تونس: «النداء» يقود ائتلافاً وطنياً لـ «إنقاذ الحكومة»

TT

تونس: «النداء» يقود ائتلافاً وطنياً لـ «إنقاذ الحكومة»

كشف المنجي الحرباوي، المتحدث باسم حزب النداء المتزعم للائتلاف الحاكم في تونس، وجود مشاورات سياسية حثيثة لتشكيل «ائتلاف وطني واسع للإنقاذ»، وقال إن هذه الجبهة السياسية «باتت أكثر من واجب وطني، بل ضرورة لتجاوز الخلافات السياسية».
وقال الحرباوي إن هذه المشاورات شملت الأطراف السياسية على اختلاف توجهاتها وأيديولوجياتها، في ظل الأزمة السياسية الحادة الناجمة عن توقف المشاورات حول مصير حكومة الوحدة الوطنية، التي يقودها يوسف الشاهد منذ نحو سنة وتسعة أشهر. مبرزا أن مهمة الائتلاف الوطني الجديد «تتمثل أساساً في التصدي للأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها تونس».
وفي معرض تقييمه لأداء الحكومة، انتقد الحرباوي الحصيلة الحالية بقوله إن الحكومة «لم تعد حكومة وحدة وطنيّة، بل أصبحت حكومة حركة النهضة». في إشارة إلى الدعم الكبير الذي باتت تلقاه حكومة الشاهد من قبل الحركة، التي تسعى إلى المحافظة على الاستقرار السياسي قبيل فترة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها خلال السنة المقبلة.
وكان عبد الحميد الجلاصي، القيادي في حركة النهضة، قد صرح بأن حزب النداء «هو المسؤول عن الأزمة، وهو يبحث عن كبش فداء قد يكون في شخص يوسف الشاهد، لكن هذا الأخير لن يكون كبش فداء كسابقه الحبيب الصيد».
وأوضح الحرباوي أن التعيينات الأخيرة التي نشرت في الجريدة الرسمية، والتي همت مواقع حساسة للدولة ومناصب إدارية هامة لفائدة حركة النهضة، مقابل دعمها ومساندتها للشاهد، جاءت في إطار خطة للتموقع والسيطرة على مفاصل الدولة، وفي وقت يعاني فيه البلد من انهيار مستمر للوضع الاقتصادي والاجتماعي، مما يشير إلى أن مهمة الائتلاف الوطني الأساسية ستنصب على التصدي لهذه الأزمات بالدرجة الأولى.
ويدعم حزب النداء والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) وحزب الاتحاد الوطني الحر خيار تغيير جذري في تركيبة حكومة الشاهد، بما فيها تغيير رئيسها. وفي المقابل تتمسّك حركة النهضة ببقاء الحكومة الحالية، لكن مع إدخال تعديلات جزئية على تركيبتها، بغية تحقيق استقرار سياسي، وهي تتفق في هذا التوجه مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (مجمع رجال الإعمال) واتحاد الفلاحين.
وكانت مجموعة من الأحزاب السياسية قد وجهت اتهامات إلى القيادات السياسية، خاصة داخل حزب النداء، بمحاولة تعطيل المسار السياسي، وذلك من خلال إصرارها على إعفاء يوسف الشاهد من مهامه للموافقة على الأولويات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة خلال الفترة المقبلة، وقالت مصادر مطلعة إن الهدف من هذا التعطيل هو التأكيد على وجود عدم استقرار سياسي في البلاد، وهو ما قد يجعل الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي يؤجل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة السنة المقبلة لمدة سنتين لتصبح في 2021.
على صعيد آخر، خلف التقرير النهائي للجنة الحريات الفردية والمساواة جدلا سياسيا واجتماعيا واسعا، في ظل تباين الآراء حول قضية المساواة في الإرث بين المرأة والرجل، وزواج المسلمة من غير المسلم.
ودعت بشرى بلحاج حميدة، رئيس هذه اللجنة، إلى حوار وطني معمق وهادئ ومسؤول حول هذه القضايا الحساسة.
وتضمن التقرير مقترحات حول الحضانة وشروط المهر عند الزواج، والحصول على ترخيص الأب عند زواج القاصر، إضافة إلى المساواة في قانون الجنسية، وإلغاء الفوارق في الميراث وفي شروط الزواج، علاوة على الواجبات الزوجية والنسب العائلي. لكن يبدو أن نقطتي المساواة في الميراث وزواج المسلمة من غير المسلم هما القضيتان اللتان ستستقطبان الكثير من الاهتمام والجدل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.