مظاهرة ثانية في رام الله ضد «العقوبات»... والسلطة ترفض تبرئة إسرائيل و{حماس}

حكومة الحمد الله: الخصم على الرواتب مؤقت

محتجون في رام الله يرفعون يافطات تطالب بإلغاء العقوبات المفروضة على قطاع غزة (رويترز)
محتجون في رام الله يرفعون يافطات تطالب بإلغاء العقوبات المفروضة على قطاع غزة (رويترز)
TT

مظاهرة ثانية في رام الله ضد «العقوبات»... والسلطة ترفض تبرئة إسرائيل و{حماس}

محتجون في رام الله يرفعون يافطات تطالب بإلغاء العقوبات المفروضة على قطاع غزة (رويترز)
محتجون في رام الله يرفعون يافطات تطالب بإلغاء العقوبات المفروضة على قطاع غزة (رويترز)

تظاهر فلسطينيون للمرة الثانية خلال يومين في رام الله، مطالبين بإلغاء الإجراءات «العقابية» كافة التي اتخذتها السلطة الفلسطينية ضد غزة، وبصرف رواتب الموظفين في القطاع بشكل كامل، في محاولة لتكثيف الضغوط على حكومة التوافق، التي ردت بالقول إن قضية الحسم على الرواتب «مؤقتة»، رافضة اختزال مشكلات غزة كلها في قضية الرواتب.
وهتف عشرات المتظاهرين في رام الله، ضد «العقوبات»، ورفعوا شعارات: «شعب واحد، هم واحد، عدو واحد».
وقال الكاتب السياسي جمال زقوت، إن استمرار العقوبات عار على تاريخنا ويمس بمكانة منظمة التحرير كممثل شرعي وحيد لشعبنا.
ورفض المحامي محمد عليان، كل الإجراءات التي تفرض على القطاع، قائلاً إنها غير قانونية، وتزيد من حصار القطاع وإفقار الناس.
وتعهد حراك «رفع العقوبات» بمواصلة الفعاليات في رام الله وتمددها إلى مناطق الضفة، حتى تتراجع الحكومة الفلسطينية عن إجراءاتها.
ويفترض أن يقيم الحراك مظاهرة ثالثة في رام الله اليوم، ضمن سلسلة فعاليات «للمطالبة برفع العقوبات الظالمة التي تفرضها السلطة الفلسطينية على غزة، والتي تهدف إلى تركيع الشعب الفلسطيني وكسر صمودهم»، بحسب بيان.
ودعا الحراك الجماهير الفلسطينية، إلى تحمل مسؤوليتها الوطنية والإنسانية تجاه إخوتهم في قطاع غزة، والضغط على السلطة لرفع «العقوبات» عنهم.
وكانت مسيرة كبرى جابت شوارع رام الله الأحد، للمطالبة برفع العقوبات عن غزة.
وشكلت المظاهرات مزيداً من الضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الحكومة رامي الحمد الله، من أجل التراجع عن قرارات سابقة اتخذت ضد غزة، شملت إحالة آلاف الموظفين في القطاعين المدني والعسكري إلى التقاعد الإجباري، وحسم نصف الراتب على الموظفين للشهر الثاني على التوالي.
وبدأت هذه الإجراءات بعد تعثر إتمام المصالحة قبل نحو عام.
ولم تتدخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية أو تحاول منع إقامة المظاهرات، بل تعهدت الحكومة الفلسطينية بحماية حرية الرأي، لكنها طلبت بتغليب خطاب الوحدة والمصلحة الوطنية العليا، «ورفض ونبذ حملات التخوين والتشهير وحملات التحريض وتشويه الحقائق». وأصدرت الحكومة بياناً حمل أول رد من نوعه على المظاهرات، استهجنت فيه «محاولات التضليل والافتراءات المزعومة لحرف الأنظار عن المسؤولية الحقيقية لمعاناة شعبنا في قطاع غزة، بهدف إرباك الرأي العام، واختزال كل المشكلات التي يعانيها قطاع غزة في مسألة الرواتب».
ورفضت الحكومة تبرئة الاحتلال من المسؤولية عن معاناة شعبنا في القطاع، بعد 11 عاماً من الحصار. كما رفضت تبرئة «الانقلاب الأسود» الذي قامت به حركة حماس، بما حمله من «فرض الإتاوات» التي أثقلت كاهل المواطنين.
وأوضحت الحكومة أن الحسومات التي يتم الترويج لها على أنها عقوبات مفروضة على قطاع غزة، هي «حسومات مؤقتة».
وقالت إن عدد الموظفين الذين يتقاضون 50 في المائة من الراتب، يبلغ 15 ألف موظف مدني، و20 ألف موظف عسكري، وإجمالي ما يتم إنفاقه في قطاع غزة شهرياً يبلغ 300 مليون شيقل (نحو 83 مليون دولار)، دون تحويل أي إيرادات من قطاع غزة للخزينة العامة.
وأضافت الحكومة أنها ملتزمة «بمسؤوليتها الوطنية والقانونية تجاه شعبنا في قطاع غزة».
وتطرقت الحكومة في بيان تفنيدي إلى دعم قطاعي الصحة والتعليم والإعانات الاجتماعية، وإعفاء سكان غزة من الضرائب والرسوم على مدار السنوات الماضية، إضافة إلى منح إعانات اجتماعية شهرية لأكثر من 70 ألف أسرة، وصرف مستحقات أسر الشهداء والجرحى، وكامل مخصصات التقاعد، وسدادها مبلغ مليار ومائة مليون شيقل لشركة كهرباء غزة، خلال السنوات الـ11 الأخيرة، وتغطية تكاليف التحويلات الطبية لأبناء قطاع غزة في المستشفيات الإسرائيلية التي تقوم الحكومة الإسرائيلية باقتطاعها من إيرادات المقاصة.
وقالت الحكومة إن «حقوق شعبنا محفوظة ومشمولة بالقانون، ولا يمكن المساس بها».
ودعت الحكومة الفلسطينيين إلى «الوقوف صفاً واحداً في مواجهة إصرار حركة حماس على وضع العراقيل والعقبات للحيلولة دون تمكين الحكومة من أداء مهامها، والقيام بمسؤولياتها كاملة بشكل فعلي شامل في قطاع غزة، وفقاً للقانون الأساسي وكل القوانين الصادرة في جميع القطاعات وفي مختلف المجالات دون استثناء، بما يشمل تسليم الوزارات والدوائر الحكومية، والسماح بعودة الموظفين إلى أماكن عملهم، وتسليم المعابر».
ولم تعطِ الحكومة موعداً لصرف رواتب موظفي القطاع.
وأرجع مسؤولون كثر، الأمر، في وقت سابق، إلى «خلل» مالي، أو أزمة مالية.
لكن متظاهرين ونشطاء ومراقبين رفضوا هذه الرواية. وقال الكاتب هاني المصري: «إذا كان عدم صرف الرواتب يعود إلى خلل فني أو عجز في الموازنة أو إلى أي سبب آخر، فلماذا لم يُوزّع الحسم على جميع موظفي السلطة؟». وأضاف: «هناك تساؤل يُطرح: ألم تكن موازنة السلطة لهذا العام تتضمن نفقات قطاع غزة، فعند إعلانها قال رئيس الحكومة، إن هناك ملحقاً لها يأخذ بالاعتبار سد تكاليف السلطة، في حال تحققت الوحدة، فكيف يكون هناك عجز في الموازنة وصل إلى عدم صرف رواتب موظفي السلطة في غزة، رغم عدم تحميل الحكومة أعباء جديدة، مثل رواتب الموظفين الذين عينتهم حماس؟».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».