هجوم فلسطيني عنيف على واشنطن «المفلسة أخلاقياً»

الرئاسة ترد على «الفيتو» الأميركي: صفقتكم ستبقى حبراً على ورق

مانديلا مانديلا (الثاني من اليمين) حفيد الرئيس الراحل لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا يشارك مع مئات المتظاهرين في مسيرة داعمة للفلسطينيين ومستنكرة طريقة تعامل إسرائيل معهم في مدينة ديربان أمس (أ.ف.ب)
مانديلا مانديلا (الثاني من اليمين) حفيد الرئيس الراحل لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا يشارك مع مئات المتظاهرين في مسيرة داعمة للفلسطينيين ومستنكرة طريقة تعامل إسرائيل معهم في مدينة ديربان أمس (أ.ف.ب)
TT

هجوم فلسطيني عنيف على واشنطن «المفلسة أخلاقياً»

مانديلا مانديلا (الثاني من اليمين) حفيد الرئيس الراحل لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا يشارك مع مئات المتظاهرين في مسيرة داعمة للفلسطينيين ومستنكرة طريقة تعامل إسرائيل معهم في مدينة ديربان أمس (أ.ف.ب)
مانديلا مانديلا (الثاني من اليمين) حفيد الرئيس الراحل لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا يشارك مع مئات المتظاهرين في مسيرة داعمة للفلسطينيين ومستنكرة طريقة تعامل إسرائيل معهم في مدينة ديربان أمس (أ.ف.ب)

شنت السلطة الفلسطينية هجوماً واسعاً على الإدارة الأميركية بعد استخدامها حق النقض (الفيتو) في وجه مشروع قرار كويتي أمام مجلس الأمن يطالب بتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتعهدت بمواجهة أي مشاريع أميركية للسلام في المنطقة.
واتهم الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، الإدارة الأميركية باختبار قدرة الموقف العربي، قائلاً إن «الموجة الأميركية المتصاعدة المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني، التي كان آخرها تكرار استعمال «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي، وتصريحات مندوبيها (مندوبي الولايات المتحدة) المرفوضة، تؤشر إلى أن الاحتمالات القائمة ليست خياراً بل هي اختبار لقدرة الموقف العربي الموحد في مواجهة تحديات المرحلة الصعبة الحالية والقادمة».
وأضاف أبو ردينة أن «استمرار السياسة الأميركية الداعمة للاحتلال واستيطانه المخالف لكل قرارات الشرعية الدولية، لن يزيد الشعب الفلسطيني وقيادته إلا إصراراًً على التمسك بالثوابت الوطنية، وسيُنهي أي بارقة أمل للخروج من الطريق المسدود الذي وصلت إليه العملية السياسية جراء هذه السياسة المعزولة عن بقية المجتمع الدولي».
وتعهدت الرئاسة بإفشال خطة السلام الأميركية التي يُطلق عليها أحياناً «صفقة القرن». وقال أبو ردينة إنه «أمام هذا الواقع فإن أي تسوية لن تكون مقبولة وقابلة للتطبيق من دون موافقة مباشرة للقيادة الفلسطينية ومؤسساتها، وأن أي محاولة للالتفاف على الموقف الوطني وتحت أي شعارات إنسانية، أو أي أفكار لتجزئة وتصفية القضية، ستبقى حبراً على ورق أمام هذا التماسك والصمود التاريخي الذي صاغ الموقف الوطني الفلسطيني».
وأردف: «الطريق الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم يتم فقط من خلال الالتزام بقرارات الشرعية العربية والدولية، المتمثلة بقرارات القيادة الفلسطينية، وقرارات المجالس الوطنية والقمم العربية، التي ستؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية بمقدساتها وتاريخها وتراثها».
وحذّر الناطق الرئاسي من «أن استمرار تجاوز الخطوط الحمر من أي جهة كانت، سيُبقي المنطقة بأسرها في مواجهة حريق دائم لا يمكن السيطرة عليه أو التنبؤ بنتائجه».
كانت الولايات المتحدة قد استخدمت مساء الجمعة «الفيتو» ضد مشروع قرار قدمته الكويت في مجلس الأمن، يطالب بتأمين حماية دولية للشعب الفلسطيني.
وحاز المشروع الكويتي تأييد 10 أعضاء (الكويت وكازاخستان وروسيا والصين وبوليفيا وبيرو والسويد وفرنسا وغينيا الاستوائية وكوت ديفوار) وامتنع 4 عن التصويت عليه (إثيوبيا وبولندا وهولندا وبريطانيا) فيما عارضته الولايات المتحدة فقط.
وقال مندوب الكويت: «إن عجز مجلس الأمن عن القيام بمسؤولياته سيفاقم من تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية». وأضاف أن «إسرائيل تظهر من جديد أنها دولة مستثناة من القانون الدولي». وأردف: «يتبين من جديد أن إسرائيل فوق القانون الدولي والمحاسبة، ونحن نأسف لعدم قدرة مجلس الأمن على تأمين الحماية للفلسطينيين».
وهذه ثاني مرة تستخدم فيها الولايات المتحدة «الفيتو» في غضون أسابيع قليلة ضد قرارات لصالح الفلسطينيين وضد العدوان الإسرائيلي.
وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، إن المسؤولين الأميركيين وسفيرتهم في الأمم المتحدة نيكي هيلي «يثبتون مرة أخرى ولاء أعمى لإسرائيل بتأجيل التصويت على القرار (الكويتي) وتقديم قرار بديل مبنيّ على الكذب والتضليل، وذلك بهدف إعفاء دولة الاحتلال من أي مسؤولية عن الانتهاكات الفاضحة وجرائم الحرب والقتل المتعمد الذي ترتكبه بحق شعبنا الأعزل». وأكدت عشراوي تقدير الشعب الفلسطيني وقيادته لأعضاء مجلس الأمن «الذين احترموا التزاماتهم القانونية والأخلاقية ووقفوا إلى جانب الحق والعدالة بتصويتهم لصالح قرار مجلس الأمن الذي يدعو إلى تأمين حماية دولية للشعب الفلسطيني ومساءلة ومحاسبة دولة الاحتلال على انتهاكاتها وجرائمها».
وشددت عشراوي على «أن الفيتو الأميركي الذي أشهرته مندوبة الولايات المتحدة في وجه الإجماع الدولي والشرعية الدولية ما هي إلا محاولة أخرى من قبل الإدارة الأميركية لتبرير خروج دولة الاحتلال على القانون الدولي والإنساني الدولي، وإضفاء الشرعية المطلقة على انتهاكاتها وجرائمها، وتوفير الغطاء القانوني والسياسي لممارساتها، وتشجيعها على مواصلة تدمير حياة الشعب الفلسطيني ومقدراته».
وأضافت: «إن هذا السلوك الأهوج من قبل أميركا يعكس سياستها المفلسة أخلاقياً ويجسّد غطرسة القوة التي تنتهجها لمواجهة منظومة القيم الدولية ويشكل ضربة أخرى قاسمة لمصداقية وعدالة المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة».
واستهجنت عشراوي موقف كل من المملكة المتحدة وبولندا وهولندا وإثيوبيا «الذين رضخوا للضغوط الأميركية وامتنعوا عن التصويت» على هذا القرار.
وطالبت عشراوي المجتمع الدولي بـ«التحرك بشكل فوري وعاجل للجم دولة الاحتلال، ومنعها من ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني الأعزل».
وفي القاهرة، أعرب أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، عن استنكاره الشديد لاستخدام الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) لإعاقة صدور قرار عن مجلس الأمن يدعو إلى توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، مشيداً بجهود الكويت، باعتبارها العضو العربي الحالي في مجلس الأمن، والمجموعة العربية في نيويورك، لاستصدار القرار.
وفي عمّان، أكد المجلس الوطني الفلسطيني أن الولايات المتحدة «باتت شريكة» للاحتلال الإسرائيلي في جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وبخاصة بعد حمايتها له أول من أمس في مجلس الأمن بممارسة حق النقض. واعتبر المجلس في تصريح صدر عن رئيسه سليم الزعنون أن «من يعرقل توفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني التي طالب بها مشروع قرار تقدمت به الكويت في مجلس الأمن، يعتبر شريكاً كاملاً لهذا الاحتلال الإرهابي



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.