حزب مغربي ينتقد الزج بالمؤسسة الملكية في الصراعات السياسية

فتح تحقيق بشأن رفع شعارات احتجاج أمام الملك في طنجة

TT

حزب مغربي ينتقد الزج بالمؤسسة الملكية في الصراعات السياسية

انتقد حزب التجمع الوطني للأحرار المغربي بشدة شعار «ارحل»، الذي ردده محتجون ضد رئيس الحزب الوزير عزيز أخنوش، خلال افتتاح العاهل المغربي الملك محمد السادس الميناء الترفيهي بطنجة الخميس الماضي، ووصفه بـ«التصرفات المشبوهة».
وكان عدد من الأشخاص قد رفعوا شعار «أخنوش ارحل» عند مرور موكب الملك محمد السادس لافتتاح الميناء، وهو ما اعتبر حدثاً غير مسبوق في تاريخ المغرب.
وندد الحزب في بيان أصدره مساء أول من أمس بـ«هذا النوع من الممارسات اللامسوؤلة والمرفوضة، التي تستهدف في العمق إقحام المؤسسة الملكية في صراعات سياسية دنيئة ومقيتة»، وقال إنه تم «تجنيد أصوات محدودة، والسعي في محاولة يائسة لتقديمها على أنها شكل احتجاجي».
وأعرب الحزب عن «اعتزازه بالمؤسسة الملكية باعتبارها ثابتاً رئيسياً وأساسياً من ثوابت الأمة، وضامناً لاستقرار البلاد والمؤسسات، ورفضه المطلق الزج بها في تصفية الحسابات السياسية»، مشدداً على أن «مثل هذه المناورات لن تنال من عزم التجمع وإرادته في المضي قدماً خدمة للوطن والمواطنين».
ووضعت حملة المقاطعة، التي تستهدف منتجات 3 شركات، بينها محطة الوقود أفريقيا التي يملكها أخنوش، هذا الأخير في مرمى الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن تحول في نظر المقاطعين إلى رمز من رموز «الاحتكار والهيمنة»، لا سيما أنه رجل أعمال لديه استثمارات في عدة مجالات، كما يقول خصومه السياسيون إنه يستفيد من قربه من السلطة لمراكمة الثروة، وتوسيع نفوذه السياسي، خصوصاً بعد أن بات يهيئ نفسه لتولي رئاسة الحكومة المقبلة، إذا تصدر حزبه انتخابات 2021 بديلاً عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الذي كان يراد له قطع الطريق على حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، للفوز بولاية ثانية على رأس الحكومة. إلا أنه فشل في ذلك.
في هذا السياق، وعلاقة بحملة المقاطعة المتواصلة منذ ما يزيد على شهرين، عبر الحزب في بيانه عن «قلقه الشديد من تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، وانعكاساتها السلبية على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للمغاربة»، مؤكداً أن «المدخل الأساسي لمعالجة هذه الوضعية يتطلب مراجعة منهجية العمل من أجل ترسيخ جو من الثقة بين مكونات الأغلبية»، ودعا إلى «إبداع مبادرات قوية وشجاعة، من شأنها أن تنعش دينامية اقتصادية واجتماعية جديدة، قادرة على تقديم إجابات حقيقية لانتظارات المغاربة ومتطلبات المرحلة».
وكان محمد أوجار، وزير العدل المنتمي للحزب ذاته، قد أعلن فتح تحقيق في حادث رفع شعارات احتجاج أمام الملك بطنجة، وقال إن «المغاربة تاريخياً يحيطون المؤسسة الملكية وأنشطة الملك بكثير من التوقير والاحترام، ولا بد من الابتعاد عن الزج بالمؤسسة الملكية في الصراعات السياسية».
وأضاف أوجار خلال جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بمجلس النواب، التي عقدت أول من أمس، أن «ما حدث في طنجة غير مقبول ولا يمكن السماح به، والحكومة من خلال أجهزتها المختصة ستباشر التحقيقات الضرورية والقانون سيبلغ مداه».
وأشار أوجار إلى أنه لا بد من الاستحضار في الوقت نفسه بأن الحكومة «واعية بمستوى التذمر الاجتماعي، الذي يعبر عنه بوسائل مختلفة، وهناك إكراهات ومبادرات رائدة أيضاً، وستتعبأ الحكومة بمختلف وزاراتها للتجاوب الفعلي مع تطلعات الناس».
وتابع الوزير المغربي: «يجب أن تتفاعل جميع الهيئات، أغلبية ومعارضة، للانتصار للوطن، لأننا نواجه مرحلة دقيقة، ويجب أن نرتقي بما تتطلبه هذه المرحلة واستحضار الصالح العام لبلدنا».
كما أوضح أوجار أن الاختلاف السياسي والتنافس يجب أن يكون باحترام، وأن تترك المؤسسة الملكية بعيدة عن هذه الصراعات، مبرزاً أن الحكومة ستعلن في الأيام المقبلة «حزمة من التدابير، هدفها الأساسي التعامل الإيجابي مع تعبيرات الشارع ومطالب المواطنات والمواطنين».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.