حملة في الساحل السوري على «رموز» ميليشيات النظام

TT

حملة في الساحل السوري على «رموز» ميليشيات النظام

شنت قوات النظام السوري حملة أمنية للقبض على «مطلوبين خطرين»، حيث شهدت مدينة اللاذقية وريفها مطاردات واشتباكات وإطلاق نار خلال اليومين الماضيين، بحسب مصادر أهلية في اللاذقية، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن دوريات انتشرت في الشوارع الرئيسية للمدينة، حيث يجري منع دخول أي مسلح إليها.
وذكرت مصادر إعلامية في اللاذقية أن دورية أمنية اشتبكت قبل أيام مع المطلوب مهند حاتم عند مدخل مدينة اللاذقية حيث قام الملاحق حاتم بإطلاق النار على عناصر الدورية وأصاب اثنين منها، وردت الدورية بإطلاق النار على المطلوب وأصابته إصابة مباشرة، ليتم إلقاء القبض عليه. وبعد أيام توفي متأثرا بإصابته.
أما المطلوب الآخر الذي هزّت قضيته محافظة اللاذقية فهو جعفر شاليش قريب الرئيس بشار الأسد، حيث تمت مداهمة مزرعته في بلدة القرداحة معقل آل الأسد. وأثناء المداهمة جرى تبادل إطلاق نار أصيب في قدمه خلاله رئيس قسم المباحث في الأمن الجنائي المقدم محمد كرم حمدان.
وتضاربت الأنباء حول الأسباب الحقيقية لشن النظام هذه الحملة الأمنية على عدد من الرموز يعدون من أهم الداعمين المحليين للنظام. وأشارت مصادر إلى أن الحملة جزء من عملية أكبر تستهدف رجل الأعمال البارز في الساحل السوري أيمن جابر مؤسس وممول أقوى الميليشيات الخاصة التابعة للنظام «مغاوير البحر» و«صقور الصحراء» اللتين اندمجتا مع «الفيلق الخامس» العام الماضي.
وأوضحت مصادر في اللاذقية أنها «جاءت على خلفية شكوك روسية بتورط جابر في إرسال طائرات مسيرة إلى قاعدة حميميم في اللاذقية». ويعد جعفر شاليش من ضمن المقربين إلى أيمن جابر.
وكانت قاعدة حميميم أعلنت قبل نحو أسبوعين أن «حوادث انتهاك أجواء قاعدة حميميم العسكرية لتنفيذ اعتداءات تخريبية تتم بمساعدة من قبل أفراد محليين» وتحدثت مصادر في اللاذقية عن أن الأجهزة الأمنية صادرت العتاد والآليات الخاصة بأيمن جابر، وتمت مداهمة المنازل والمقرات التابعة له، وجرت مصادرة أجهزة الكومبيوتر وأجهزة التخزين التي تحتوي على قاعدة بيانات أسسها منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، كما صدر قرار بالحجز على ممتلكاته وأمواله شمل زوجته وأقاربه من الدرجة الثالثة.
وأيمن جابر صاحب «الشركة العربية لدرفلة الحديد (إسكو)» في جبلة (35 كلم من اللاذقية)، ويرأس «مجلس الحديد والصلب» في سوريا، ولديه استثمارات في التعهدات والمقاولات، إضافة إلى مساهمته في «شركة شام القابضة»، واسمه مدرج في قائمة المشمولين بالعقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري.
يذكر أن جابر متزوج من ابنة كمال الأسد ابن عم الرئيس السوري ورئيس غرفة الصناعة والتجارة في اللاذقية.
وأشاعت الحملة الأمنية التي يشنها النظام في اللاذقية بعضا من الارتياح، بسبب ارتفاع معدلات ارتكاب جرائم القتل والسرقات والفساد. وكان شابان قتلا في ظروف غامضة بأحد المنتجعات، كما عثر على جثة رجل بالعقد السادس من العمر مقطعة وملقاة بالقمامة في منزله، إضافة إلى قيام مراهقين بسرقة منزل ومن ثم حرقه للتغطية على السرقة، وصولا إلى اعتقال مديري مراكز امتحانات الشهادة الثانوية العامة، على خلفية بيع الأسئلة للطلاب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.