جنى بو ذياب بريئة من «العمالة» وتتهم مسؤولاً فلسطينياً بـ{الفبركة}

TT

جنى بو ذياب بريئة من «العمالة» وتتهم مسؤولاً فلسطينياً بـ{الفبركة}

برّأ القضاء العسكري في لبنان الناشطة الاجتماعية جنى بو ذياب من تهمة التعامل مع إسرائيل، لعدم توفّر عناصر الجرم بحقها، وقرر إطلاق سراحها بعد مضي 7 أشهر على توقيفها.
وأعلنت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد حسين عبد الله، في حكم أصدرته منتصف ليل الأربعاء - الخميس، كفّ التعقبات القضائية السارية بحق الناشطة بو ذياب، وتبرئتها مما أسند إليها، وهي تهمة «التعامل مع الموساد، والعمل لصالح ضابط الاستخبارات الإسرائيلي سليم الصفدي، وتزويده بمعلومات أمنية»، حيث أفادت في جلسة المحاكمة الأخيرة في هذه القضية، بأنّ ملفها «جرى فبركته داخل السفارة الفلسطينية في بيروت». واتهمت مسؤولين في السفارة بـ«تركيب معلومات تفضي إلى تورطها بالتعامل مع الموساد الإسرائيلي، لأنّها كانت ترفض تجاوزات (حركة فتح) بحق الشعب الفلسطيني، والاستيلاء على الأموال التي تخصصها منظمة (الأونروا) للاجئين الفلسطينيين في لبنان»، بحسب قولها.
وقالت الناشطة بو ذياب وهي فتاة درزية لبنانية في العقد الثالث من العمر، إن «السبب الأهم لما وصلت إليه هو طلبي من مسؤولي السفارة الفلسطينية في بيروت، ضرورة التخلص من الإرهابي بلال بدر الذي يتحصّن داخل مخيم عين الحلوة، والذي ينفّذ اغتيالات وعمليات تصفية وتفجيرات ومعارك داخل المخيم، ويروّع المدنيين ويحولهم إلى ضحايا، لكن بدل التخلص من هذا الإرهابي جرى زجّي في السجن».
وكان بلال بدر تمكّن قبل ثلاثة أشهر من الخروج من مخيم عين الحلوة (جنوب لبنان) بظروف غامضة، والانتقال مع عدد من المسلحين التابعين له، إلى محافظة إدلب السورية، وأعلن في تسجيل مصوّر من هناك، أنه التحق بـ«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) للجهاد في صفوفها.
وخضعت الناشطة بو ذياب لاستجواب مفصّل حول علاقاتها بضابط الموساد الإسرائيلي سليم الصفدي، الذي كانت تتبادل معه الرسائل النصيّة عبر تطبيق «واتساب»، فأجابت: «كنتُ أتواصل معه كشخص مهتم بأوضاع اللاجئين، لكن عندما طلب مني معلومات أمنية وعرفت بهويته الحقيقية قطعت الاتصال به منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي»، مشيرة إلى أنها كانت تعمل على «توعية الشباب الدرزي بعدم الانخراط بالجيش الإسرائيلي أو الزواج من عناصره».
وأضافت: «لقد تفاجأت ببعض طلبات المسؤول الفلسطيني (أبو إيهاب) الغريبة، لذا قطعت علاقتي به، وهو ما استغله عدد من مسؤولي السفارة كدليل ضدي، فتمت فبركة ملف العمالة ضدّي بسبب تصرفات مسؤولي السلطة الفلسطينية غير المقبولة».
ومعلوم أن بو ذياب هي رئيسة لجمعية «معاً»، التي تعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين، وقد أُوقِفَت في منتصف (نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 من قبل شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وجرت إحالتها على القضاء العسكري واستُجوِبت أكثر من مرّة أمام المحكمة، حيث نفت خلال كلّ الجلسات السابقة التهمة المنسوبة إليها، وأعلنت أن المحققين الأمنيين هددوها بإلحاق الأذى بأهلها ما لم تعترف بتعاملها مع الموساد.
وفي ساعة متقدمة من ليل الأربعاء - الخميس أصدرت المحكمة العسكرية برئاسة العميد حسين عبد الله حكماً قضى بكفّ التعقّبات عن جنى بو ذياب لعدم كفاية الدليل، وإطلاق سراحها فوراً.
وفيما تعذر التواصل مع السفارة الفلسطينية لأخذ رأيها بهذه الاتهامات، أوضحت مصادر مقربة من السفارة لـ«الشرق الأوسط»، أن إفادة بو ذياب «مبنية على معلومات خاطئة وردتها من بعض الأشخاص فتبنتها وهي بعيدة عن الحقيقة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».