بعد فشل المحادثات الأخيرة لإنقاذ سلسلة متاجر «باوند وورلد» البريطانية، أصبح مصير 5 آلاف وظيفة مجهولاً. ووفق ما نشرت شبكة «سكاي» نيوز أمس عن مصادر، من المقرر إعلان إفلاس السلسلة لتكون ثالث شركة تجبر على إغلاق أبوابها أمام زبائنها في المملكة المتحدة في الأشهر الثلاثة الأخيرة بعد «مابلين» و«تويز آر أس».
لكن يبقى هنالك بصيص أمل لموظفيها الذين يبلغ عددهم 5300 شخص، في حال توفرت جهة لشراء أجزاء مما سيتبقى من السلسلة بعد حلها.
وكان قد نوه خبراء الشهر الماضي بأن قطاع التجارة في بريطانيا يعاني إلى جانب منافسة البيع على الإنترنت، من ارتفاع تكلفة الإيجارات. كما تم تحذير المستهلكين الذين تراجعت عائداتهم العام الماضي بسبب ارتفاع التضخم المرتبط بتراجع قيمة الجنيه الإسترليني بعد تصويت البريطانيين بـ«نعم» في استفتاء «بريكست» لخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
وباشرت متاجر ضخمة مثل «ماركس آند سبنسرز» بإغلاق العشرات من فروعها، وتبعها «هاوس أوف فريزر» و«نيو لوك» وغيرها.
وشهد قطاع التوزيع البريطاني مشاكل كبيرة في الأسابيع والأشهر الأخيرة مع إفلاس شركة «كالفترون» المتخصصة بالألبسة، والفرع البريطاني لمتاجر الألعاب «تويز آر إس»، ومتاجر التجهيزات الإلكترونية «مابلن»، وشركة صناعة الأسرة «وورن إيفنز»، ما أدى إلى إلغاء آلاف الوظائف، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية الشهر الماضي.
ما سبب انهيار هذه المتاجر؟
متاجر «الكل شيء بجنيه» أو بريال أو دينار، لم تقتصر على بريطانيا فقط، بل غزت شوارع معظم الدول ومنها العربية. يستغرب من يرتادها بتنوع السلع المعروضة للبيع، ويشكك دائما بجودتها نظرا لثمنها الموحد، مهما كانت. من يرتادها غالبا يزورها بحثا عن «صفقة رابحة» في أمل شراء غرض بسعر خيالي، وهي ليست الوجهة عادة للتبضع وتموين المطبخ أو خزانة المنظفات.
الأمر قد يختلف في بريطانيا. متاجر «باوند وورلد» أو «عالم الجنيهات» افتتحت أبوابها في المملكة المتحدة في مطلع تسعينات القرن الماضي، وسرعان ما تزايد الطلب عليها فتزايد افتتاح فروعها في معظم المدن البريطانية. رآها المستهلكون ملاذاً زهيداً لشراء الأساسيات من مواد التنظيف والمستلزمات المنزلية، إلى ما لذ وطاب من الحلويات والشوكولاته التي عادة ما تكون أسعارها ليست بمتناول الجميع. ولهذا لاقى النموذج في بريطانيا نجاحا، كمية ونوعية.
لكن السنوات الأخيرة سجلت تباطؤا في نمو تلك المتاجر، واليوم تشهد البلاد على نهايتها المحتمة. وفي تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» على موقعها أمس، توفر ربيكا مارستون المراسلة الاقتصادية لدى الهيئة أربعة أسباب لذلك. الأول: جوهر تلك المتاجر وهو أن كل شيء بجنيه. تقول ربيكا إن ذلك كان مربحا سابقا خلال فترات المبيعات الكثيرة. حينها لم يكن مهماً للسلسلة إن كانت السلع قيمتها أقل أو أكثر من جنيه، لأن المشتري كان يتبضع بشراهة، ولكن ارتفاع الأسعار اليوم قضى على هذه العادة. السبب الثاني، وفقا للمراسلة هو تراجع قيمة الجنيه الإسترليني. معظم السلع المبيعة في تلك المتاجر مستوردة من الخارج، ومع تقارب فرق العملات الأجنبية مع الإسترليني الذي كان متصدرا سابقا، فإن حيز الربع تضاءل. وقد يكون السبب الثالث هو زيادة المنافسة خصوصا بعدما تعدد مالكو تلك السلسلات في بريطانيا «باوند وورلد» و«باوند لاند» وغيرها، ولجأت متاجر أخرى إلى جذب المشترين بتخفيض أسعارهم لتصل أقل من جنيه على بعض السلع. أما السبب الأخير، والأكثر أهمية هو التغير في المناخ الشرائي الذي تشهده المملكة المتحدة والعالم مؤخرا جراء صعود شهية الشراء الإلكتروني. التسوق الإلكتروني، خصوصا في فترة التخفيضات مغر جدا، والتوصيل المجان للسلع بات الجاذب الأساسي الذي توظفه «أمازون» وأخواتها.