الجزائر: اعتقال صحافي بسبب الإساءة لمسؤولين كبار

TT

الجزائر: اعتقال صحافي بسبب الإساءة لمسؤولين كبار

بينما اعتقلت سلطات أمن مدينة وهران بغرب الجزائر صحافيا بسبب علاقته بمصادرة كمية من الكوكايين في ميناء المدينة، احتجت صحافية جزائرية تقيم في بلجيكا على «محاولة تكميمها» على إثر اتصال سفير الجزائر لدى الاتحاد الأوروبي عمار بلعاني بمسؤولي الاتحاد قصد اتخاذ إجراءات ضدها، وذلك بسبب فيديو عد «مسيئا لرموز الدولة»، بثته من داخل مقرات الاتحاد.
واقتيد سعيد بودور ليلة أول من أمس من بيته بوسط وهران من طرف ثلاثة أشخاص بزي مدني إلى مركز الأمن المحلي. وفي الليلة نفسها تم نقله إلى العاصمة للتحقيق معه، بحسب زملاء له بمدينة وهران. وقال أحدهم، متحفظا على نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»: «دوافع الاعتقال مرتبطة بتصريحات لزميلنا لقناة (المغاربية)، حول حجز شحنة من الكوكايين بميناء وهران». علما بأن «المغاربية» تبث برامجها من لندن، وهي محظورة بالجزائر بسبب نبرتها الحادة لنظام الحكم في البلاد. ويرجح أن تصريحات بودور بخصوص علاقة مفترضة بين كمية الكوكايين المحجوزة في 29 من مايو (أيار) الماضي، وبين «مسؤولين كبار في البلاد»، هي السبب الرئيسي لاعتقاله.
يشار إلى أن بودور صحافي حر يكتب بمواقع إلكترونية إخبارية، واشتغل في وقت سابق لحساب صحف وفضائيات خاصة، منها قناة «الخبر» التي توقفت عن البث منذ عام تقريبا لأسباب مالية.
وتثير هذه القضية جدلا واسعا في الجزائر نظرا لحجم المخدرات المحتجزة (7 قناطير من الكوكايين). وطرحت تساؤلات قوية حول «قوة ونفوذ الأشخاص» الذين كانت لهم الجرأة لنقل هذه الكمية من أميركا اللاتينية، مرورا بميناء بإسبانيا. وندد صالح دبوز، رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، في بيان بـ«الأساليب القمعية في تعامل السلطات مع الصحافيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان». كما استنكر تنقل رجال الشرطة إلى بيت بودور يوم الجمعة ليلا، وهو يوم إجازة نهاية الأسبوع، وعندما يتحرك جهاز الأمن ضد أي شخص في يوم الإجازة، فغالبا ما يكون ذلك لأنه يشكل خطورة على الأمن العام.
وبحسب دبوز، فإن الصحافي بودور «ليس مجرما، وكان ينبغي أن ترسل الشرطة استدعاء مكتوبا إلى بيته، لا أن يتنقل رجالها بلباس مدني إليه لاعتقاله في جنح الظلام».
في السياق نفسه، نددت ليلى حداد، مراسلة التلفزيون الحكومي ببلجيكا سابقا، بسفير الجزائر لدى الاتحاد الأوروبي وبلجيكا ولوكسمبورغ، عمار بلعاني، على إثر مساع أجراها مع مسؤولي الاتحاد لمنعها من دخول مقره، حيث تشتغل مندوبة لوسائل إعلام مكلفة تغطية أنشطة مفوضية الاتحاد والبرلمان الأوروبي.
وجاء ذلك على إثر بثها فيديو من مكتب الصحافيين بالمفوضية، تهاجم فيه السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس وكبير مستشاريه، الذي اتهمته بـ«احتجازه» بحجة أنه «عاجز عن التسيير بسبب المرض، وتريدونه أن يترشح لولاية خامسة»، بمناسبة رئاسية 2019. وخاضت حداد في مواصفات الرئيس الجسدية، بناء على ظهوره في المدة الأخيرة وهو يتفقد مشروعات بالعاصمة، حيث بدا متعبا للغاية، ودعته إلى الرحيل عن الحكم. وقالت حداد بصفحتها بـ«فيسبوك» إن السفير الجزائري «واهم إن كان يعتقد بأن المسؤولين بالاتحاد الأوروبي سيستجيبون لمطلبه». ودافعت عن «حقها في التعبير».
وتتعامل السلطات بحساسية بالغة مع أي تصريح أو كتابة أو رسم، يتناول صحة الرئيس، ويوجد في السجن كثير من الأشخاص «المتورطين» في إطلاق صفات على الرئيس، لا تحبها الحكومة.
وحول هذه «الحادثة» نقلت وكالة الأنباء الجزائرية، تنديد السفارة ببروكسل، بـ«الاستغلال غير المقبول لرموز الاتحاد الأوروبي، ومقر البرلمان الأوروبي من أجل المساس بشرف وكرامة المؤسسات الجزائرية». وذكرت أن «صحافية مزعومة نشرت فيديو مهينا يمس شرف وكرامة مؤسسات الجمهورية الجزائرية». ووصفت الصحافية من دون ذكر اسمها، بأنها «عميل متأصل في التخريب والتفرقة»، في إشارة إلى مواقفها المعروفة في الأوساط السياسية والإعلامية من نظام الحكم. وذكرت السفارة أنها «تأسف على سلوك هذه الصحافية، التي ارتضت لنفسها تسخير صوتها وقلمها لخدمة قوى أجنبية معادية للجزائر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».