العاهل الأردني يكلف الرزاز تشكيل حكومة جديدة خلفاً للملقي

رئيس مجلس النقابات: نريد تغيير النهج وليس الأشخاص

TT

العاهل الأردني يكلف الرزاز تشكيل حكومة جديدة خلفاً للملقي

أقال العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي أمس الاثنين، بعد أربعة أيام من المظاهرات الصاخبة التي شهدتها في مدن أردنية عدة، احتجاجاً على قانون ضريبة الدخل. وأصدر العاهل الأردني مرسوماً يقضي بتكليف الدكتور عمر الرزاز، بتشكيل حكومة جديدة قد تتضح ملامحها خلال يومين.
والرئيس المكلف كان يشغل منصب وزير التربية والتعليم في الحكومة السابقة.
وكان العاهل الأردني طلب من رئيس الوزراء المقال هاني الملقي، الحضور إلى مكتبه أمس في قصر الحسينية، حيث طلب منه تقديم استقالته هو ووزراء حكومته.
وذكرت مصادر حكومية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الملقي عاد إلى دار رئاسة الوزراء، بعد اجتماعه مع الملك لنحو عشر دقائق، حيث التقى وزراء حكومته في جلسة وداعية، طلب منهم خلالها، تقديم استقالاتهم ووضعها بين يدي الملك.
وعزا العاهل الأردني الوضع الاقتصادي الصعب في بلاده إلى الأوضاع الإقليمية. وقال خلال لقاء مع صحافيين وكتاب، مساء أمس، إن «الأوضاع الإقليمية المحيطة بالأردن من انقطاع الغاز المصري الذي كلفنا أكثر من 4 مليارات دينار، وإغلاق الحدود مع الأسواق الرئيسية للمملكة، والكلف الإضافية والكبيرة لتأمين حدودها، كانت وما زالت السبب الرئيسي للوضع الاقتصادي الصعب الذي نواجهه، إضافة إلى أنه يجب أن نعترف أنه كان هناك تقصير وتراخٍ لدى بعض المسؤولين في اتخاذ القرارات، وأن هذا التقصير تم التعامل معه في حينه، حيث تم إقالة مسؤولين وحكومات بسببه».
وأشار إلى أن «الأردن واجه ظرفاً اقتصادياً وإقليمياً غير متوقع، ولا توجد أي خطة قادرة على التعامل بفعالية وسرعة مع هذا التحدي»، معتبراً أن بلاده «تقف أمام مفترق طرق، إما الخروج من الأزمة وتوفير حياة كريمة لشعبنا، أو الدخول، لا سمح الله، في المجهول، لكن يجب أن نعرف إلى أين نحن ذاهبون».
وأوضح أن المساعدات الدولية للأردن انخفضت «رغم تحمل المملكة لعبء استضافة اللاجئين السوريين... هناك تقصير من العالم». وأكد وقوفه «دائماً وأبداً إلى جانب الشعب»، وأنه يقدر حجم الضغوطات المعيشية التي تواجه المواطن. وقال إن «المواطن معه كل الحق، ولن أقبل أن يعاني الأردنيون».
وقال إن مشروع قانون ضريبة الدخل «جدلي»، مشدداً على ضرورة «إطلاق حوار حوله، إذ إن كل الدول في العالم مرت وتمر بمثل هذا التحدي». وأضاف أن «حماية محدودي الدخل والطبقة الوسطى والعمل على تشجيع الاستثمار يجب أن تكون من أولويات المسؤولين».
وكان الأردن شهد مظاهرات خلال الأيام الأربعة الماضية، احتجاجاً على قانون ضريبة الدخل ورفع أسعار المحروقات النفطية، وعلى سياسة الحكومة الاقتصادية الجبائية التي أرهقت جيب المواطن.
ومن المنتظر أن ينتهي الرئيس المكلف من تشكيل الحكومة الجديدة خلال ثلاثة أيام، بعد الاجتماع مع أعضاء مجلس النواب ومجلس الأعيان والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني.
وفي رد على إقالة الرئيس الملقي وحكومته، قال رئيس مجلس النقباء علي العبوس، إن تغيير الأشخاص في الحكومات ليس هدف النقابات، وإنما يجب تغيير النهج الاقتصادي.وأضاف العبوس في تصريحات للصحافيين، أن شروط النقابات واضحة، وتتمثل في تغيير النهج الاقتصادي الذي سارت عليه حكومة الملقي، ووقف العمل بمشروع قانون ضريبة الدخل والخدمة المدنية. وأشار العبوس إلى أن النقابات تسعى لتلمس تغيير جذري وواضح وليس فقط إزاحة شخص ووضع شخص في مكانه، وأكد أن الاعتصام ما زال قائماً غداً.

- بروفايل: رئيس الحكومة المكلف أكاديمي واقتصادي بارز
الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة الدكتور عمر الرزاز، هو ابن الطبيب أحمد منيف الرزاز. وهو من السياسيين العرب المعروفين. وكان قد انضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1950، وأصبح أمينا عاما له سنة 1965، وانتخب الرزاز سنة 1977 أميناً عاماً مساعداً لحزب البعث في العراق، ونُحّي عن موقعه عام 1979، وفرضت عليه الإقامة الجبرية مع زوجته لمعه وابنته زينة، إلى أن توفي وهو قيد الإقامة الجبرية في بغداد، سنة 1984 في عهد صدام حسين. وبناءً على وصيته الوحيدة، تم دفنه في الأردن، وعاش ابنه عمر الرزاز مع شقيقه الكاتب الروائي الأردني، مؤنس الرزاز ووالدته في عمان.
ويحمل الرئيس المكلف درجة الدكتوراه في التخطيط من جامعة هارفارد، بتخصص فرعي في الاقتصاد درجة ما بعد الدكتوراه، من كلية الحقوق من الجامعة نفسها.
وشغل عمر الرزاز مناصب عدة قبل أن يصبح وزيرا للتربية والتعليم في حكومة الملقي، منها:
 - رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي ورئيس لجنة تقييم التخاصية في الحكومة الأردنية.
 - رئيس مجلس الأمناء في صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، ورئيس منتدى الاستراتيجيات الأردني. وقاد الرزاز الفريق الوطني المسؤول عن إعداد استراتيجية التوظيف الوطنية 2011 - 2012.
 - وكان الرزاز شغل منصب مدير مكتب البنك الدولي في لبنان 2002 - 2006، وتشمل خبرته في البنك الدولي مجالات تنمية القطاع الخاص وتمويل البنية التحتية. كما شغل منصب المدير العام لمؤسسة الضمان الاجتماعي في الأردن ما بين 2006 و2010.
والرزاز أستاذ مساعد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، في برنامجي التنمية الدولية والتخطيط الإقليمي.
وهو عضو في العديد من مجالس إدارة المنظمات الخاصة والمنظمات غير الربحية، ولديه عدد من المنشورات في المجلات المحكّمة. وكان اختير لمنصب وزير التربية والتعليم في حكومة الملقي من 14 يناير (كانون الثاني) 2017 إلى يوم صدور مرسوم تكليفه أمس، 4 يونيو (حزيران) الحالي.

 



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».