يُعدّ الظهير الأيسر ريكاردو رودريغيز أحد الأسباب الرئيسية وراء وصول منتخب سويسرا لنهائيات كأس العالم المقبلة بروسيا. وعلى الرغم من فوز سويسرا في تسع مباريات من أصل 10 مباريات خاضتها في التصفيات، وجدت نفسها في مواجهة آيرلندا الشمالية في مباراتي ذهاب وعودة لتحديد الفريق الذي سيصل للمونديال. وفي مباراة الذهاب سجل رودريغيز الهدف الوحيد للمباراة، وفي مباراة العودة أخرج الكرة من على خط مرمى فريقه في الدقيقة 91 ليمنح منتخب بلاده بطاقة التأهل لكأس العالم بعد الفوز في مجموع المباراتين بهدف دون رد. ويتفق الجميع على أن منتخب سويسرا بقيادة المدير الفني فلاديمير بيتكوفيتش لم يكن بإمكانه الوصول لكأس العالم دون رودريغيز.
وقد كان من المذهل أن يلعب رودريغيز كرة القدم من الأساس، بالنظر إلى الظروف التي مر بها عند ولادته، حيث قالت والدته في 2011 إن أي شخص كان يعتقد بأن نجلها سيصبح رياضياً بارزاً كان يُنظر إليه على أنه مجنون. لكن ما السبب في ذلك؟ عندما كانت والدة رودريغيز، مارسيلا، وهي مواطنة تشيلية، حبلى في الشهر الثامن، اكتشف الأطباء أن الجنين لديه فتق حجابي، أي عيب أو ثقب في الحجاب الحاجز يسمح لمحتويات البطن بالانتقال إلى تجويف الصدر.
وفي حالة رودريغز، انتقلت المعدة والطحال والكبد والأمعاء إلى الصدر - وخضع لعملية جراحية عاجلة فور ولادته. وكانت نسبة نجاح العملية الجراحية واحتمالية بقائه على قيد الحياة لا تتجاوز 50 في المائة، وكان الأطباء قلقين للغاية لدرجة أنهم طلبوا حضور كاهن لمواراته الثرى في حال الوفاة. لكن والد مارسيلا، نيلسون، طلب من الكاهن أن يرحل على الفور، وقال له: «حفيدي قوي بما يكفي وسيبقى على قيد الحياة، ولا تقلق حيال ذلك».
وعلى الرغم من نجاح العملية الجراحية، كان يتعين على ريكاردو أن يذهب إلى المستشفى للخضوع لفحص كل ستة أشهر خلال السنوات الثلاث الأولى من حياته. وتتذكر مارسيلا ما حدث قائلة: «طلب مني الأطباء أن أعمل جاهدة على ألا يصاب حتى بنزلة برد، لأن ذلك قد يؤثر على حياته بشكل فوري»، وكانت العلاقة بين الأم والابن قوية للغاية ولم تتغير أبداً. توفيت مارسيلا بعد إصابتها بالسرطان عام 2015، ومنذ ذلك الحين رسم رودريغيز وشماً على ظهره يحمل رقم 68، في إشارة إلى عام 1968 الذي وُلِدت به أمه، كما رسم على رقبته أول حرف من اسمها.
ويرتدي رودريغيز الآن القميص رقم 68، وهو الأمر الذي يقوم به شقيقاه روبرتو (27 عاماً ويلعب في صفوف إف سي زيوريخ) وفرانسيسكو (22 عاماً ويلعب في صفوف إف سي لوزيرين). يقول ريكاردو: «ما زال صوتها يتردد في أذني، وما زالت تعيش في قلبي وفي رأسي. أنا بخير، والحمد لله». نشأ رودريغيز في مدينة شوامديندين السويسرية، وبدأ حياته الكروية في نادي المدينة وهو في السادسة من عمره، قبل أن ينتقل لنادي إف سي زيوريخ، على الرغم من أن شقيقه الأكبر روبرتو كان يتدرب مع الغريم التقليدي للنادي غراسهوبر زيوريخ، الذي فاز بلقب الدوري السويسري أكثر من أي نادٍ آخر.
لم يندم رودريغيز مطلقاً على انتقاله لنادي إف سي زيورخ. وفي عام 2009، حصل رودريغيز على كأس العالم لكرة القدم تحت 17 عاماً مع المنتخب السويسري. وشارك رودريغيز في أول مباراة له مع إف سي زيورخ وهو يبلغ من العمر 17 عاماً وثمانية أشهر. وبعد ذلك بعامين، شارك رودريغيز في أول مباراة دولية له مع منتخب سويسرا تحت قيادة المدير الفني الألماني أوتمار هيتسفيلد. وفي هذه المباراة، شارك رودريغيز بديلاً لريتو زيغلر (الذي لعب لأندية توتنهام وهامبورغ وسامبدوريا وفناربغشة)، ولم يتخل رودريغيز عن مكانه في تشكيلة المنتخب السويسري منذ ذلك الحين.
وقد شهدت مسيرته الكروية على مستوى الأندية تطوراً كبيراً أيضاً، إذ انتقل عام 2012 وهو في التاسعة عشرة من عمره إلى نادي فولفسبورغ الألماني. وفي موسم 2013 - 2014، شارك رودريغيز في جميع المباريات الـ34 التي لعبها فريقه وسجل خمسة أهداف وصنع تسعة أهداف أخرى. وبصفة إجمالية، سجل رودريغيز 22 هدفاً في 184 مباراة مع فولفسبورغ في الدوري الألماني، وهو معدل جيد بكل تأكيد بالنسبة للاعب يلعب في مركز الظهير الأيسر. وفي الصيف الماضي، انضم رودريغيز إلى ميلان الإيطالي ويعيش مع خطيبته في مجمع «سيتي لايف» الفخم بوسط المدينة، وهو المجمع السكني الذي يسكن به أيضاً المغني الإيطالي الشهير تيزيانو فيرو.
وعلى الرغم من الفوارق الكبيرة بين العيش في مدينة شوامديندين التي نشأ بها والعيش في مدينة ميلانو الإيطالية، فإن رودريغيز لا ينظر إلى الأمور بهذه الطريقة. وكما لم ينسَ ورودريغيز والدته وينظر إلى السماء بعد كل هدف يحرزه لكي يهديه إلى روحها، فإنه لم ينسَ أيضاً المكان الذي نشأ به. لقد قاتل رودريغيز من أجل أن يبقى على قيد الحياة بسبب معاناته بعد الولادة مباشرة، لكنه أصبح الآن مصدر إلهام للآخرين وهو يحمل أحلام سويسرا في كأس العالم بروسيا.
وواصلت سويسرا عروضها الجيدة استعداداً لنهائيات كأس العالم، فبعد انتزاعها التعادل من إسبانيا 1 - 1، تغلبت على اليابان 2 - صفر في مباراة ودية. وصمد المنتخب الياباني أمام كتيبة المدرب فلاديمير بيتكوفيتش حتى قبل نهاية الشوط الأول بقليل عندما افتتح ريكاردو رودريغيز التسجيل لأصحاب الأرض من ركلة جزاء إثر إعاقة المهاجم بريل ايمبولو داخل المنطقة. وقبل نهاية المباراة بثماني دقائق نجح حارس سيفيروفيتش في تسجيل الهدف الثاني للمنتخب السويسري. ويخوض المنتخب السويسري مونديال روسيا من خلال مواجهته الافتتاحية ضد البرازيل أحد المنتخبات المرشحة بقوة لإحراز اللقب في 17 يونيو (حزيران) في مدينة روستوف.
إجماع على أن سويسرا تأهلت إلى المونديال بفضل رودريغيز
المدافع الذي ولد ومعدته في صدره يحمل أحلام بلاده في كأس العالم
إجماع على أن سويسرا تأهلت إلى المونديال بفضل رودريغيز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة