البعثة الأممية تحذر من خطر عودة «داعش» إلى ليبيا

قالت إن التنظيم ارتكب 4 عمليات خلال شهر في المكان ذاته

TT

البعثة الأممية تحذر من خطر عودة «داعش» إلى ليبيا

حذرت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا من عودة تنظيم داعش إلى البلاد التي تضربها الفوضى منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، بعد أن طُرد منها عقب اقتتال دام طويلاً في شرق البلاد وغربها.
وفي معرض إدانتها للاعتداء «الإرهابي» الذي استهدف قسم شرطة القنان جنوب مدينة أجدابيا (شرق ليبيا) الأحد الماضي، حثت البعثة الأممية الأفرقاء السياسيين على تجاوز الانقسامات من أجل قطع الطريق أمام عودة تنظيم داعش الإرهابي إلى البلاد مجدداً.
وتبنى التنظيم عملية استهداف قسم القنان بعد اشتباكات عنيفة، أسفرت عن مقتل سيدة و5 جرحى من أسرتها، بعد إضرام النيران في المقر والسيارات التابعة له كما نصبوا نقطة استيقاف على طريق (أجدابيا - جالو).
وأبدت البعثة الأممية في بيان، تخوفها من «تزايد عدد الاعتداءات الإرهابية في ليبيا بشكل مثير للقلق، وآخرها استهداف قسم القنان»، وقالت: «هذا الاعتداء هو الرابع الذي يتبناه تنظيم (داعش) في المنطقة ذاتها خلال شهر».
وقال الدكتور عمر غيث قرميل عضو مجلس النواب، عن مدينة الزنتان (جنوب غربي ليبيا) إنه «رغم الجهود التي يبذلها الجيش الوطني والقوات المساندة له في محاربة الدواعش ومحاولة الحد من خطرهم على البلاد والعباد، فإنهم يعتبرون ورماً خطيراً يهدد ليس ليبيا فحسب، بل المنطقة بأسرها، ولذلك وجب تكاتف الجهود لمحاربتهم والتنسيق بين الدول على جميع المستويات الأمنية حتى يتم القضاء عليهم».
وأضاف قرميل في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن الانفلات الأمني في ليبيا وعدم وجود حكومة مركزية قوية وتشتت جهود الأجهزة الأمنية وقلة الإمكانيات خلقت مناخاً ملائماً لهذا الورم الخطير بالانتشار السريع، لافتاً إلى أن هذا المناخ «أوجد تربة خصبة ينمو فيها (داعش) ويُفرّخ في مناطق كثيرة في شرق البلاد وغربها وجنوبها».
كما تبنى التنظيم في الثالث والعشرين من مايو (أيار) التفجير الإرهابي الذي استهدف بوابة الستين جنوب أجدابيا، والبوابة الشمالية لمدينة أوجلة.
ونقلت منصات إعلامية تابعة للتنظيم أن الانتحاري أبو أحمد المصري انطلق بسيارة مفخخة واستهدف عناصر الجيش الليبي في بوابة الستين، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى.
وسبق أن أعلن فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) تحرير مدينة سرت من تنظيم داعش، في عملية وصفها حينها بأنها تمثل «انتصارا لإرادة الليبيين على الإرهاب»، قبل أن يشير إلى أن «معركة سرت انتهت ولكن المعركة على الإرهاب لم تنته». كما أعلن الجيش الليبي بقيادة المشير خلفية حفتر تحرير مدينة بنغازي وما حولها من سيطرة المتشددين.
ووقع الهجوم على قسم القنان بأجدابيا رغم تحذيرات أمنية بتسرب رتل من السيارات تقل عددا من الإرهابيين إلى صحراء قرب مدنية جالو القريبة من أجدابيا.
في السياق، استغربت لجنة «تفعيل الأجهزة الأمنية» في سرت، من «تجاهل تحذيراتها ونداءاتها المتكررة بشأن خطر تنامي نفوذ تنظيم (داعش) في ليبيا».
وقالت اللجنة في بيان، مساء أول من أمس، إن «إغفال الجهات المعنية لتلك التحذيرات نجم عنه تنفيذ تنظيم (داعش) هجمات انتقامية زادت وتيرتها في كل من طرابلس ومصراتة وأجدابيا ثأرا لهزيمتة في سرت»، وطالبت اللجنة وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني «اتخاذ ما يلزم من إمكانيات، وصرف مستحقات منتسبيها المالية كي تستطيع مضاعفة جهدها للحد من تنامي التنظيم الإرهابي».
في شأن آخر، قالت البعثة الأممية إنها «أخذت علماً بجهود المصالحة بين مصراتة وتاورغاء، وتدعو جميع الأطراف إلى ضمان العودة الآمنة وبكرامة للنازحين وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان».
وأضافت البعثة في بيان نشرته عبر حسابها على «تويتر»، أمس، أنها «مستعدة لتقديم مزيد من الوساطة، ومواصلة تقديم المساعدة الإنسانية للنازحين».
وطلبت جمعية حقوقية ألمانية توفير حق العودة السريعة لـ48 ألف نازح من تاورغاء إلى ديارهم، بعد توقيع اتفاق مصالحة بين الطرفين، مساء الأحد الماضي. وقالت الجمعية الألمانية للشعوب المهددة المعنية بحماية حقوق الأقليات في مقرها بمدينة غوتنغن الألمانية، وفقا لـ«الصحافة الفرنسية» أمس، إن ميليشيات مسلحة كانت أعاقت عودة هؤلاء المواطنين إلى تاورغاء المدمرة في الأول من شهر فبراير (شباط)، الماضي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.