من أي بلد آخر.
ويختم الخبير فيشر القول: «نجد اليوم عدة منتجين للسيارات من الصين مدرجين في الأسواق المالية، يتمتعون بقيمة سوقية أعلى من الشركات الغربية المنافسة. فعلى سبيل المثال تتفوق القيمة السوقية لشركة «دونفينغ» على نظيرتها للسيارات الرياضية «فيراري».
كما أن شركات صينية أخرى مثل «شانغان غروب» و«غوانزو أوتو» و«سايك» و«فاو» قيمتها السوقية أعلى من شركات غربية مثل «بي إم دبليو» و«سوبارو» و«مازدا».
وما يحصل من تغييرات جذرية في أسواق السيارات الصينية مشابه جدا لما حصل في عالم الهواتف الذكية. فالصين نجحت بجدارة وفي وقت قصير في شلّ أنشطة شركات إنتاج الهواتف الذكية في كل من فنلندا والسويد وكندا واليابان والولايات المتحدة الأميركية، بفضل تطوير تكنولوجيا إنتاج الهواتف الذكية إلى حد بعيد بمساعدة استثمارات وصلت إلى مئات مليارات الدولارات. وفي العام المنصرم نرى أن ثلاث من أصل خمس شركات قيادية عالمية في إنتاج الهواتف الذكية صينية المنشأ. ولم يعد خافيا على أحد أن حكومة الصين قررت وضع كل طاقاتها لتطوير إنتاج السيارات الكهربائية. وبفضل التكنولوجيا الجديدة لن تتأخر الصين لتصبح المنتج الأول والمصدر الرئيسي للعربات الكهربائية حول العالم».